في سابقة قضائية بارزة، أصدرت غرفة الجنح التلبسية بالمحكمة الابتدائية بالجديدة، نهاية الاسبوع الماضي، أحكامًا مشددة في عدد من ملفات السرقة الموصوفة، وصلت في بعض الحالات إلى عشر سنوات سجناً نافذاً، في خطوة تؤشر على تغيير واضح في منهج التعامل مع هذا النوع من القضايا. الجلسة التي وصفت ب « الرادعة » برئاسة القاضي الأستاذ خالد سكان، قرّرت تكييف الوقائع وفق فصول القانون الجنائي الخاصة بالسرقة الموصوفة، مع تطبيق ظروف التشديد المرتبطة بالعود، الليل، والتعدد، ما أدى إلى إصدار عقوبات رادعة تتجاوز السقف المعهود في مثل هذه القضايا. وخلال الجلسة، شددت النيابة العامة، على أهمية تشديد العقاب في مواجهة تصاعد الجرائم ضد الممتلكات، معتبرًا أن هذه الإجراءات تأتي في سياق تفعيل السياسة الجنائية الهادفة إلى تحقيق الأمن العام وتعزيز الردع الخاص والعام. اللافت في هذه الأحكام هو أنها تجاوزت النهج القضائي السابق الذي كان يميل إلى التخفيف، حيث لم تكن العقوبات في قضايا السرقة الموصوفة تتجاوز سنتين في أغلب الأحيان. أما اليوم، فقد أقرت المحكمة عقوبات انطلقت من ثلاث سنوات وحتى عشر سنوات، حتى في حالة "محاولة السرقة"، ما يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في كيفية التعاطي مع هذا النوع من الجرائم. وقد أعادت هذه الأحكام القوية إلى الأذهان ممارسات قضائية سابقة اشتهرت بالحزم والصرامة، وتحديدًا تلك التي عُرفت بها أحكام الراحل الأستاذ القاضي نورالدين الفايزي، المعروف بلقب "اللحية"، الذي كان لا يتوانى في إصدار أقسى العقوبات، بما في ذلك أحكام الإعدام، حين تستدعي الوقائع ذلك، حفاظًا على الأمن العام وهيبة العدالة. هذا ويعتبر الاستاذ القاضي خالد سكان نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالجديدة من الكفاءات القضائية التي تحضى بثقة الاستاذ القاضي محمد ايت حماد رئيس المحكمة الابتدائية بالجديدة. ويرى متابعون للشأن القضائي أن هذه الأحكام تحمل رسالة واضحة مفادها أن القضاء لن يتساهل بعد اليوم مع الأفعال الإجرامية، خاصة تلك التي تهدد أمن وسلامة المواطنين. كما أنها تمثل تأكيدًا على دور العدالة في ترسيخ سيادة القانون، واستعادة ثقة المواطنين في المنظومة القضائية. في ظل تزايد حالات السرقة الموصوفة خلال الأشهر الأخيرة، تبدو هذه الخطوة بمثابة إعلان صريح عن انخراط القضاء في معركة مواجهة الجريمة بحزم ومسؤولية، وتكريس هبة العدالة كركيزة أساسية في ضمان استقرار المجتمع.