مفتي القدس يشيد بدعم المغرب تحت قيادة جلالة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟        إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريف بين المغرب واسبانيا
نشر في شبكة دليل الريف يوم 06 - 01 - 2012

ما عاشته ساكنة الريف ليست بقليل لربما هي الاصعب في تاريخ المغرب الحديث بحيث تعرضت لحرب إبادة من طرف التحالف الاستعماري العالمي في بداية القرن العشرين ولإنتهاكات جسيمة خلال فترة ما بعد الحماية والتي خلُصت تجربته الى أمرين أساسين، الأول أنه نموذج للشعوب المقاومة و التواقة الى التحرر والانعتاق و العيش بكرامة وحرية لاسيما أنه سجل ملاحم بطولية و أبان عن وعي جد متقدم من خلاله أنشد قيم الجمهورية بروح عالية ، و بداية لرسم الطريق لشعب أبي لا يركع لأحد رغم ما تعرض له خلال فترة بعد الاستقلال الشكلي من فظاعات كارثية و تهميش وحصار وعزلة . و الأمر الثاني انه لم تنتهي معركته ضد الاضطهاد سواء في الداخل الوطن أو خارجه و انه لازال يصراع قوى أتباع الاستعمار الذين أدرجوا الريف في مكانة حساسة داخل حساباتهم دون مرعاة أي شيء مما فُرضت عليه عدة خيارات ولازال يؤدي ضريبة الانتماء الى الريف.
الريف والدولة المغربية
يجمع أغلب المؤرخين و المحللين أن المغرب ما بعد الحماية يتشكل من جزأين أساسين ، المغرب النافع وغير النافع أي جزء من المغرب يعيش على حساب الاغلبية و يسيطر على معظم ثروات البلاد و يستغل كل شيء بفضل الدعم من الاستعمار الغير المباشر المعمرون الجدد، و تشكَّلت عائلات نافذة استحوذت على ثروات البلاد و استفادة بشكل كبيرفي السلطة بالتقرب الى البلاطات بحكم إنتمائها الى فاس والرباط و ما جاورهما وأما الباقي فهو في جحيم القهر والتهميش ، فنتج عن ذلك علاقة مشحونة بالتوتر والصدام بين الهامش و المركز و شهدت معظم مناطق البلاد أحداث دامية فكان للريف نصيبه من سياسة المعمرين الجدد أتباع الدوائر الامبريالية من المؤمرات و التوترات والصراعات الدامية والخصوص مع بداية الاستقلال الشكلي ، وقد قيل الكثير حول خلفيات الأحداث الدامية في عهد إقبارن ، فهناك من يعتبر أنه ما حدث كان جواب القصر لعدم إستجابة محمد بن عبد الكريم الخطابي لطلب العودة الى المغرب أثناء زيارة محمد الخامس الى بيت الخطابي في مصر و أنه هي بداية لبتر كل الروابط بين عبد الكريم و الريف و القضاء على توسع لجنة التحرير بشمال افريقيا ، وهناك من اعتبر أنه إنتفاض لرجالات الريف وخصوصا أعضاء جيش التحرير الذين رفضوا تسليم السلاح و الاندماج في الجيش الملكي المغربي في وجه الهيمنة للحزب الواحد و ضد إكس ليبان و هناك من حمل المسؤولية للمسماة الحركة الوطنية في إطار صراعها على السلطة وخصوصا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب