مع حلول موسم الصيف ، وبالضبط خلال شهري يوليوز وغشت، تعيش مدينة الحسيمة على إيقاع ظاهرة الاستغلال العشوائي للملك العام بمختلف نقط المدينة، إذ تعرف اجتياحا واسعا من طرف الباعة المتجولين والمتسولين الذين يقصدون المنطقة من المدن المجاورة والبعيدة بهدف امتهان تجارة الرصيف في الشوارع التي تشهد حركة دؤوبة خاصة وأن الأمر يتزامن مع عودة أبناء الجالية المقيمة بالمهجر. إن ظاهرة احتلال الملك العام غدت ظاهرة ملفتة للنظر بشكل كبير وتتم في غياب العقوبات الزجرية التي كان من الواجب تطبيقها في حق بعض المخالفين من اجل وقف نزيف احتلال الملك العام كما أن المواطنين في شهاداتهم استنكروا هذه الظاهرة أمام صمت السلطة الإدارية التي سمحت لهؤلاء المحتلين للملك العام بالتوسع على حساب هذا الأخير، إذ يتبين بالملموس مدى استهتار بعض مالكي البنايات الذين ألحقوا الملك العام بعقاراتهم وعلى سبيل المثال يقف المرء حائرا أمام ما يجري بشاطئ " مطاديرو " بوجود بناية بحافة الشاطئ وعلى جزء من الملك العام البحري حاجبا بذلك رؤية البحر وجاعلا من الشاطئ ملكية خاصة به، وهو خرق سافر لقانون التعمير ويسيء بجمالية البحر الذي هو ملك للجميع. نفس الشيء بالنسبة لبعض أرباب المقاهي الذين اجتهدوا في "استصدار قانون" خاص بهم والمتمثل في حيازة الممرات الخاصة للراجلين وإلحاقها بمقاهيهم ومطاعمهم بعد نشر الكراسي والطاولات على أزيد من 20 متر عن محلاتهم ووضع لوحات اشهارية كحواجز وذلك بالشوارع الرئيسية: محمد الخامس-عبد الكريم الخطابي- الحسن الثاني وساحة 3 مارس... كما أن وضع شارع المنصور الذهبي " سباتيرو" يعد بالكارثي ويعرف اجتياحا لا يتوانئ البعض في وصفه بالإنزال المنظم الذي يمارسه بعض التجار المتجولين المنحدرين من مختلف المناطق إذ يتم إحداث الفوضى بسد الطريق العام وإحداث الضوضاء، ناهيك عن التلفظ بكلمات نابية وقبيحة تخدش الحياء مما يسبب في إزعاج العابرين لهذه النقطة السوداء، نفس الشيء بالنسبة لشارع واد المخازن الذي يعرف فوضى عارمة كالتشابك بالأيدي واندلاع المشادات الكلامية بين الباعة والمواطنين في غياب تام للمسؤولين. كما أن ساحة محمد السادس لم تسلم من هذه التجاوزات إذ عرفت هذه السنة إنزال من نوع آخر يتمثل في وجود أزيد من 20 نقطة تتكلف " بالتزيين بالحناء " إذ يتم ابتزاز بعض المواطنين خاصة أبناء المهجر، ففي الوقت الذي لا تكلف عملية حناء اليد والرجل في جل المدن المغربية إلا 20 درهما. ففي الحسيمة تفرض تعرفة تتجاوز 50 درهما دون أن تتحرك السلطات المحلية للقيام بواجبها بدعوى أنها من " التراث" ويجب المحافظة عليه حسب تصريح احد " رجال السلطة" رغم كل ما تسبب فيه عملية التزيين بالحناء من فضلات وأوساخ تؤثر على نظافة الساحة بل ومما يثير الاستغراب أن نفس رجل السلطة قام بتاريخ 01-08-2009 على الساعة الحادية عشر ليلا وبالمقربة من مكان التزيين بالحناء بحجز بضاعة لبائعة متجولة "تومن وسيمة" لا يتجاوز عمرها 10 سنوات وفاقدة لأبيها" معيلها" وهو ما يطرح واقع الكيل بمكيالين بالنسبة لرجال السلطة العمومية، فبهذا المنطق يمنع على أبناء المدينة الفقراء أن يستفيدوا من فصل الصيف في حين يسمح للوافدين على المدينة باحتلال شوارعها وساحاتها. كما أن الحسيمة أصبحت ملاذا لشبكات متخصصة في التسول الاحترافي إذ يتم استقدام أشخاص غرباء لممارسة هذه الآفة الخطيرة والدخيلة على المنطقة، فالمتسولون فئات مختلفة ومتنوعة، والتسول مهنة لها قوانين وأسرار وشبكات تأمر وتخطط باستغلالها للأطفال الرضع واستصدار شواهد طبية... إذ أن جل الحالات أصحابها ليسو من ذوي الحاجات الخاصة وإنما اتخذوا من التسول حرفة تكسبهم المزيد من المال على حساب الأخلاق والأعراف في غياب تطبيق الفصول 326 الى 333 من القانون الجنائي المتعلق بالتسول. وحسب آخر إحصاء لوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن يتواجد بالمغرب " 195950 " متسول يجنون 7 مليارات درهم بمدخول يومي لا يقل 150 درهم لكل متسول وأن عددهم يتزايد ب 14 ٪ في السنة. وحسب الإحصاء فان نسبة التسول الاحترافي بالمغرب تقدر ب 62 ٪ إذ تحتل جهة تازةالحسيمة تاونات المرتبة الرابعة ب 22 ألف و 477 متسولا بعد جهة الرباطسلا زمور زعير والغرب وشرادة بني أحسن ب 42 ألفا و648 متسولا والرتبة الثانية مدينة الدارالبيضاء ب 34 ألفا و 868 وثالثا مكناس تافيلالت فاس وبولمان ب 28 ألفا و240 متسولا. وعلى صعيد الحسيمة يسجل المواطنون على السلطات المحلية بالإقليم عدم قيامها بالدور المنوط بها في محاربة هذه الظاهرة الدخيلة على المنطقة وفي سياق محاربة الهشاشة ومساعدة الفئات المعوزة والفقيرة ، يمكن الحديث عن الفئات المستهدفة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتوزيع العادل للمشاريع المدرة للدخل ، ويمكن أن نسجل هنا ضبابية معايير توزيع " أكشاك صباديا" التي تدخل في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي مازالت تطرح لحد الآن العديد من علامات الاستفهام حول المعايير التي تم إتباعها، فلماذا لم يفكر المسؤولون في منح هذه الأكشاك لمن يستحقها كمثل تلك الطفلة التي ذكرنا حالتها أعلاه بدل إرعاب الطفولة. عن الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب بتكليف من المكتب التنفيذي إمضاء: عبدوني نجيم عضو اللجنة الإدارية