يمر حزب الأصالة والمعاصرة، في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، من مخاض تنظيمي عسير خلال الأيام الأخيرة، ففي الوقت الذي تتواصل فيه محاولات استقطاب حادة لأعيانه ومنتخبيه تحت الضغط، من أجل التحاقهم بحزب التجمع الوطني للأحرار، كما يجري في إقليمشفشاون، على وجه الخصوص، تستمر الخلافات الداخلية في تعميق الهوة بين أعضائه ومنتخبيه، وصلت حد التهديد بالترحال الجماعي إلى أحزاب أخرى منافسة بدوافع انتقامية. أولى بوادر التفكك التنظيمي للبيت الداخلي للبام، تمثلت في محاصرة الشرطة منزل القيادي أحمد الإدريسي الذي كان يقيم وليمة سياسية في منزله بمنطقة «كوريندة» الراقية، حيث اعتبرها الرجل، وفق مصادر مقربة منه، «طعنة في ظهره»، حيث أعادته إلى الأضواء التي يحاول هو دائما الهروب منها، خاصة بعدما وصلت قضية مخالفته إجراءات الطوارئ الصحية إلى النيابة العامة، وتناولتها المنابر الصحافية على نطاق واسع. وأفادت مصادر «أخبار اليوم» بأن الإدريسي استشاط غضبا وهدد بالانتقام ممن كانوا وراء «الوشاية» به للسلطات، حسب زعمه، وذلك بهدف نسف تعبئته لحملة انسحاب جماعي من الأصالة والمعاصرة والترحال إلى حزب الحركة الشعبية، ردا على إبعاده الناعم عن مركز صناعة القرار داخل حزب الجرار، على الرغم من الجهود التي بذلها في إبعاد حكيم بنشماس عن الأمانة العامة، وتزكية عبد اللطيف وهبي الأمين العام الحالي، حيث وصلته أصداء تفيد بأنه لن يكون متاحا له منح التزكيات الانتخابية، ولا تدبير ملف الترشيحات خلال الانتخابات الجماعية والتشريعية. وزادت متاعب أحمد الإدريسي في الآونة الأخيرة، وفق مصادرنا، بعدما شعر بأن كلمته لم تعد «مسموعة» داخل بيت الجرار، حيث أصبح تمرد الأعضاء والمنتخبين في مدينة طنجة، وباقي أقاليم الجهة، علنيا بعدما كان يحدث في الخفاء، تعبيرا عن موقفهم المناهض لسياسة الإدريسي، معتبرين أن رئيس جماعة اكزناية يضع مصالحه الشخصية والعائلية فوق كل اعتبار. وتتضارب روايتان حول التطورات التنظيمية الجديدة داخل بيت الأصالة والمعاصرة؛ تقول الرواية الأولى إن أحمد الإدريسي، الذي يوصف بمهندس الخريطة الانتخابية للبام في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، هو من يرغب في الخروج من حزب الجرار، بعدما لم يتلق وعودا قطعية بتزكية نجله الأكبر، محمد الإدريسي، وكيلا في الانتخابات التشريعية. وحسب مصادر من داخل الأصالة والمعاصرة، فإن الخلافات الحادة التي شتتت الوحدة التنظيمية للبام دفعت الإدريسي إلى إعادة فتح المفاوضات مع حزبه السابق الحركة الشعبية، الذي سبق أن كسب معارك انتخابية بقبعته السياسية، بل إنه كان يشغل عضوية المكتب السياسي في الحركة الوطنية الشعبية، لذلك، لم يجد صعوبة في العودة مجددا إلى حزب السنبلة. أما الرواية الثانية بشأن خفوت نجم الرجل القوي سابقا في البام، أحمد الإدريسي، فتقول إن قوته في جهة الشمال انتهت، وصار مغضوبا عليه من مهندسي الانتخابات في الرباط، وفي هذا الصدد، يفسر بدء إثارة ملفات الخروقات في جماعة اكزناية التي يترأسها، حيث أنهت لجنة تحقيق، الأسبوع الماضي، تدقيقاتها في ملفات التعمير والأملاك الجماعية، وهي عبارة عن شقق سكنية ومحلات تجارية في مجمع الضحى، والتي تفوت دون احترام المسطرة القانونية لفائدة موظفين عموميين وخواص، كما وقفت لجنة التفتيش على تجاوزات في عمليات نزع الأراضي تحت غطاء المنفعة العامة. وكشفت مصادرنا أن جماعة اكزناية، التي ظلت محمية طيلة السنوات الماضية من المراقبة والمحاسبة، شهدت أخيرا زيارة لجنة مركزية من وزارة الداخلية للوقوف على الشبهات المثارة بشأن التدبير والتسيير المحلي، في الوقت الذي لم تعد قدما رئيسها أحمد الإدريسي تطآن مقر الجماعة إلا لتوقيع رخص بناء المجمعات السكنية والتجزئات، وحتى دورات المجلس الجماعي، فإن نوابه هم من يترأسونها بشكل متناوب.