الاستقلال والحركة الشعبية الذين عمدوا الى إشعال الازمة بين القصر والريف لتوظيفها في حساباتهم الخاصة و ما الزيارات لقادتهم قبل الاحداث خير دليل على هذا ، وهناك من إعتبر العصيان المدني و صعود الساكنة الى الجبال هي عدم الاعتراف بسلطة الحكم القائمة على إبعاد أبناء الريف في تسيير شؤونهم وهذا ما نجده في المطالب المرفوعة أنذاك من قِبل زعماء الانتفاضة وغيرها من القراءات وتبقى نتائج ذلك كبيرة بحيث تعرضت ساكنة الريف لعقاب جماعي لمدة خمسين سنة بل في كثير من الاحيان الدماء تسيل في القرى و المدن ورائحة الشهداء تغطي سمائها كما حدث في إنتفاضة 1984 ، وظلت الوضعية كما هي الى أن تبدل رأس الدولة أي إنتقال الحكم الى محمد السادس ليدرك أنه وَرِث تركة مثقلة من الملفات السوداء المتنوعة من إشكالات سياسية و إقتصادية و إجتماعية ، فأولى التحديات للعاهل الجديد هي كيفة تصفية تركة الماضي و كيف يمكن معالجة ماض الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ؟ و كيف يمكن إعادة الثقة والاعتبار للهامش و إزالة آثار الحصار المضروب لمدة خمسين؟ هل تتجلى في الاعتراف والاقرار بالجرائم المرتكبة و كشف الحقائق للتاريخ و ضمان عدم تكرار الانتهاكات أم أنه فك العزلة عن الريف و ذلك بسن سياسة تنموية حقيقية أولها ربط المنطقة بباقي المناطق الاخري أي توفير مشاريع البنية التحتية وثانيها إقامة مشاريع ذات بعد اقتصادي فعلي يهدف الى القضاء على البطالة والفقر، طبعا ليس الضمانة هو اقتصاد الريع ؟ ولا مبادرات فقط تستنزف فيها اموال الشعب .؟؟؟
فخلال فترة العشرية الأولى لحكم محمد السادس إلتجأ القائمون على دواليب الدولة الى الاستعانة بالجميع من أجل إمتصاص الانفجار الاجتماعي و الركوب على الاحداث و إنشاد جملة من الخطابات المملاة من الدوائر الاجنبية ، و أنه أغلب تحركات عاهل البلاد تهدف الى تغيير صورة الحكم و الحاكم مثلا " ملك الفقراء " و ذلك باللجوء الى الهامش / المغرب العميق الذي يعتبر قنبلة موقوة نتيجة تفشي مظاهر الفقر والبطالة و البؤس الاجتماعي و يفتقر لأدنى شروط حياة عادية و قد شاهدنا كيف كانت انتفاضات الفقراء و المهمشين في سيدي إيفني و إكدم إزيك و تنغير و صفروا ، لتتأكد أنه من الصعوبة بمكان الهروب من الأوضاع المزرية بنشر الاوهام و لغة الاحسان ، والريف بدوره إنتفض ضد الحكرة في وجه الدولة خلال فترة الزلزال و كانت أصواتهم تصرخ عاليا لأنهم تعرضوا للحكرة من جديد من جراء ما حدث ، فالمنطقة كانت منكوبة و عدد الشهداء وصل قرابة الألف و دمار جزء كبير للمنازل في القرى و المدن وفي المقابل نجد حالة إستنفار قصوى للدولة من الانزال الامني و قمع و اعتقال كل الاصوات المطالبة بالحلول العاجلة من أجل إيواء المنكوبين ، وقد شاهدنا ماذا