كشفت مصادر من داخل المؤسسة البرلمانية ل"الجديدة24" عن جانب كبير من المداخلات التي قدّمها رئيس مجلس المستشارين والأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال يوم دراسي في موضوع: "آليات الرقابة البرلمانية على السياسات العمومية في مجال الأمن"، وذلك كرد غير مباشر على تحريف تصريحاتهما من طرف الموقع الإخباري الشهير. أما بخصوص الرد المباشر، حسب مصدر من المؤسسة التشريعية دائما، فقد تمثل في توجيه رئاسة مجلس المستشارين لبيان حقيقة إلى الموقع الإخباري المذكور، لتنبيهه إلى خطورة تحريف تصريحات رئيس المجلس، وتقديمها بشكل فاقد للمهنية، وتضمينها لاتهامات ومزاعم منسوبة لمؤسسة وطنية مكلفة بإنفاذ القوانين. وفي سياق متصل، كشف مصدر أمني ل"الجديدة24" أن المديرية العامة للأمن الوطني كانت قد أطلعت المؤسستان التشريعية (مجلس المستشارين)، والحقوقية (المجلس الوطني)، على المغالطات الكثيرة التي تم إقحامها في المقالات التي نشرها الموقع الإلكتروني، والتي تضمنت اتهامات ومزاعم منسوبة لعناصر وجهاز الأمن، دون أن تكون هذه التصريحات قد صدرت عن أي طرف، لاسيما وأن ممثل عن المديرية العامة للأمن الوطني كان حاضرا في هذا اليوم الدراسي، وقدّم عرضا مُسهبا حول تطبيقات حقوق الإنسان في الوظيفة الشرطية. وكانت المديرية العامة للأمن الوطني، يردف المصدر الأمني، قد توصلت هي الأخرى بمراسلات من مؤسسة البرلمان، ومن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تؤكد فعلا أن الموقع الإخباري تناول وقائع وفعاليات اليوم الدراسي المذكور، بطريقة غير سليمة، وبكيفية مشوبة بالتحريف، ولا تتسق إطلاقا مع الأعراف والأخلاقيات والضوابط المهنية التي تؤطر مهنة "صاحبة الجلالة". وتأتي هذه الردود والمواقف الرافضة، في سياق تداعيات نشر الموقع الإخباري لتصريحات مغلوطة، تتضمن اتهامات لمصالح الأمن، مع نسبتها لرئيس مجلس المستشارين، وللأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وذلك قبل أن يتبين بأن هذه التصريحات كانت عبارة عن انطباعات شخصية واستنباطات ذاتية لكاتبها، ولم تصدر عن أي متدخل في اليوم الدراسي الذي احتضنه مجلس المستشارين، يوم الخميس 25 ماي المنصرم، في موضوع "آليات الرقابة التشريعية على السياسات العمومية في مجال الأمن". إن توقيت نشر هذه الاتهامات والمزاعم، وطريقة تقديمها بشكل سريالي، لا يمكن أن يكون اعتباطيا، أو يعزى إلى مجرد "نزق صحفي"، يبحث صاحبه عن سكوب إعلامي، بل إن تحريف الكلام عن مواضعه، وإطلاقه في سياق زمني مدروس جيدا، لا يمكن أن يكون وليد الصدفة أو تفاعلا آنيا مع معطى معين. وكما هو معلوم "فالسياق هو الذي يعطي معنى للأشياء"، والسياق الحالي مطبوع بدينامية اجتماعية، تحركها أحداث الحسيمة، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد، جازما، بأن تحريف التصريحات بتلك الطريقة والكيفية، إنما يروم صبّ الزيت على النار! أي تأجيج الوضع، ومحاولة تصوير القوات العمومية في صورة الممتهن لكرامة وحقوق الإنسان. وليس الموقع الإخباري الشهير، هو وحده من قام بالتقاط هذه الأحداث لتحريف التصريحات والحقائق، وترويج المزاعم والادعاءات. فمنتدى آخر أيضا، يرتبط مع موقع الإخباري المذكور ارتباطا عضويا وهلاميا، بدليل