باشرت فرقة الشرطة القضائية لدى المنطقة الأمنية الإقليمية بسيدي بنور، البحث والتحريات، وباستغلال أبسط المعلومات، علاقة بجريمة دم بشعة، اهتزت على وقعها أخيرا مدينة سيدي بنور. وكان الجاني تبخر لتوه في الطبيعة. إذ استعصى على المحققين الاهتداء إلى الوجهة التي قصدها، سيما أنه متشرد، ودون سكن قار، و"مقطوع من شجرة"، دون والدين وإخوة، وأقارب، قد يلجأ عندهم للاحتماء والاختباء. وقد قادت معلومات وصفت ب "الثمينة"، جراء استغلالها بالنجاعة والسرعة المطلوبتين، إلى اعتقال الجاني، صبيحة الأحد 30 دجنبر 2012، في المحطة الطرقية بإنزكان.
كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة والنصف من صباح الأحد 23 دجنبر 2012، عندما تلقت مصالح المنطقة الأمنية بسيدي بنور، خبر نازلة الضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض، كان مسرحا لها، شارع الحسن الثاني. عممت قاعة المواصلات المحلية برقية بواسطة الجهاز اللاسلكي، تفيد بضرورة التدخل والانتقال إلى مسرح الجريمة (...). تفاجأ المتدخلون الأمنيون بشخص مضرج في بركة من الدماء، تجمهر حوله العشرات من الفضوليين. باشرت فرقة الشرطة القضائية، وعناصر مسرح الجريمة، المعاينات، والتحريات الميدانية، في غياب الفاعل الذي كان تبخر في الطبيعة. استجمع المحققون إفادات شهود عيان على النازلة الإجرامية، ضمنهم بائع متجول ل"سيكوك". لم تتأخر سيارة الإسعاف في الوصول إلى عين المكان، حيث عملت على نقل الضحية، في حالة صحية حرجة، إذ فارق الحياة على متنها (سيارة الإسعاف). على إثر وفاة الضحية، جراء نازلة الضرب والجرح، بواسطة السلاح الأبيض، انتقلت الضابطة القضائية إلى المستشفى، حيث عاينت جثة الهالك، وعملت على استكمال إجراءات البحث، وإيداعها (الجثة) في مستودع الأموات.
منذ الدقائق الأولى، شنت الدوريات الراكبة والراجلة التابعة لفرقة الشرطة القضائية والأمن العمومي بالمنطقة الأمنية الإقليمية لسيدي بنور، حملات تمشيطية مكثفة وواسعة النطاق، استهدفت مختلف الأحياء السكنية، ومداخل ومخارج المدينة، والدواوير والتجمعات السكنية المتاخمة لها، وضربت طوقا أمنيا، بحثا عن مرتكب جريمة القتل، الذي تم تحديد هويته. فيما تكلفت فرق أخرى بمراقبة الطرق الوطنية والجهوية والثانوية، في جميع الاتجاهات، في دائرة ترابية خارج المدار الحضري، زاد قطرها عن 50 كيلومترا.
صباح السبت الماضي، توصل المحققون إلى معلومات "ثمينة"، مفادها أن الجاني يتردد على المحطتين الطرقيتين بأكادير وإنزكان. تحت الإشراف الفعلي لرئيس المنطقة الأمنية، العميد الممتاز عبد الغني عقيدة، تشكل فريقان أمنيان من خيرة الضباط والمفتشين، على رأسهما الضابط الممتاز الحسن المرابط، رئيس فرقة الشرطة القضائية، حيث انتقلوا مساء السبت الماضي، على متن سيارات غير مميزة، إلى مدينتي أكادير وإنزكان، وضربوا حراسات أمنية ثابتة ولصيقة، شملت فضاءات المحطتين الطرقيتين المستهدفتين بالتدخل الأمني، والذي كان المراقب العام نورالدين السنوني، رئيس الأمن الإقليمي للجديدة، يتابع أدق تفاصيله وإجراءاته، ويمد عناصر الفريقين بتوجيهاته العملية والميدانية، وطريقة التحرك في دائرة العمليات، وتحديد ساعة الصفر، لاعتقال الهدف المتحرك. في حدود الثانية من صبيحة الأحد الماضي، وجد الجاني نفسه محاصرا من جميع المنافذ، حيث انقض عليه مطاردوه من رجال المنطقة الأمنية، وشلوا حركته، ليستقدموه مصفد اليدين إلى سيدي بنور، حيث وضعته الضابطة القضائية تحت تدبير الحراسة النظرية من أجل البحث وإحالته على الوكيل العام بمحكمة الدرجة الثانية بالجديدة، على خلفية "القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد".
وتجدر الإشارة إلى أن فرقة الشرطة القضائية لدى مفوضية سيدي بنور، التي تمت ترقيتها، السنة الماضية، إلى منطقة أمنية إقليمية، تمكنت من فك ألغاز 4 جرائم قتل، كانت مدينة سيدي بنور مسرحا لها، خلال السنوات الأخيرة. حيث تم بالمناسبة تحديد هويات الجناة، والاهتداء إليهم، واعتقالهم، في ظرف وقت قياسي، وذلك تحت الإشراف الفعلي لرئيس المنطقة الأمنية، العميد الممتاز عبد الغني عقيدة.