حدث في برنامج إعادة الاعمار ، ميزانيات تنهب ومساعدات لا يعرف أحد مصيرها و الى الحدود الآن لم يكشف عن أرقام الميزانيات للرأي العام، زد عليها ما حدث في صفقة الانصاف والمصالحة و التي تعد أول خطوة لطمس الحقيقة و قتل الذاكرة الريفية وبداية لضرب وحدة الريف ، فبدأت تمطر سماء الرباط علينا بحلول جاهزة من الجهوية وتنمية الريف و تكافئ الفرص في ولوج دواليب الدولة ووو ... .الى أن حلً الحراك الشعبي الذي عم العالمين العربي والمغاربي ضد الفساد والاستبداد فكانت المفاجأة ثقيلة على أصحاب الآماني والوعود والطموحات الشخصية ، الكل إنبهروا لصرخة الريف ضد الظلم والاستبداد ، وشاهدوا الارادة و القناعة الصلبة لأبنائها في مواجهة الظلم و الحكرة لأنه لم يتغير شيء على أرض الواقع نفس سياسة المتبعة سوى الاقصاء والتهميش. الريف يحتاج الى العيش الكريم ليس إلى عطف و رعاية يحتاج الى كرامة أبنائه التي تدوس يوميا في المؤسسات العمومية والمخافير الامنية لا إلى الذين يستهلكون الوعود بأنه وأخيرا تم القطع مع الماض ونحن في زمن الانجازات ، الريف بحاجة الى حماية لا الى استغلال لتاريخه و جغرافيته ، فلننظر الى ما حدث مع بداية الحرك الشعبي بالريف إحراق وقتل وإغتيال وإعتقال وعسكرة للمدن و القرى وترهيب المواطنين لتتعرى حقيقة الدولة المغربية أنه لا عهد جديد ولا مصالحة ولا إنصاف و لا حقوق الانسان ما حدث يفوق العقل يُكشف جليا مكانة الريف في أجندة الدولة الى أي حد لم تتغير نفس التهم الموجهة إلينا نفس الحقد نفس الذرائع و أشهرها الانفصال هذا كله لأن الشعب طالب بإسقاط الفساد والاستبداد و بالكرامة والعدالة ، فبشكل يومي تفبرك المئات من المحاضر في حق الريف يعاقبونه على تاريخه وهويته و جغرافيته لدرجة أضحى عقدة المخزن فقد تم تفكيك جغرافية الريف الى أشلاء ، جزء منه تم إلحاقه الى الشرق والاخر الى الغرب و أوسطه قسم الى إدارات ترابية كما كان مؤخرا إحداث عمالة جديدة " الدريوش " ، وحتى للذين يهرولون بالجهوية ويطبلون لمقاربات سواء كانت للدولة أو غيرها أُصِيبوا بإنتكاسة حين ضمت الحسيمة الى جهة الشرق ، فليعلم الجميع أن الريف يتعرض لعملية إستئصال من هويته وجغرافيته وتاريخة
فأغلب ما يحدث الكل يعرفه جيدا لكي لا يعتقد أصحاب القرار بأننا غافلون عما يحدث أو انه لا ندرك حجم المؤمراة التي تعرضنا لها بالعكس نحن جد واعون لماذا كنا دائما عٌرضة لقمع بشع ودامي وأين تتجلى العقدة ، فالى الامس القريب كلما طالبنا بحقوقنا المشروعة إلا و تعرضنا لقمع بشع كأننا لسنا في بلادنا ونواجه بوابل من اوصاف الحقد كالاوباش و أولاد سبانيول و الروافة الهمج و كلما رفع علم جمهورية الريف و إلا نعتنا بالانفصالين و دخلاء على الوطن و الخونة و العملاء و كلما تكلمنا عن رموزنا