شتاء مد َّرِواقه في نهار بارد،ألْقى بسحابه في وجوم محدق يبوح بأسرارها في سماء غرفة قديمة تآكلت جدرانها من الانتظار لأمد يزيد على مئات الآمال المترجية من عمرها في أن، تَحُبْ أوان تُحَب ْ،وذلك كان رمقها الأخير. تقبع على كرسي هزاز قريب من نافذة الغرفة تخيط بصمت في مِئزر لها لم يكتمل بعد ،تلتمس ملاذا للخلاص، بلا أصوات تقرأ الصمت بجوار جدار صار مأوى، وشاهد ُاليأس على جور الأيام التي شطرت روحها. تحتضنها الغرفة في عمق دار،قد أقترن ببركة قريبة شبه آسنة لَبسَت البِلى وتَعطّلت ْ في أن تبقى متناهية في الحصانة، أقعد حِيطانَها (الغرفة) زمن بائس ليس لتلك المرأة أو لأي امرأة أخرى ولكن، للقدر سلطان. تمر الساعات في نهار طويل ،وهكذا كان يومها يتنهد الأصيل ساحبا شمسه في ترنح متخذة هي الأخرى(الشمس) الارتحال عنه فرضا،لتنطوي بصفرة خافتة في حدتها وراء مساء أكتحل بسهاد قلق. جاء المساء وكعادتها،جالسة تدون برفق .. يستنطقها القلم بحروف معلولة وورق يخاطب خواطر تحتج على صراخها المُكتَّف، وفي أكثر الأحايين يتوشح وجهها الذي خلق من طين من أطراف الأرض بغيوم ممتلئة بالطل الذي ينزل من حدقتيها المتسعتين بهدوء مفروض، طل يجد له مسارات على وجنتيها الحالمة بلمسة من فواضل الحنان، حالها حال الأخريات (سؤال تردد لأكثر من مرة في نفسها) .تترك المئزر لبرهة.. تبقى مع القلم الذي لم يفشي سرها أو يذعه لأي كائن بري في هذا المدار، ولا حتى عن ميلادها الذي شارف على الأربعين توا ً. يستدير الكون ليلف ذلك الحلم وتلك الرؤى بين مساءا ته الضحلة دون شريك معاشر على حافة القمر. هي تكابد في صبر مكلوم بمعية القلم الزاخر بالتدوين المخبوء على حافة الطاولة المتهرئة، وثمة مئزر لم يكتمل بعد القلم صار شريكها و بكل تكهناتها لأعوام مضت هرست أنوثتها . تدون به كل الهنيهات التي تمتص الحب منها، قوة لها، على أمل الرجاءات التي باتت تطوق خوفها. بهمة علا جنَاحُها: - أريد أن أحب، اعشق وأهوى ، (قالتها بنفس وخاطرتنعم بثقة كبيرة في فيها( بعد كل هذا الاطمئنان،تتمزق الصور في ذهنها يبدو أن الملكة قد وقعت في خوف من صورة اللعين الذي يلوح لها من النافذة انه يفزعها. تحاول الانسحاب، تتردد تكاشفها الهواجس بصراحة و بنطق ساذج غير بعيد عن صيغة الحنان، ،صارت أقرب إلى زجاج النافذة، تطل عليه مكتشفة،وزفيرها يتكاثف على الزجاج القريب من أنفها (مسترسلة): - ليس سوى شحاذ يلوذ في آخر الليل في إحدى المحطات. يا لأكتشافاتى في التشكيك بمقدرتي على الحوار مع ذلك الصمت والتنقيب في مقدرات نفس قد ضاقت بها الأرض بعد أن رحبت. تغلق الستارة التي أجهدتها الأعوام بجانب الملكة المخلوعة، فصارت هي الأخرى هشة في تماسك نسيجها المتشنج تلك الستارة أسفر الليل عن سواده ،يترك فسحة الكون إلى بياض النهار في الصباح ،كانت تمتطي الدروب تحت أقدامها وصلت الموقف، جلست بانتظار الباص. - قال لها : أركبي صعدت الحافلة ، الحافلة تسير والمناظر غير واقفة انفتح عليها، بادلته النظرة، تمتد الجسور ليبقى التواصل ماسكا ما يمكن إمساكه في مخاض عاجل وفي قرارة نفس شغلتها عن المكان ،(هل أجالسه لأستضيف أساريرنا؟) كانت تنادي فتى أملها دعاها الفتى إلى النزول ،أتبعت هواه في السير التفتت نحو الأمل سارت باتجاه الحقيقة ولكن صوتا ما غير مهذب كان يصرخ خلفها يشد بيديه على كتفيها بأصابع من فولاذ استوقفها، قاطع التذاكر: – لم تدفعي ؟ بذهول تأكل أصابعها ،تبحث في حقيبتها السوداء المتآكلة كأحلامها: – لكنني أضعت الحافلة،إنها ليست حافلتي. يتركها متشككا. تصعد إلى شقتها المتكونة من غرفة واحدة بعد أن ضاع منها ذلك الخيط الذي سترقع به تلك الثقوب والتمزقات في برودة مساءاتها لتلك الستارة البالية وربما كان يصلح لذلك المئزر أيضا. ضاع؛ أثناء حديثها مع قاطع التذاكر الأحمق، تنتظر المساء في غرفة تأكل بأنيابها جوف الصمت تتحدث مع الصمت لاتكل ولاتمل: - كم نمتلك من القدرة على السكوت، أو النطق لأفكار تسيج تصوراتنا التي سكنت في سعة ذاتية، أيتها المخلوقة ياروحى ،ياحمالة الصبر،لا أستطيع العيش بدونك، هاهو حواري ينسج مع الصمت حضوراً رائعاً ،ليكمل غزله ككل المساءات دون نشيج، وصباحا ستكون جعبتي بعهدتك أيتها الروح ،لنلتقي ثانية تروضيني على الإنصات ، فأهديك هذياني في مساءات الأسرار المباحة،بعيدا عن الشمس في مخزون أوفر لهلاك يمزق مِئزري . عايدة الربيعي كركوك