الناشط السياسي والحقوقي الريفي عبد السلام بوطيب الذي يعتبر هو الاخر من المغاربة العالقين بدول العالم حاليا، يعيش ايام الحجر في باريس التي سافر اليها قبل 45 يوما لأغراض عائلية، لكن الاقدار جعلته يقضي أيامه هناك في الحجر بعيدا عن الوطن، وتفرغ للكتابة لتعميق التفكير في الإشكالات التي طرحها مركزه منذ اثنى عشرة سنة، والتخفيف من لوعة الغربة، وقد خص الحلقتين 43 و 44 التي يتحدث فيهما مع شجرة تقابل اقامته للحديث معها حول القضايا الفكرية والفلسفية و الإبداعية التي يطرحها ملف "الريف"، وينشر ذلك على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك https://web.facebook.com/bouteyeb : اليوم 43. عاشت الشجرة و لا عاش من خانها . اليوم 43 من الحجر الصحي الاضطراري بباريس في شقة تقابلها أجمل شجرة في العالم، أخاطبها كل صباح، وكلما اشتد حنيني الى وطني ،و وسادتي: - مرحبا عزيزي، يبدو لي أنك غيرت الشقة، أو أنني أخطأت؟ - صحيح غيرنا الشقة بعد انتهاء عقد الكراء مع صاحب شقة الطابق الأول، لقد بدأ المقام يطول بنا ، وهذه هي الشقة الثالثة التي أقطن بها منذ أن وصلت الى باريس. - الان أصبحنا متقابلين، و لا حاجة لك أن ترفع بصرك لتخاطبني، - نعم لقد حققنا المساواة بين الشجر و البشر ، قلت ضاحكا. - لا عليكم أن تؤسسوا أولا هيئة للمصالحة مع محيطكم الطبيعي قبل أن يأتي عليكم الطوفان . ثم أضافت : - هل قرأت مقال الروائية البولاندية أولغا توكارتشوك المعنون " عالم جديد من خلال نافذني" حول أزمتكم الراهنة، و ماذا فعلت فيها كورونا و الحجر المنزلي ؟ - نعم، قرأته أمس، و أعجبني كثيرا، و من الصدف أن يبدأ ب" من نافذتي، حيث أسكن، يمكننني أن أرى شجرة توت أبيض، شجرة أنا مفتونة بها، و هي تمثل أحد الأسباب التي جعلتني أعيش حيث أسكن" ، كل الناس الان اصبحوا مغرمين بالشجر!!!!!!! - عادي جدا، لان الخوف من الموت يحتاج الى كثير من الحب. والتفكير في المستقبل من زاوية مغايرة. - بالفعل ذاك ما قامت به أولغا بحديثها عن فكرة عودة الدولة القومية على أنقاض الاتحادات، و هي فكرة كان الدكتور عبدالله العروي قد انتبه اليها في اخر محاضرة له غداة تأسيس كرسي للترجمة و التأويل بالجامعة التي كان يدرس فيها. - نعم، لكن قيام الدولة القومية يستوجب وضعا داخليا بدون مشاكل، و أنتم مثلا لديكم مشكل في الجنوب مع من يطالب بالانفصال، و أخر في الشمال بالريف بمطالب يتداخل فيها السياسي بالاجتماعي-التنموي. سيكون الأمر صعبا عليكم، ألا تعتقد ذلك؟ - ايه نعم، ما يحدث بالجنوب سوف لن يجد حلا الا من خلال المقترح المغربي الحالي في تطوره، ذلك أن كل المقترحات تتطور وفق عدة شروط، و الأهم هو الاحتفاظ بالجوهر و الانتفاح على الافكار الذكية، ذلك أن كل شيء سيتأثر بأزمتنا الراهنة، و واهم هذه المرة من يردد أن بني البشر سريعو النسيان ، ما يحدث الان و أثره مستحيل النسيان و التجاوز .