تشكل الانتخابات الجماعية والجهوية، ليوم رابع شتنبر 2015، ركيزة جديدة في مسلسل ترسيخ ديموقراطية مغربية شاملة في مقاربتها نحو الانفتاح، وحيوية من حيث هدفها لتمهيد الطريق نحو جهوية متقدمة، في إطار مشروع جلالة الملك محمد السادس لبناء مجتمع حداثي. وستكون هذه الانتخابات مناسبة من أجل إطلاع العالم أجمع، مرة أخرى، على قوة وحيوية الديموقراطية المغربية، الغنية بتنوع قواها الحية، والتي انخرطت في مسار لا رجعة فيه نحو إصلاحات على جميع الأصعدة. وتتميز هذه "الثورة الجديدة"، التي أرادها جلالة الملك، بطابعها المغربي الأصيل، الذي يضفي عليها بعدا استباقيا أكثر طموحا في إطار التزام بالتعددية الوطنية، كما ستبقى وفية لنهج تتويج تاريخ عريق من الثورات السلمية المستمرة عبر الزمن. ولقد كانت الفلسفة الملكية وراء إطلاق مشاريع رائدة، لعل من أهمها إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة لطي صفحة ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي توجت بالمصادقة الشعبية على الدستور الجديد سنة 2011، الذي اقترحه جلالة الملك على الشعب المغربي. ويسعى الدستور الجديد، الذي تجري في إطاره انتخابات 4 شتنبر، إلى ترجمة الطموح المتجدد لتعزيز مبادئ الديموقراطية التشاركية واحترام ثوابت تنمية مستدامة وشاملة على أرض الواقع. وجاء القانون الأسمى ليؤكد مرة أخرى على مسلسل الإصلاحات المتواصلة الذي انخرط فيها المغرب، عبر إعطائه دفعة جديدة تؤكد طابعه الذي لا رجعة فيه. وتعتبر الانتخابات الجماعية والجهوية مناسبة لتجديد عزم المملكة على المضي قدما في درب تفعيل المشروع المجتمعي الحداثي، حيث يتبوأ نموذج الجهوية المتقدمة مكانة بارزة، إلى جانب السياسة الجديدة للهجرة، واستراتيجية مكافحة الفساد، فضلا عن النقاش الدائر حول القانون المتعلق بالولوج إلى المعلومة. بواشنطن، يرى عدد من المراقبين أن هذا الموعد الانتخابي بمثابة "تجسيد للقيادة المتميزة والحكيمة لجلالة الملك بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". وفي هذا السياق، أكد السيد دوف زاخيم، نائب كاتب الدولة الأمريكي الأسبق لشؤون الدفاع بين 2001 و 2004، أن "هذه الانتخابات الهامة جاءت لتعكس مرة أخرى حيوية ودينامية الديمقراطية المغربية تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك". كما سلط هذا المسؤول الأمريكي الأسبق الضوء على الإصلاحات الجوهرية الجاري تنفيذها والتي همت مختلف مكونات المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن رؤية جلالة الملك وضعت المملكة في مصاف البلدان الصاعدة. من جانبه، قال بول جوردان، الخبير المتخصص في الشؤون التشريعية بالكونغرس الأمريكي، إن الانتخابات الجماعية والجهوية تشكل "محطة حاسمة في مسلسل لا رجعة فيه للديمقراطية والإصلاحات الجوهرية بالمغرب". وأوضح السيد بول أن "الاقتراع المقبل يعد خطوة جديدة في مسلسل لا رجعة فيه لتعزيز المؤسسات الديمقراطية وإقرار لامركزية السلط، ومنح مزيد من الصلاحيات للمنتخبين المحليين في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة". وأبرز الخبير الأمريكي، في هذا السياق، "حيوية ودينامية الديمقراطية المغربية التي ترتكز على القيم الأساسية للتكامل والتوازن بين الجهات في إطار الوحدة الترابية". وذكر الخبير بأن جلالة الملك محمد السادس أوضح، في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى ال 62 لثورة الملك والشعب، "التحديات والخيارات والفرص كما أبرز أهمية هذه الاستحقاقات" ، مشيرا إلى أنها تعد بالنسبة للمواطنين المغاربة، الواعين بأهمية أصواتهم، مناسبة لاختيار ممثلين على قدر من المسؤولية. ويوجد المغاربة اليوم على موعد مع استحقاقات انتخابية حاسمة في مسار بناء الصرح الديموقراطي المغربي، في سياق وطني يتميز بانتشار الوعي في صفوف المجتمع بضرورة مساهمة المواطن في تقوية المؤسسات الديموقراطية للبلد.