بعد نهاية مسيرتي الدراسية التي دامت خمسة عشرة سنة، من التحصيل العلمي و العناء من أجل الحصول على الامتياز، في مجمل الشواهد التي منحت لي من طرف مؤسسات التعليم في هذا البلد الكريم (إعدادية - ثانوية – جامعة) تساءلت مرات عديدة مع نفسي و مع أصدقائي في الدرب، عن جدوى خوض هذه المسيرة التي أخذت من عمرنا زمنا ليس بالهين، و لا البسيط فكانت الأجوبة غامضة و معقدة لأننا أدركنا أننا نسير في طريق لا نهاية له و لا بداية... و اليوم بعد مرور حولين كاملين من حصولي على الإجازة في البطالة بميزة مستحسن، فكرت في تخطيط بعض الكلمات التي أعبر من خلالها عن حجم المعاناة و المأساة التي أعيشها و يعيشها ألاف الحاصلين على الاجازة في البطالة مثلي، و اللذين كانوا فعلا في الماضي القريب أطرا تم تأطيرها و تكوينها داخل هذه المؤسسات التعليمية في بلدنا الكريم، ليصبحوا مشروع بطالة لا غير في المستقبل نعم لقد لفضتنا الجامعة المغربية بميزة حسن جدا الى الشارع، لنكون ضحايا من نوع أخر نعم ضحايا و الذنب الوحيد الذي اقترفناه في حياتنا انه كنا أصحاب حلم جميل، و هو أن نكون أطرا نساهم في بناء هذا البلد الذي يحتاج الى طاقات شابة مثلنا تعيد له شيئا من الأمل في التشييد و البناء ولكن العكس هو الذي حصل، فبعد التحاقنا بالشارع الواسع و الرحب كانت الأبواب كلها منفتحة أمامنا بالسلاسل و الاغلال، عفوا منفتحة... و ما الشعارات الرنانة التي نسمعها بشكل يومي من قبيل الحوار الإجتماعي، روح المقاولة، التنمية البشرية و تشغيل العاطلين عن العمل حاملي الشواهد و غيرها من الشعارات الفارغة في مضمونها و البراقة في ظاهرها ما هي إلا أقاويل و أكاذيب من زمن الماضي الجميل. هنا تريثت قليلا فقررت مواجهة هذا الواقع المر و لم أكن وحيدا في اتخاد هذا القرار بل كنا مجموعة لا يستهان بها ممن ضاقت بهم الأرض، فكانت البداية الأولى لهذه المواجهة هي الايمان بأننا أصحاب حق و مبادئ في هذا البلد الكريم و اتخدنا من شعار "الحق ينتزع ولا يعطى" شعارا لهذه المواجهة ربما تتسائلون معي هنا عن طبيعة هذه المواجهة و من نواجه بالتحديد. و الإجابة على هذا السؤال ليس بالأمر الهين ولا البسيط لأننا أدركنا أن هذه المواجهة محفوفة بالمخاطر مند الوهلة الأولى رغم أننا أصحاب حق و مطالب عادلة و مشروعة و هذا الحق يضمنه لنا الدستور و المواثيق الدولية و حق الإضراب و التظاهر هو أيضا من القوانين التي يضمنها لنا الدستور. إذا فإن هذه المواجهة هي سليمة و قانونية باعتراف من الدستور الغير المطبق في هذا البلد الكريم أما من نقصد بهذه المواجهة فعلا فهي السياسة المتبعة من إقصاء و تهميش و تشغيل زبوني و تهجير جماعي للأدمغة و أيضا مواجهة الشرذمة التي تحتكر ثروات هذا البلد دون غيرها فأصبحوا هم المغرب النافع و نحن الغير النافع. إذا فنحن أصحاب قضية عادلة و مشروعة، فكان الشارع العام هو مقر هذه المواجهة و ذلك بخوض أشكال سلمية و حضارية بتنظيم مسيرات و وقفات و اعتصامات و إضرابات عن الطعام و كانت حناجرنا هي السلاح الوحيد الذي نملكه في هذه المواجهة. أما المكاسب التي نجنيها يوميا من هذه المعارك النضالية التي قمنا بها و لازلنا نخوضها إلى يومنا هذا فهي عديدة و متنوعة و لا بأس أن أذكر لكم بعضها، من تكسير للجماجم و عاهات مستديمة و اعتقالات بالمجان و محاكمات صورية و محاضر ملفقة من قبل و اسفزازات مستمرة و وعود كاذبة تفتقد للمصداقية و الجدية إذا فهذا مصير كل من يطالب بحقه في دولة الحق و القانون. و بالرغم من كل هذا فلن يثنينا على ما بدأناه بل زادنا عزيمة و تشيتا بالشعار الذي رفعناه منذ البداية لأننا بكل بساطة نحب الحياة و نتطلع الى غد أفضل. ! فإذا لم أحترق أنا، و تحترق أنت، و يحترق الرفيق، فمن سينير الطريق؟ وفي الأخير تقبلو تحيات أخوكم الموجز في البطالة. و تحية نضالية بقلم : رشدي بنعياد - الحسيمة