كانت الساعة تشير إلى حوالي العاشرة ليلا من مساء 20 غشت 2011.. حناجر شباب العشرين جاهزة لترديد شعاراتهم المطالبة بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، غير أن ساحتهم التي ألِفوها ونشدوها من أجل التغيير يبدو أنها مُطوقة عن بُكرة أبيها من طرف القوات العمومية، الأمر الذي أقنع شباب الحركة باستحالة اختراقها، لكثرتها. وبالتالي أصبح البحث عن بديل للساحة المعلومة ضرورة ملحة تقتضيها الحاجة الآنية إلى فضاء رحب لاستقبال حشود المتظاهرين وتنظيمهم قبل الانطلاق في مسيرة أخرى من المسيرات الشعبية التي أُريد من أجلها استنشاق نسائم الحرية. وهكذا احتشد شباب العشرين رفقة أنصارهم والمتعاطفين معهم قُبالة سينما طارق ببني مكادة للتنديد بالحصار المضروب على ساحة التغيير، واعتبروا هذا الفعل مسا صريحا بحرية التعبير وضربا آخر من ضروب القمع المسلط على رقابهم منذ انطلاق الحركة قبل نصف عام بالتمام والكمال. وبعد تدفق مزيد من الأمواج البشرية على باحة سينما طارق، أعطى شباب التغيير إشارة بدء المسيرة لتسلك مسارها المعهود، وهكذا كان المتظاهرون يزدادون "فردا فردا" كلما تقدمت المسيرة "شبرا شبرا"، وكعادة فبرايريي طنجة، فقد تناوب أعضاؤها على ترديد مجموعة من الشعارات صبٌت معظمها في اتجاه المناداة بدولة الحق والقانون، وإقرار مبدأ المحاسبة، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، وتكريس قيم الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. ولم تخْلُ المسيرة من شعارات/ رسائل تدعو إلى الاتعاظ بتجربة محاكمة مبارك (آخر فراعنة مصر) وكان أحد تلك الشعارات: "مبارك كيتحاكم.. رُد بالك يالٌي حاكم". وقد كان الحضور الأمازيغي لافتا في المسيرة من خلال أعلامهم ولافتاتهم ولائحة مطالبهم –التي لا تختلف في جوهرها عن مطالب حركة شباب العشرين-، إذ دعوا من جملة ما دعوا إليه إلى رفض الدستور الممنوح، وضرورة إقرار لجنة تأسيسية منتخبة بشكل ديموقراطي من أجل صياغة وثيقة دستورية تُلبي حاجات الشعب المغربي، وتُعبٌد له الطريق نحو الانتقال الديموقراطي المنشود. كما رفع أحدهم لافتة مكتوب عليها "لا مناص من المساواة بين الأمازيغية والعربية في الوثيقة الدستورية" فيما ذهب آخر أبعد من ذلك وحمل لافتة طالب من خلالها بضرورة إقرار الطابع الهوياتي الأمازيغي للدولة المغربية والتفكير بجدية في اتجاه فك الارتباط بجامعة الدول العربية المبنية على أسس الأحادية والإقصائية والعرقية. بالإضافة إلى هذه المطالب، فقد حمل المتظاهرون لافتة تدعو إلى الإفراج الفوري عن معتقلي الحركة الأمازيغية الذين اعتُقلوا ظلما وعدوانا. وتجدر الإشارة إلى أن مسار المسيرة كان مختصرا نوعا ما مقارنة بسابقاتها، إذ كانت قنطرة بنديبان محطتها الأخيرة، فيما استغرقت مدتها الزمنية حوالي ساعتين ونيف. فيما قُدٌر عدد المشاركين فيها في بضع آلاف حسب إحصائيات مصادر محلية حضرت المسيرة.