في حين ان ما يقع فيما يعرف إعلاميا ب "الريف" فهو مشكل هلامي كما كان دائما. - مشكل هلامي و بعض الناس هناك رفعوا شعار "عاش الريف و لا عاش من خانه"، و أخرون لا يكفوا عن الحديث عن ما حدث قبلا لأجدادهم ، مبطلين جهدكم و جهد الولة في الانصاف و المصالحة؟؟؟ - نعم بالرغم من ذلك فهو "مشكل هلامي" مسكون بكثير من الخرافات، و محاولة محورة العالم حول بعض الدوات،و جعل التاريخ في خدمة الذاكرة، لأنه منذ أن كان، كان خارج دينامية التطور العام للصراع السياسي و الحقوقي في البلد. و النتيجة أن كل فصوله تنتهي بشكل مأساوي .و لا أحد يجرؤ على تبنيه. بالمعنى السياسي للتبني، و غالبا ما تحوم حول كل فصوله قوة رهيبة لإبعاد "الاخر" عن دائرة التضامن، اللهم اذا كان يراد استخدامه ك"حصان طروادة" أو العكس، و هذا حال القائد السياسي الجديد الذي استنجد بالملف ثلاث مرات ليستقطب الأضواء اليه، و يبحث عن شرعية إضافية لنفسه، و الحال ان الذين مروا قبله لدغوا من هذا الحجر لدغة النهاية. تعرفين صديقتي لم يحدث هذا ؟ - لا ، يهمني أن اسمع منك ، بالرغم من انني أعرف أن هذا الموضوع يسبب لك قلقا عظيما، و يدخلك في كأبة ممتدة، و الحالة هذه أنا لا أريد أن تكون الا سعيدا في حضرتي - نعم، لأنه موضوع وصل الى مستوى يستوجب تدخل الخيال والعلم و الفلاسفة . ما يقلقني هو أن "اهل الحل و الحق" لا يحسنون الا صياغة البلاغات و التصريحات و المزايدة فيما بينهم حول ملف لا يعرفونه. اسمعي صديقتي العزيزة " الريف" الذي هو موضوع الشعارات و موضوع الصحافة و موضوع البلاغات و البيانات بما فيها تصريحات القادة السياسيين لا وجود له في الواقع، لا مكان و لا زمان له، هو ليس امتداد جغرافي ، و لا ارتداد تاريخي، بل هو شجرة خرافية كتب عليها أن تنبت في أرض قبيلة مسكونة بجن لا يمكن أن يعيش الا قائدا، زاده الوحيد ذاكرته و خرافاته. و من خطورة هذه الشجرة هذه الشجرة أنها لا تنبت الا فاكهة واحدة كل عشر سنوات أو أقل أو أكثر بقليل، ومن كتب له أن يأكل تلك الفاكهة – في غفلة من حارسها الذي يظهر و يختفي- يخيل له أنه اصبح سيد زمانه، يصول و يجول مثل نمر ، لكنه ما يلبث أن يتحول الى نمر من ورق لا يخيف الا نفسه. و من استظل بها ، وعني تحتها أغاني تمجدها دعت له بلعنة الهجرة الى خيرة البلدان، ليبقى معلقا بين القرية المحيطة بها و بلد اقامته في المهجر، و يصيب بلوثة ، ويظل يردد ما بقي حيا " عاشت الشجرة"، حتى يموت ويدفن في محيطها، و عندما يموت يردد مشيعوه و هم يسيرون به الى مثواه الأخير: "الموت و لا المذلة". و بالرغم من أن تلك القبيلة برمتها تجمع أن أكل تلك الفاكهة نقمة و ليست نعمة ، فإن بشرا كثيرا