و هويتنا ولغتنا وإلا إتهمنا بالمتعصبين و العنصريين والفاشيين و كلما إحتجنا على القهر و الحكرة و إلا إرتكبت فينا مجزرة دامية و آخرها ما حدث يومي 20 و 21 فبراير و يوم جريمة الاغتيال النكراء ببني بوعياش ، و كل من واجه المخزن علنا يتهم أنه ممول من طرف جهات أجنبية، ألا تعرفون أنه أنتم السبب في كل ما يحدث لقد هجرتم مئات الالاف من الاسر الى أوربا لمدة أربعون سنة و قتلتم الالاف من الشباب في قوارب البحر/ الموت و شجعتم زراعة القنب الهندي و لكم باع طويل في الاتجار بالمخدرات أنتم من أكدتم ذلك بإعتقالكم مسؤولين عسكريين وأمنيين و رجال سلطة و .... ، ألم تشجعوا التهريب على النقط الحدودية بتعاون مكشوف في تهريب للسلع ألم تقدموا الحماية لمافيا العقار في مضاربات خيالة ألم تقدموا الحماية للذين يفسدون في المؤسسات العمومية و ينهبون المال العام ، ألم يستنزف جيوب الفقراء و ذوي الدخل المحدود بغلاء المعيشة ، ألم تعبثوا في خيرات الوطن ألم ألا ثم ألم و ألا . إنكم تقدمون الوطن في المزاد العلني للآخرين وها أنتم تحصدون ما زرعتم غضب شعبي في كل مكان عصيان مدني كما حدث بالحسيمة يومي 20 و21 فبراير و غليان اجتماعي كما حدث في مدينة بني بوعياش و مسيرة اللجوء الجماعي ناهيكم عن الاحتجاجات التي عمت معظم القرى ومدن الريف – بوكيدارن، كاسيطا، ترثا أزراف، ميضار، العروي،الناظور،....، و الوطن عموما ، ألا زالت حساباتكم في قهر الريف لم تتبدل ؟ و هل إعتقدتم أن تفكيك الريف الى وحدات ترابية هو الحل ؟ وهل مازلتم تراهنون على نخب مساحة تفكيرها يصب الى الكراسي وفقط ؟ وهل مازلتم تراهنون على الخيار الامني لكم الافواه وبتلفيق التهم مجانا في حق ساكنة الريف؟ ، في وقت الذي عالم التواصل والمعلومة في ثورة العصر حطم أركان الفساد و الاستبداد في مجموع من البقع و كسر أبواب البلاطات و القصور و قتل و عزل الديكتاتوريين ، ألم تتوقفوا عن إهانة شعبكم ، ماذا تنتظرونا منا سوف نناضل بشراسة حتى إزالتكم من عروش الفساد .
الريف واسبانيا
الاكيد أنه بيننا وبين اسبانيا قضايا لا زالت عالقة و أهمها مسألة الغازات السامة أثناء حرب الريف عام 1921 بداية القرن الماضي مستعملة أسلحة محضورة دوليا بلغت حسب مصادر موثوقة ما يزيد عن 10000 قنبلة أي ما يفوق 500 طن من مواد متفجرة وباعثة لمواد كيماوية سامة وعن مخلفات إستعمارها لنا لمدة طويلة ، و الأكيد أيضا أنه حتى بعد خروجها ظلت آثار الاستعمار قائمة الى اليوم، فالى جانب أثار دمار البيئة والانسان نتيجة الحرب عملت على محو كل ما له الصلة بالجرائم المقترفة فحاولت الحفاظ عن مكانتها داخل الريف وذلك بإنزال خطط آنية وبعيدة المدى في نفس الوقت تصب بالاساس في نشر الثقافة الاسبانية وترسيخ تقاليد من نمطها الاجتماعي للقطع مع