ما دفعني إلى كتابة هذه الأسطر المتواضعة ما قرأته وتناولته أنامل الأستاذ هادي جلو مرعي وتطرقه إلى موضوع غاية في الأهمية وهو موضوعة كرة القدم وانشغال مجتمعاتنا كافة بهذه اللعبة من صغار وكبار شيبا وشبابا نساءا ورجالا ,, لم اتفق مع الأستاذ هادي في جملة واحدة وهي أن تجول في أذهاننا وان كانت مجرد فكرة عابرة وهي التفكير في سقوط طائرة فريق كروي كبير يحبه أو لا يحبه وان كان تعبيرا طارئا مر مرور الكرام عليه ولكن كما يقال غلطة الشاطر بألف يا أستاذ هادي . انتقاء المواضيع من قبل الأستاذ هادي رائع وتمس واقعنا المتخلف , ولكن ما أريد قوله هو الإسهاب في شرح أسباب هذا التخلف الموجود في طريقة تشجيعنا والحب والعشق الجارف المفاجئ لكافة الشرائح الذي طرق أبواب قلوبنا نحو الكرة المستديرة فعشاقها وأحبائها القدامى والحديثين العهد معروفون لا يحتاجون للتعريف بهم , والسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي دعا أن يزداد معشقوها ومحبوها ويهيموا في كرتنا هياما وغراما ؟؟ كنت حاضرا إحدى المباريات الكروية في إحدى محافظات الشمال العراقي وجالسا على مصطبة مع مجموعة من أصدقائي من محبي كرة القدم حين جلس بقربي رجل في الخمسينات من العمر , وبادرني بالسؤال عند بداية المباراة يا أخي أين فريق الأكراد الذي سيلعب مع فريق العرب لأشجع فريقي ضدهم !! لم استغرب ما طرحه المشجع الولهان بالكرة المستديرة والذي بادرني بل وصدمني بسؤاله الثاني من هذا الذي يلبس اللباس الأسود داخل الساحة هل هو معنا أم ضدنا !! هذا ما لاحظته أيضا عند التقائي بأحد المشرفين عن الشأن الرياضي هناك عند فوز فريق أربيل بدوري الكرة العراقي في حينه , قائلا لي هل تابعت ما حققه شبابنا الكورد بنيلهم كاس الدوري الممتاز , إنها مفخرة لنا جميعا أن فاز الأكراد بالدوري العراقي وهي مفخرة لنا ولكووردستان !! فتمتمت قائلا سيدي الكريم أين نحن و الأكراد من هذا , وإدخالنا للعصبية القومية حتى في الرياضة التي لم الم المشجع الساذج عليها , وأردفت مكملا هذا حدث رياضي لا علاقة لأي قومية وعنصرية وأحزاب في الرياضة ولا تمت بالرياضة بصلة لا من قريب ولا من بعيد , للعلم وللتذكير انه في حينه عندما فاز الفريق( القومجي) والعهدة في القول للمشرف الرياضي وليس لي لم يكن ضمن تشكيلة الفريق سوى لاعب أو لاعبين من مكونه الذي تشدق به , قائلا أننا صنعنا الفوز والنصر المبين على المكون الآخر .. لا زلت متابعا جيدا للأحداث الرياضية وممارسا لهوايتي المفضلة الأولى وهي كرة القدم وهي حقا لعبة ورياضة لها اكبر شعبية عالمية وتستقطب اكبر المتتبعين والممارسين لها في مشارق الأرض ومغاربها وباتت اللعبة تدر المليارات على الدول المتقدمة بإقامة البطولات العالمية المختلفة كبطولة كاس العالم وأمم أوربا وأمم آسيا وأفريقيا , لا بل وباتت اللعبة في الدول المتحضرة والديمقراطية كالولاياتالمتحدة وأوربا عموما محورا مهما لبعض مشاهير اللاعبين مثل الفرنسي من أصل جزائري زين الدين زيدان والبرازيلي رونالدو و المشاهير من قدماء اللاعبين كبلاتيني واوزبيو وزيكو , و للقيام بأنشطة إنسانية وخيرية كإقامة مباريات خيرية لمساعدة المنكوبين نتيجة الزلازل في هاييتي مثلا والمرضى المصابين بمرض الايدز والمعوقين من ذوي الاحتياجات الخاصة ونشاطات إنسانية كثيرة أخرى . تحولت كرة القدم كما قال الأستاذ هادي جلو شغلا شاغلا للسياسيين والفقهاء , السياسيون جعلوها تحزبا ومصالح ووسيلة دعاية لأحزابهم وزيادة نفوذهم , والفقهاء المتراكضون لتقبيل أيادي آلهتهم التي تعبد من دون الله , وهم ينتقدون على المنابر انشغال الشباب بممارسة كرة القدم