منها يصبون الى غدر الحارس، و أكلها عارفين أن مصيرهم سيكون مأساويا. - يبدو لي أنك أكلت الفاكهة، أو على الأقل ذقتها ! - لا ، بالرغم من أنني أسكن تلك القبيلة، فأنا لست منها، لذا لم يسمح لي قط أن أقترب من الشجرة الخرافية ، لكنني أعرف أناسا أكلوا منها ، و اصطحبت أحدهم و غادر بي خوفا ، و لن أفشي سرا ان قلت لك أنني حاولت مرارا ان أتقرب من الحارس عندما يظهر لعله يسمح لي ان نضجت الفاكهة أن أفوز بها ، لكن في كل مرة كنت أتذكر وصية جدي، و ابتعد عن الشجرة و المحيطين بها . - بم أوصاك جدك ؟؟؟ - تعرفين ، اهلي سكنوا بين ظهراني أهل الشجرة منذ ما قبل ميلادي بسنة، جاِؤوا اليها من أرض أخذها منهم الاسبان، و لم يستطيعوا استردادها، قطعت العائلة، و معها أفراد أخرون ينتمون الى زاوية أصبح لها شأن عظيم عند اهل الشجرة ، الجبال الوعرة الفاصلة بين المنطقتين مشيا على الاقدام، و عندما وصلوا الى مفترق طرق لا يعرفونه، أرادوا أن يسألوا أحدا يدلهم عن الطريق الى قبيلة، الشجرة ، و لحظة بدا لهم رجل رث اللباس، كث اللحية، أشعث الشعر، لم يظفره على عادة أهل القبيلة أنذاك. نادوه بكل الألقاب التي ينادى بها الرجال، و بأخرى محببة لدى أتباع الزاوية " الفقير عند الله" ، و لم يجب الرجل ، الذي قال لي عنه جدي بأنه يمكن لي أن أتصوره كأفقر رجل في العالم . عندما تعبوا من مناداته، ناداه أذكاهم " أرقايذ" ، أنداك رد عليهم بإشارة من يده : - -ماذا تريدون؟ لم يرودوا عليه لانهم عرفوا أنهم و صلوا الى مبتغاهم. و قرروا الاستراحة هناك حتى يتدبروا أمرهم في الغد. اقترب جدي من الرجل و وجده يراقب إناءين من قصدير علقهما الصدأ عند حجرتين بعيدتين ، و وسطهما غصن شجرة أنبت عميقا، فسأله جدي، - ماذا تفعل هنا وحيدا و ما سر تركيزك على هذين الإناءين الصدئين؟ - أنتظر هبوب الريح كي يلتقي ا الإناءان و يسقط الغصن الذي بينهما. - لم؟ - اذا حدث ذلك ستزهر الشجرة، و ستثمر في الغد فاكهتها الوحيدة التي ينتظرها الناس هنا .و سأكون أول الفائزين بها، و سأصبح قائدا حقيقيا، أعرف أن الامر متعب، لكنني أريد حقي من "القيادة" ضحك جدي وقال له: - هذا لن يحدث الا اذا اهتزت الأرض، لان الغصن ضارب في الأرض. و من صدف التزمن أنني عشت، حتى اهتزت الأرض ذات فجر، و أكل صديقي الذي تحدثت لك عنه الثمرة. و ماذا كان مصيره؟ - ككل الذين أكلوا ثمرة الشجرة، اعتقد أنه تنمر ، لكنه تحول إلى نمر من ورق لم يعد يخيف الا ظله !!!!!!وكلما مر من مكان احترق وأصبح فضاء خاليا. - و هل ما زالت الشجرة قائمة ؟؟ - نعم، ما زالت قائمة، و ما زال الناس هناك ينسجون حولها الكثير من الخرافات.. كلها مرتبطة بذاكرتهم .