الاحداث وغسل ذاكرة الساكنة من جرائم الحرب، و لم تقطع روابط التواصل مع الريف حتى بعد خروجها بل ظلت الملجأ الشبه الوحيد و المتنفس الاقتصادي لأغلب الساكنة ، فتشكلت قناعة لدى العديد من المواطنين بارسال العديد من البعثات للدراسة و العمل من أجل ضمان مستقبل أبنائهم بعد أن أدارت الدولة المركزية المغربية ظهرها للريف نتج عنه التهمييش والاقصاء، و بحكم الخط الاحمر الذي فرض علينا كنا دائما محل اهتمام للدوائر الاستخباراتية سواءا كانت المغربية أو الاسبانية طبعا ليس من أجل خدمة الريف لكن فقط نٌوظف كورقة ضغط في حسابتهما الخاصة كما حدث قبل أحداث 1984 يوم قرر المغرب إغلاق المعبرالحدودي - باب بني انصار كتصعيد منه دون استحضار أن معظم الساكنة دخلها للقوت اليومي من هناك لمدة عقود و أن منطقتها خالية من المشاريع الاقتصادية ، مباشرة بعد ذلك عمت الاحتجاجات و إنفجرت الاحداث المعروفة بانتفاضة الخبز سنة 1984 ، وفي المقابل تحول الريف الى مسرح للصراع المخابراتي لأنه بدوره المغرب ساهم في إندلاع أحداث 1986 في مليلية وكيف كافئ المغرب زعيم الاحتجاجات الميدانية المسمى عمر دودوح ليعين عامل ملحق بوزارة الداخلية وغيرها من وقائع ، إذن لم ندرج في أجندة الدولة لمدة خمسين سنة سوى في عنوان الحسابات ، و الاكيد أن اسبانيا من جهتها تسعى الى الحفاظ على تواجدها المباشر في الريف و هي جد مؤكدة أنها أجنت الثمار من سياسة الاستعمار الغير المباشر فمثلا أنها ركزت على الاعلام السمعي البصري الاسباني لغزو عقول الساكنة و تغيير صورة الاشياء في ذهنية الريفيين و إستغلت الفراغ نتيجة تأخر تغطية التلفزة المغربية حتى حدود أواخر السبعينات بشكل يصل الى 70% ما ساعدها على تربية أجيال على ثقافتها لنجد نسبة 70% من ساكنة الريف يفهمون اللغة الاسبانية و يتكلمونها على حسب درجة المعرفة ونسبة 40% يتكلمونها بشكل جيد ، لدرجة الى حدود بداية التسعينات نسبة 40% من الريفيين لا يتكلمون العربية ، كما توجود العديد من المؤسسات و المعاهد الاسبانية لتدريس وتعليم الاجيال داخل الريف ، و نسبة كبيرة من المواطنون يحملون جنسيات اسبانية تصل الى 40% وهي في تنامي ، و لم تغلق أبواب مليلية و سبتة في وجه الريفيين كما أشارت بعض الارقام في إحدى الجرائد المغربية أنه يوميا أزيد من 20 ألف مواطن يدخلون مليلية بل الأكثر تكونت تجمعات سكانية جديدة محاذية لمليلية وسبتة لها يمكن اعتبار ذلك غزو بشكل غير لافت للانتباه للحفاظ على علاقتها مع الجوار المسند الى ظهره ، ويمكن استخضار بعض الجوانب الاخرى مثلا وسائل المواصلات الى حدود بداية الثمنينات قبل اندلاع أحداث 1986 كانت هناك خطوط النقل ممتدة من سبتة حتى مليلية و بواخر لنقل لبضائع والمسافرين بين مالقا والحسيمة و الناظور ومليلة .