ومشاهدتها من قبل محبي المستديرة , هذه العملية برمتها خلقت ازدواجا لدى مجتمعاتنا وباتت المستديرة مخدرا وأفيونا آخر يضاف إلى قائمة المخدرات التي تتعاطاها مجتمعاتنا على أيدي الحكام والفقهاء ويخلقوا جوا ومزيدا من التشتت الذهني بين حب وعشق حقيقي للعبة وزيف وتجارة تطيل بقائهم وتسلطهم على رقاب الشعب المسكين , ومنهم صاحبي المشجع الذي جلس بقربي! كرة القدم في الدول الأوربية والديمقراطية عموما ليست بمعزل عن السياسة تماما بل قد يتدخل كبار الرؤساء في شان الرياضة وخاصة عند المحافل الدولية وهذا ما شاهدناه مثالا عند منح دولة قطر شرف استضافة نهائيات كاس العالم لعام 2022 وتدخل الرئيس باراك اوباما في انتقاد الاتحاد الدولي لكرة القدم حول منح واستبعاد الولاياتالمتحدة من شرف التنظيم والتي تشير بعض التقارير أن قطر مارست كل الوسائل لنيل بطاقة ترشيحها وسخرت كل إمكاناتها المالية للغرض ذلك , والشيء نفسه حصل في الاعتراض القانوني للذي تناوله الأعلام الرياضي وتقديم العراق اعتراضا قانونيا حول مشاركة اللاعب البرازيلي ايمرسون (مارسيو باسوس دي البوكويرك) وعدم قانونية مشاركته مع الفريق القطري أثناء التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010 التي أقيمت في جنوب أفريقيا , بعد التأكد من مشاركته ضمن فريق ناشئة البرازيل واحتجاج الاتحاد الأسيوي ورفض الطلب العراقي , بذريعة عدم دفع العراق لرسوم الاعتراض ضمن المدة القانونية واكتفت بقرار استبعاد اللاعب من تشكيلة الفريق الأميري . كلنا شاهدنا كيف كانت مشاهد الأزمة السياسية التي حصلت بين مصر والجزائر وشاهدنا كيف استغلت السلطة الحاكمة في كلتا الدولتين أحداث اللقاءات الثلاثة الحاسمة بين مصر والجزائر , والسودان الذي شاركت حكومتها أيضا واستغلت الأحداث أحسن استغلال بعد استضافتها للمباراة الحاسمة بين الفريقين والتي عقبتها أحداث عنف مأساوية , بل وجعلوا من بعض مشجعي الطرفين الجزائري والمصري عناصر تخريب مشحونة بالحقد والعنصرية ضد بعضهم البعض , حتى وصل الأمر إلى تشكيل خلية أزمة في الجزائر وتدخل فخامة الزعيم المفدى الله يطولنه في عمره على قول الممثل عادل إمام , الرئيس الخالد حسني ونجله جمال في الأزمة , وتم شحن وتسخير جميع وسائل الإعلام في البلدان الثلاثة لشحذ الخطاب العنصري ودفع بعض السذج للقيام بأعمال عنف وتدخل فقهاء التخدير في تخدير العقول .. هذا ما كان يفعله نظام البعث ألصدامي ولازالت أحزاب داخل العراق تنتهج نهجه في شحذ الخطاب العنصري والقومجي وتستغل الكرة المستديرة بمؤازرة وعاظهم , أتذكر كيف أعطت اللجنة الاولمبية بإشراف عدي المقبور , موافقتها للعديد من الأندية وأوعز بتشكيلها تدعمها شخصيات حزبية بارزة كاندية ارارات وبيرس ومتين ودهوك والسليمانية وزاخو ووو , ولكي لا يؤخذ احدهم علي مأخذا أنني ضد ممارسة كرة القدم التي اعشقها فعلا , ولكن باتت الرياضة عموما وكرة القدم خصوصا وسيلة لشغل العقول وزيادة قوة الأحزاب والحكام , وهذا احد أسباب فرار مئات الشباب شهريا من الإقليم والذي يصفه المسئولون بجنة الله على الأرض , والعكس صحيح حيث لا برامج ولا قوانين وتشريعات ولا مؤسسات تخدم وتراعي حقوق هؤلاء الشباب بل أصبحت ملاعب كرة القدم التي انتشرت هناك يحتكرها شخص أو شخصان ولا مجال لمنافسة احد لهم في البناء او التسعيرة !! ولا تتوفر أي خدمات فعلية حقيقية لممارسة هواية الشباب في هذه الملاعب بل على العكس حيث لا توجد مرافق صحية وحمامات صحية بل تدفع للساعة الواحدة مبلغ قدره أربعون ألف دينار , فتخيلوا يرعاكم الله ريع هؤلاء المفسدين شهريا وكم سيتحصل من هؤلاء الشبيبة الذين عشقوا