و هذا جزء من مأساتنا الجماعية. - أمامكم طريق صعب!!!! - نعم، و حدهم العلماء يمكنهم تفكيك سر هذه الشجرة الهلامية ، و على السياسيين و الحقوقيين أن يحرقوا كل بلاغاتهم الان في انتظار ما ستسفر عنه هذه الدراسات. - الخيال كذلك سيكون مفيدا لتفكيك سر هذه الشجرة، لم لا تكتب رواية عن الشجرة، و أنت معك كل عناصر رواية شيقة ؟ - كأنك تطلعين على أفكاري .... قالت لي مازحة، قبل أن اغلق النافذة و أودعها: - عاشت الشجرة ولا عاش من خانها. - أنت أم الشجرة الهلامية؟ - الشجرة الهلامية ليست كذلك حسب ضني، بل انها ذاكرتكم التي لم تستطيعوا تحويلها الى تاريخ، فلا تنتظروا من أي أحد أن يقوم بهذا العمل مكانكم.ألم تقل لي يوما " أن الذاكرة هي الماضي الذي لا يريد أن يمضي" - نعم أنا الذي قلت لك هذا الكلام يوما، و هو خلاصة عشرة سنوات من العمل حول الإشكالات التي تطرحها هذه الذاكرة ، مشكلتنا أن تجار الذاكرة ، الذين يتبدون في مظهر " الضحية الابدي "، و الذين استنجدوا مرة بكارل ماركس و كل معاوله، و يستنجدون اليوم بأسماء من التراث الأصفر لا يسمحوا لنا بالتقدم لإنجاز هذا العمل ، لذا من الضرورى تدخل كل علوم الانسان لتفكيك هذه الظاهرة ....أنذاك ستتحول شجرتنا الى عنقاء ، ويتأكد المتشككون عندما تطير أنها طارت من حطام جذور شجرة نمت في تربة نبيلة، منتجة، معطاء، عادلة، كريمة، عاقلة، منفتحة....هي تربتنا في كل امتداداتها. عاشت الشجرة و لا عاش من خانها 2. اليوم 43 من الحجر الصحي الاضطراري بباريس في شقة تقابلها أجمل شجرة في العالم، أخاطبها كل صباح، وكلما اشتد حنيني الوطني ،وسادتي: - مرحبا عزيزي، ما بك منزعجا هذا الصباح؟، لعل غياب الشمس و سطو الضباب على اسماء باريس أثر سلبا على نفسيتك !!!! - لا، كل ما في الامر أن نقاشنا أمس حول ما يقع في بلدي لم يكن ضروريا، فلست في حاجة الى مشاكل مع سلطات بلدي، - كيف؟ لا افهم !!!!! - لم يكن من حقي ان اناقش مواضيع بلدي مع شجرة أجنبية حتى لا أتهم بالتخابر مع البشر أو الشجر أو الحجر !!!! - يبدو لي عزيزي أنك لم تستوعب بعد أول درس مما يجرى لكم مع الجائحة التي أصابتكم، فالجائحة ستصيب الحدود بعد أن تنجوا منها أنتم،ان نجوتم، بعد الجائحة لن تعود هناك حدودا كما هي متعارف عليها اليوم، خاصة فيما يتعلق بمواضيع حقوق الانسان و الحكامة ، لان ما اصابكم سببه الرئيسي سطو الرأسمال الوحشي عليكم، و تغييبكم لمنظور موحد لكرامة الانسان، و للحكامة المواطنة، قد تقول لي أنكم تتوفرون على نصوص جيدة ، نعم، فبالرغم من أن النصوص التي تتوفرونعليها ليست جيدة لكل الناس، فهي بعيدة على ان تكون نصوصا صلدة لمواجهة بشاعة الرأسماليةو وحشيته.