فالعديد من الملفات هي مطروحة بحساسية و تستفيد منها اسبانيا كما تشاء لأنه المئات من الاخطاء إرتكبتها الدولة المغربية في حق الريف بعد الاستقلال الشكلي ، منها ملفات ذات طابع سياسي مرتبطة بدعم للحركات المعارضة الداعية الى الاستقلال عن المغرب أو التي تطالب بحقوقها التاريخية والسياسية و الثقافية ، وتارة بملفات النزاعات الترابية المرتبطة بالحدود بين المغرب واسبانيا على أكثر من نقطة مثلا لم يتدخل المغرب يوم ميلاد الاتحاد الاوربي و فرض تأشيرة شينكر أين وضعت علامة بوابة أروبا أليس عند مدخل المدينتين مليلية و سبتة أليس هذا إقرار بشكل صريح بالحدود الجنوبية للإتحاد ، بل الاكثر تم بناء سياج أمني جد متطور على المدينتين لفصلهما عن المغرب ماذا كان الرد لاشيء ، ويوم أججت قضية جزيرة ليلى كيف تعامل المغرب مع الهيلمان العسكري الإسباني و كيف كان جواب المغرب عن الاستعراض العسكري المقام في سنة 2010 بمليلية لاسيما ان القائد العسكري للمنطقة الجنوبية الاسبانية فليكس سانس رولدان قد لوح في أكثر من مناسبة أنه مستعد لكل الاختيارات ، وتارة تكون دبلوماسية كما كانت في الازمات العديدة مثل المواقف الصادرة عن الهيئات الاوربية و بالتحديد الاسبانية ضد المغرب في قضايا مرتبطة بحقوق الانسان و الهجرة و المخدرات ، فاسبانيا إعتمدت بشكل كبير على الريف في تمريرالحرب الاقتصادية بالتركيز على المدينتين كجبهة إسبانية متقدمة داخل الأراضي المغربية سياسيا و اقتصاديا و عسكريا وتسعى الى استغلال مسالة السلع الإسبانية المنخفضة الثمن و غير الخاضعة لحقوق الجمارك لمواجهة الإنفتاح المغرب بشكل كامل على السلع الأوروبية برهان 2012 وفق بنود اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة و عن فتح الأبواب أمام العملاق الصيني و الوحش التركي ، ومن جعل البوابتين معبر للسلاح و المخدرات مثلا كالسماح لعبوره الى الاراضي المغربية إحدى نماذجها المعروفة بعملية أطلس أسني بمراكش و هي العديدة ، وأيضا السماح لشركات عالمية باستغلال المنطقة للاتجار بالاسلحة مثلا " شركة شيمون نارو " للجنرال الاسرائلي المتقاعد " عاموس جولان " والتي ساهمت بشكل كبير في وجود السلاح بالمغرب وخاصة الاسلحة الفردية والذخيرة الخفيفة . و كذلك استغلال المنظمات الغير الحكومية لإثارة الاوضاع والاحداث كحشد المؤسسات الدولية ضد المغرب في ملفات عديدة مثل الزلزال و الحكم الذاتي أو الاستقلال الذاتي و الامازيغية كما أنها تؤكد بتدريس الامازيغية بالمدينتين مما أثار حفيظة بعض الجمعيات المولاة للمغرب التي طالبت بتدريس العربية ، و آخر ما تفكر فيه هو تخفيض مدة الاستفادة من الجنسية الاسبانية للريفيين المقيمين بإسبانيا الى سنتين مثل الصحراويين المتواجديين على أراضيها .
الريف لم ينصفه أحد سواءا من الداخل أو من الخارج بالعكس تعرض لانتهاكات كثيرة لم تتوقف سيلان الدماء منذ القرن الماضي الى حدود الآن ، فقضيته تصنف ضمن الشعوب الاقلية التي تعرضت للإبادة والقتل ، و طمس لهويته و تاريخه ونضاله التحرري من طرف العديد من الدول الاجنبية اسبانيا وفرنسا و المانيا و كذلك ما إرتكبته الدولة المغربية ، فشهادة الريف للعالم عن كل هذا هي حرب الريف عام 1921 و أحداث 1958/1959 و إنتفاضة 1984 و أحداث 21-22 فبراير 2011 ، ناهيكم عن المئات الألاف من الضحايا إنها الحقيقة التي لا يمكن لأحد إنكارها، من حقنا ان نقرر مصيرنا و أن نطالب بحقوقنا التاريخية والسياسية وعن حماية ذاكرتنا المغتصية و عن بيئتنا التي تتعرض للدمار بشكل يومي ، من حقنا أن نرفض المساومات على أرضنا و تاريخنا و عن التلاعب بدماء الشهداء والمتاجرة ببؤس أهالينا ، من حق الاجيال الصاعدة أن تختار نفس الدرب الذي رسمه الاجداد والاباء و أن تستحضر كل القيم والمناهج والادوات في الدفاع عن كرامتها و هويتها .
مدريد 06 يناير 2012 :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.