الكرة وهؤلاء يتاجرون بها , على عكس ما وجدته في كمب للاجئين وأؤكد داخل الكمب فكل شيء متوفر للاجئين دون استثناء , مباريات وتجهيزات وتوفير كل شيء أثناء المباراة من عصائر ومياه معدنية وفاكهة وحمامات ومرافق يتوفر فيها كل شيء دون أن تدفع شيئا .. لا زلت أتذكر كيف تحولت العديد من المباريات ضمن دوري المحافظات الشمالية وبين فرق المحافظة الواحدة إلى أعمال شغب وعنف في شمال العراق بين أندية زاخو ودهوك واربيل والسليمانية وسميل وارارات وبيرس ومتين وو القائمة تطول ولا زالت هذه الإحداث تتكرر هذا نادي المحافظ والآخر لرئيس الأركان وذاك لطرزان وذاك وذاك , وقد لا تحل المشاكل وتستفحل ألأمور بين المسئولين أنفسهم ويقع ضحية هذه المسرحية بعض السذج والبسطاء ويودعوا إلى السجون , وننتظر تدخل الرئيس شخصيا مباشرة كما كان حاله في مصر والجزائر , ويقول كن فيكن , والعزة لله جميعا !!! الدول المتحضرة تفرض ضرائب ضخمة على الأندية الكبيرة وتقوم هذه الأندية بتمويل نفسها بنفسها وقد يشارك بعض المسئولين في أسهم داخل هذه الأندية تحت رقابة وعين الحكومة التي ستحصل على ضرائب من دخل هذه الأندية الكبيرة التي أصبحت مؤسسات تدير نفسها , على سبيل المثال نادي مانجستر يونايتد الذي قد تصل وإرادته السنوية إلى ما يقارب المليار ونصف المليار دولار أمريكي سنويا ويمتلك مؤسسة ومجمعا رياضيا ومنشئات متكاملة . كرة القدم وحل الاتحاد العراقي والانتخابات وموقع إجراءها كان سجالا ونزاعا حاضرا بين المشرفين على إدارة كرة القدم في بغداد واربيل وبات المشهد اقرب إلى وسيلة دعائية لا غير , لبقعة وإقليم من العراق بل وحتى إقامة المباريات الدولية والأنشطة الرياضية التي تستغل كل الإمكانات المالية والإعلامية لتوجيه ولفت الأنظار إلى منطقة محددة من العراق , ومع دخول مدينة البصرة وبقوة إلى دائرة الأضواء وترشيحها لاستضافة خليجي 21 , مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الجماعات الإرهابية تستغل كل حدث لخلق التوتر في بغداد بل وحتى البصرة . الأندية العراقية العريقة كالزوراء والشرطة والكرخ وكما خبرنا وشاهدناها كل لها شعارها الخاص وأعلامها الخاصة فالنوارس بلونها الأبيض والشرطة بأعلامها الخضراء والطلبة الأنيق بالأزرق الداكن ,, أما حال أندية اربيل ودهوك فتجد الأعلام الحزبية وأعلام الإقليم (الممتد عبر تركيا وايران وسوريا) منتشرة وتتناولها أيدي المشجعين المنضوين ضمن خلايا المنظمات الحزبية والتي تتحرك بإشارات مسئولين لهم اليد الطويلة في جميع أحداث الشغب التي تحصل بين فرق في دوري محلي أو على مستوى الأندية والدوري العراقي الممتاز . الطغاة يستغلون كل شيء في سبيل بقائهم وتنامي نفوذهم , وهذا ملا لاحظناه في دورة الخليج عندما رفع بعض المشجعين المندسين والمدفوعين الأجر ضمن حشود مشجعي الفريق العراقي ليحملوا صور المقبور صدام .. لنكون حكاما ولا نكن فقط مشجعين ولاعبين نمارس الرياضة والمستديرة خصوصا , وقد حان الوقت أن نقول أن من يسير أمور المستديرة في العراق وغير العراق من دول سيطر فيها الأمراء والطواغيت (مع تقديرنا لبعض الأخوة العراقيين من الرياضيين الذين يعملون بكل تفاني وإخلاص ) استحقوا الكارت ألأصفر ولكثرة أخطائهم ومخالفتهم للقوانين فأنهم استحقوا الكارت ألأحمر وحان الوقت لنطرد كل من يتلاعب بورقة الكرة المستديرة والرياضة عموما في مجتمعاتنا إلى خارج نطاق ألأنشطة وأسوار المدينة الرياضية , لأن الرياضة وبكل معنى الكلمة هي عبارة عن حب وطاعة واحترام , وليس فسادا وحزبية ومصالح وإجرام ... محمود غازي سعد الدين بلجيكا البريد الألكتروني: [email protected]