بعد الحملة الواسعة التي استهدفت الباعة المتجولين بمدينة خريبكة، عبر عدد من المواطنين عن ارتياحهم الشديد لنتائج هذه الحملة، التي حررت أهم شوارع المدينة من الباعة المتجولين، الذين كانوا يفرضون طوقا على هذه الشوارعأصحاب العربات يفرضون قانونهم في الأزقة (خاص) ، وكان هناك خوف وحذر من عودتهم من جديد بمناسبة عيد الأضحى ، لكن السلطات شددت من جديد مراقبتها في محاولة لاستئصال هذه الظاهرة . وشنت السلطات المحلية أخيرا حربا شرسة على الباعة المتجولين، معلنة انتهاء الهدنة، التي لم تدم طويلا، وعللتها جهات مسؤولة، بتزامنها مع الانتخابات الأخيرة وشهر رمضان الكريم، حيث جند لهذه العملية عدد من رجال الأمن والقوات المساعدة وموظفين تابعين للمجلس البلدي، وهدفت إلى استئصال هذه الظاهرة، التي أصبحت تشكل نقطة سوداء بالنسبة للمسؤولين، سيما أنهم يحتلون أهم فضاءات المدينة لسنوات طويلة، مستعملين كل الوسائل للحفاظ على هذا الامتياز، الذي يعتبرونه طبيعيا. وتتفاقم الظاهرة بشكل خاص، خلال فصل الصيف، حيث عودة بعض المهاجرين من الديار الإيطالية، إذ تكثر الحركة وتنشط الأسواق، فيلتجئ الباعة ( الفراشة ) إلى عرض سلعهم في أهم شوارع المدينة ، متبوعين بأصحاب العربات المجرورة أو المدفوعة، فتتعطل بذلك حركة المرور، خاصة بالنسبة إلى أصحاب السيارات وحتى الراجلين، الذين يجدون صعوبة في التنقل لقضاء مآربهم .. وحسب مصدر مسؤول، فإن الحملة ضد محاربة الباعة المتجولين لن تتوقف، وأن قرارات اتخذت لتخصيص فضاءات معينة لوقوف الباعة المتجولين حسب الأحياء . من جهة أخرى، اعتبر اغلب تجار المدينة ظاهرة الباعة المتجولين غير صحية، وأنها منافسة غير مشروعة، إذ يصيب تجارتهم بالكساد، خصوصا أنهم يؤدون الضرائب ويدفعون مبالغ مهة لكراء المحلات. الرأي الآخر في المقابل، يرى أحمد، عاطل ومجاز، يبلغ من العمر40 سنة، أن "هذه الحملة حرب غير مشروعة ضد التجارة الحرة"، مؤكدا انه يؤدي ضريبة غير مباشرة بين الحين والآخر، إما نقدا أو عينا ، أما مليكة، أرملة تعيل 4 أطفال، تبلغ من العمر54 سنة، ترى أن "التجارة الحرة حق لا يناقش من أجل كسب القوت اليومي، وتطالب المسؤولين بإيجاد حلول ناجعة لمشكلتهم". ويعتبر عدد من المواطنين ، في تصريح ل "المغربية" السلع المعروضة، لا تخضع للمراقبة، وأحيانا تكون صلاحيتها منتهية، ما يعرض صحة المواطن للخطر. المسؤولون بالمدينة، ولتفادي المشكل، عينوا مجموعة من الأماكن للباعة المتجولين حسب الأحياء، بهدف تنظيمهم بشكل جيد دون عرقلة المرور، بالإضافة إلى الحفاظ على جمالية المدينة، ولتفادي أيضا مشكل النفايات والأوساخ والقاذورات التي تخلفها عربات الباعة ، ناهيك عن الكلام الساقط الذي يخدش الحياء العام . المعوقات السوسيواقتصادية بالإقليم عرف إقليمخريبكة تفشي ظاهرة الهجرة من البوادي نحو الحواضر بسبب التقلبات المناخية من جهة، وانعدام الشغل من جهة أخرى، بالإضافة إلى استخراج الفوسفاط من هذه المناطق، ما اضطر الفلاحين إلى بيع أراضيهم والتوجه إلى الحواضر بحثا عن موارد جديدة للرزق. هذه الهجرة كانت لها سلبيات كثيرة، فبعد أن توافد سكان هذه المناطق على المدينة، تناسلت بفعل ذلك أحياء هامشية، وكثرت حرف غير منظمة وارتفع عدد البائعين المتجولين إلى أزيد من 4000 بائع. ويبقى قطاع البناء أهم مجال يشتغل فيه هؤلاء الشباب، نظرا لإقبال الجالية المغربية على الاستثمار في هذا المجال ، في غياب التحفيز على ولوج ميادين أخرى أكثر نفعا للمستثمرين والسكان على حد سواء. ونظرا لهجرة عدد كبير من سكان هذه المناطق إلى أوروبا خلال السبعينات والثمانينات، خصوصا إلى ايطاليا وإسبانيا وفرنسا، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، فقد بدأ الشباب يتطلع إلى الهجرة السرية بأي شكل، وكان "الحريك" هو السبيل الوحيد، أمام استحالة الحصول على " فيزا" وكانت الوسيلة هي قوارب الموت.