أكدت الفنانة الصحراوية رشيدة طلال، أن الأغنية المغربية تعيش تراجعا خطيرا، مشيرة إلى أن الشباب يعيد التجارب الناجحة ويكررها دون إضافة. وقالت رشيدة طلال ، خلال مشاركتها في سهرة السبت الماضي بمنتجع مزاغان، "إن الأغنية الحسانية كانت تغنى في البيوت والحفلات العائلية وكانت محظورة على النساء ومرفوضة من طرف شيوخ القبائل." واختتمت رشيدة طلال تصريحها، بالحديث عن تجربتها السينمائية مع فاطمة بوبكدي واعتبرتها تجربة ناجحة بكل المقاييس. وفيما يلي الحوار.
* كيف هو حال الأغنية المغربية بشكل عام؟ * الأغنية المغربية في نظري تعيش حالة احتضار حقيقية. لم يبق من الأغنية المغربية سوى الذكرى. الشباب الذي يتعاطى للأغاني يعيد التجارب الناجحة ويكررها دون إضافة. الفنانون الذين نجحوا خلال العشر سنوات الأخيرة يعدون على رؤوس الأصابع. * ما هو السبب في رأيك؟ * السبب في رأيي يعود إلى غياب صناعة خاصة بالأغنية. ليس لدينا سياسة فنية تهتم بصنع الفنانين بشكل عام والمطربين بشكل خاص. لا نتوفر على منتجين ومستثمرين في الفن. ففي لبنان مثلا يصنعون المغنيين. كل يوم يطلع فنان جديد ويأتي إلى المغرب ليأخذ التصريح بشهادة ميلاده. ما يحدث في المهرجانات أكبر دليل ما أقول. لا ألوم منظمي هذه المهرجانات، الجمهور يفرض هذه الأسماء. حدث في بعض المناسبات أن حضرت لتظاهرة فنية كبيرة. كانت هناك خشبتان، واحدة ينشطها فنانون مغاربة قليلة الحضور والثانية من تنشيط فنانين أجانب كانت مكتظة حد الاختناق. * هل المشكل يتعلق بالإمكانيات المادية ؟ * لا ليس الأمر كذلك، ففي المغرب الاستثمار في الفن يعد مغامرة. وأصحاب رؤوس الأموال يخافون من ولوجه ويفضلون الاستثمار في العقار وفي العمارات ولا يعرفون أن الفنان أفضل لهم من ذلك. حتى إذا ما عبر البعض من الأجانب الاستثمار في الفن، فإنهم يحذرونه من دخول هذا العالم وينذرونه بالفشل والخسارة. * وماذا عن الأغنية الحسانية ؟ * الأغنية الحسانية إلى وقت قريب لم تكن موجودة، كانت فئة قليلة من المجتمع الصحراوي تغنيها في الأعراس والحفلات العائلية وكانت محظورة على النساء. في بداية السبعينيات ظهر الفنان الناجم وغني أغاني كثيرة منها "حسنا ياليلا" و"خليني عنك خليني". الفنان الناجم أخرج الغناء الصحراوي إلى الشارع والبوادي وانفتح عليه عامة الشعب وبدأوا يرددون هذه الأغاني ويقيمون حفلات عمومية مؤثثة بأغاني صحرواية مما شجع الشباب على الاحتفاء بالأغنية الحسانية. * كيف ولجت عالم الأغنية بصفة عامة ؟ * عندما ظهر برنامج نجوم الغد، كنت أول فنانة صحراوية أشارك فيه ولجت عالم الغناء. هذه كانت انطلاقتي الحقيقية. خرجت عن المألوف والعادة. الحمد لله أنني كسرت هذا القيد رغم معارضة الأسرة والمجتمع. استطعت الخروج من الصحراء وتمكنت من فرض ذاتي وعشت في العاصمة. وصل صدى طيب إلى أهلي وعائلتي من خلال حصولي على جوائز كثيرة، بالإضافة إلى التطور الحاصل في الفكر والمجتمع الصحراوي من خلال خروج الطلبة وشيوع القنوات الفضائية والحفلات. فخلال مشاركتي في عملية انتقاء الأصوات بالصحراء، فوجئت بإقبال كبير لشيوخ صحراويين من قبائل محافظة، كانوا يرفضون الغناء، بوجودهم رفقة بناتهم رافقوهن من أجل المشاركة في عملية الانتقاء وهذا اعتبره أكبر نجاح لي وللأغنية المغربية عامة والحسانية خاصة. * وماذا عن تجربتك السينمائية ؟ * للحقيقة والتاريخ فأنا ولجت عالم الغناء من باب التمثيل، كنت في بدايتي أعمل مع شركة مكلفة بتصوير أفلام وثائقية عن المرأة الصحرواية ومجالات اشتغالها اليومية. ومن ثمة اختارني المخرج عبد الله المصباحي لتقاسم البطولة مع مجموعة من الفنانين المغاربة والأجانب، منهم نور الشريف ورغدة في فيلم "الثلاثية المقدسة". كانت هذه تجربة أولى. ولكن التجربة الثانية من خلال فيلم فاطمة بوبكدي "دموعك أفريحة" كانت تجربة حقيقية وأعتبرها البصمة الحقيقية في مجال التمثيل، كانت لدي بطولة مطلقة. في الأول كنت متخوفة فالسيناريو مكتوب بالدارجة وكان مفروضا ترجمته إلى الحسانية وكنت متخوفة ألا أقوم بترجمة الصور الشعرية. وكان موضوع الفيلم يتطرق لأول مرة إلى موضوع معاناة المرأة داخل مخيمات تندوف. رصدت له إمكانيات مهمة، مادية وبشرية وتم انتقاء الوجوه بعناية فائقة فهو أقرب إلى الحقيقة منه إلى السينما. كانت فترة التصوير صعبة جدا. وحصلت على نسبة عالية من النجاح حسب المشاركين في الفيلم. * كانت هذه تجربة ثانية، هل أنت مستعدة لقبول الدخول في تجارب أخرى؟ * لا مانع لي إن كانت بنفس المستوى. ففيلم "دموعك افريحة" كان قريبا من وسطي وقريبا مني. * ما رأيك في الأغنية الشبابية أو أغنية الساندويتش؟ * هي تجربة كالتجارب السابقة. ففي السبيعينات ظهرت موجة ناس الغيوان وجيل جيلالة والمشاهب. كان هناك تأييد ومعارضة وصمد أصحابها وخلقوا جمهورهم وتواصلت التجربة ونجحت. التجربة الحالية هي مرحلة، سيحكم عليها التاريخ بالفشل أو النجاح، فإذا ما استطاع أصحابها إقناع المستمعين والجمهور بأحقيتها وحضورها، فإنها ستستمر وإذا كان العكس فإنها ستتراجع وستزول كما تزول الفقاعات. * مسقط رأس الفنانة رشيدة طلال؟ * أنا فنانة صحراوية من المغرب، عقلي في طنجة وقلبي في مراكش وجوارحي في وجدة أنا واحدة من المغرب وواحدة من ساكنة المغرب أعشق ترابه وماءه وأتفيأ بظلاله. ولا أسمح لأي واحد المساس بأمن وأمان هذا البلد الطيب. لو كانوا يعرفون معنى النوم في أمان وطمأنينة. كل شيء متوفر لهم. لو عاشوا في الظلام تحت أزيز الانفجارات التي يعيشها مواطنو العراق وسوريا والسودان لعلموا بقيمة العيش في أمن وأمان وطمأنينة. أجرى الحوار: أحمد ذو الرشاد (الجديدة)
في سطور: الاسم والنسب: رشيدة طلال خريجة برنامج نجوم الغد من أغانيها: "الضرورة لها أحكام" و"كم تذكرت" و"ما عندك نصيب" من افلامها: "الثلاثية المقدسة" لعبد الله المصباحي " دموعك أفريحة" لفاطمة بوبكدي