أن مدير نشر الموقع هو الناطق غير الرسمي باسم المنتدى! فالمنتدى خرج ببلاغ حول أحداث الحسيمة، مفعم بالقانون، لكنه في نفس الوقت يفتقد إلى أبجديات القانون. فالمنتدى، يؤاخذ على الوكيل العام للملك بالحسيمة "عيب الاختصاص النوعي"، بدعوى أنه باشر إجراءات من اختصاص وكيل الملك، جاهلا (أي منتدى الكرامة) أن وكيل الملك يمارس الدعوى العمومية، تحت مراقبة الوكيل العام للملك (المادة 39 من قانون المسطرة الجنائية)، وأن هذا الأخير هو رئيس النيابة العامة، والساهر على تطبيق القانون الجنائي، في مجموع نفوذ محكمة الاستئناف، والتي تضم في نطاقها اختصاص مجموعة من وكلاء الملك. وبتعبير أبسط، تعميما للفائدة، "إذا حضر الماء بطل التيمم". مرة أخرى، يسقط المنتدى في فخ القراءة الحرفية للنص القانوني، وعدم الفهم العميق لفلسفة وإرادة المشرع. فعندما يقول بأن مدة الحراسة النظرية لا يمكن أن تتجاوز ثلاثة أيام، باحتساب التمديد، فذلك ينمُّ عن جهل واضح بالقانون، وذلك على اعتبار أن الفصل 206 من القانون الجنائي الذي استدل به منتدى الكرامة في بلاغه، وبالرغم من استعماله لعبارات "التجنيح التشريعي"، إلا أنه يحيل صراحة على الفقرة الرابعة من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، التي تعتبر مدة الحراسة النظرية في جرائم المس بالسلامة الداخلية للدولة، هي 96 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة. وبصرف النظر عن هذه التراجعات في الفهم القانوني للمنتدى، والتي لو فتحنا معه باب التفسير القانوني للولاية النوعية والاختصاص الترابي للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لوجدنا أنه يجدّف بعيدا عن التيار التشريعي. ولذلك، سنطرح معه فقط بعض التساؤلات من قبيل: إن منظومة حقوق الإنسان هي كلّ لا يتجزأ، وهي منظومة كونية وعالمية. فلماذا سكت المنتدى، عندما كان الزفزافي ومن معه يرفعون رايات الانفصال، ويعادون ويعتدون على من يطالب برفع العلم الوطني؟ أليس هذا انتهاكا لحق من الحقوق الأساسية للمواطن؟ ولماذا لم يصدر المنتدى بلاغا، عندما أخل الزفزافي بالحق في المواطنة، ووصف باقي مناقضيه في الرأي ب"العياشة" و"البلطجية"؟ أليست هذه التوصيفات القدحية، بمثابة اعتداء لفظي ومساس صارخ بحقوق فئات أخرى من المجتمع؟ قد يجيب المنتدى: "أنا في هذه الحالة لسان حال نشطاء الحراك، وليس ناطقا بلسان من يحملون فكرا مناقضا"، ونحن بدورنا نقول له: "الجمعية الحقوقية هي ضمير الأمة كلها، وليس ضميرا فئويا لجماعة دون أخرى". لكن، ليست هذه هي المرة الأولى التي يزيغ فيها المنتدى عن كونية وشمولية حقوق الإنسان، فقد سبق له أن انبرى متسرعا لتحميل عناصر الشرطة مسؤولية وفاة الفقيد محسن فكري، قبل أن يظهر لاحقا بأن عناصر الأمن لم تتقاطع مهمتها مع تلك الوفاة الأليمة إلا في محضر معاينة الأسماك المحظور صيدها، والتي تورط فيها سائق محسن فكري وليس هذا الأخير. وتبقى المعاينة الأكثر تسجيلا على بلاغات المنتدى، وتحليلات فرعه الإعلامي (الموقع المعلوم)، هي المراهنة على كلمات ومفردات من قبيل (الأمن/ الشرطة/ اعتداء شرطي/ تجاوزات موظف أمن....الخ)، وذلك للرفع من المبيعات والزيادة في قيمة الأسهم ضمن بورصة المزايدات على المؤسسات الوطنية.