ثم بعد هذا و ذاك، نحن صديقين، أنت من بني البشر، و أنا من بني الشجر، و بنو الشجر نحن لا ذاكرة عميقة لنا، لنا ذاكرة حية تسعفنا على العيش اليومي فقط، و حتى ان أردتم أنتم أن تعرفوا أعمارنا فعليكم تقطيعنا الى النصف، و عد دوائر طبقاتنا الداخلية لتحصلوا منا على سر واحد فقط يخص أعمارنا، لذا كما تقولون انتم " سرك في بئر". ثم علينا ان نحدد العلاقة التي تجمعنا حتى لا نسئ التعامل فيما بيننا ، أنا لست هنا لا لأنصحك، و لا لأؤنبك، و لا لأعارض أفكارك، و لا لأدفعك لترى وجهك/ في المرأة ، أنا هنا فقط لأؤنس وحدتك عندما تتوحد روح زوجتك مع روح كتبها و رواياتها ، أو عندما تنساك و أنت بجانبها و تتيه مع أحداث فلم ما . و في أحسن الأحوال أنا هنا لأرد صدى أفكارك و مساعدتك للتعبير عنها أحسن، لان جزء من مأساتك، أنت الذي وهبت حياتك من اجل المساهمة في حفظ كرامة الناس، أنك لا تحسن التعبير عن أفكارك كما تبلورها مع نفسك و غالبا ما تكون ضحية ذلك!!!!! اليس هذا صحيحا ؟ دون تردد أجبتها ، - نعم، هذا صحيحا، خاصة مع كثرة "أصحاب الحسنات" بيننا، من من نراهم و منمن لا نراهم. - ثم لا تنس شيء أهم، و هذا يتعلق بطبيعتنا نحن و لا علاقة لعلاقتنا معكم به. منطقنا نحن بني الشجر منطق بسيط و ما زال على سجيته، و أن ما أصابنا اصابنا منكم، أنتم بني البشر، و بالرغم من ذلك لم نحقد عليكم أبدا، ما زلنا نوفر لكم الاوكسجين الذي تبحثون عنه اليوم في قارورات لمرضاكم، و لا تجدوه الا بمشقة الانفس، ما زلنا نساعدكم على التنفس ، و ارجو أن تقدروا كم هو غال أن تتنفسوا طبيعيا ، و كم هو غال أن تجدوا مكانا اليوم في المستشفى ليساعدونكم على التنفس الاصطناعي المؤلم. - لذا ، صدق علاقتي بك هي أن أكون راجعة لصدى أفكارك / و أساعدك على أن تتنفس أحسن، و سأوفر لك من مكاني هذا الاوكسجين الفرنسي النقي الذي يخصك أنت و زوجتك، لان أوكسجيني الطبيعي سيساعدك أكثر على أن تعرض أمامي أفكارك التي تقلقك. - الاوكسجين الفرنسي النقي ؟ - نعم لسنا نحن بني الشجر من ينسي الأرض التي تسمح لنا بتمديد جدورنا بها !!!!! اتفقنا ؟؟؟ - نعم تفقنا، بكل ثقة. - لنكمل حديثنا اذا. هل وصلتك ردودا حول حديثنا أمس عن أختي الشجرة الهلامية ؟؟ قالت ضاحكة - ايه، نعم، وصلني كثيرا من الكلام التفاعلي حول حديث الامس، و من أجمل ما وصل الي، و ُأُثلج صدري ، تفاعل شاب من شباب المنطقة مسكون بالمستقبل و بالأمل ، و نص علمي لصديقي فيلسوف عميق، ماذا قال لك هذا الشاب؟. - تفاعل مع المتفاعلين على صفحتي ، وكتب لي هذا الكلام :" بصراحة وبكل تجرد.وبعيدا عن التعصب و العصبية التي تربت فينا في قراءة أو تناول أي كتابة تتعلق بالمسألة الريفية.أجد أن هذه التدوينة،إن أمكن تسميتها بالتدوينة-لأنها في نظري المتواضع،أكبر بكثير من مجرد تدوينة- تلامس مسألة "الريف" من زاوية تعتبر من الطابوهات لدى الأغلبية الساحقة من النشطاء.وذلك لأسباب غالبا ما تتعلق بما هو نفسي أو اجتماعي تاريخي. زاوية كان من الممكن أن تختصر علينا الكثير من الوقت والطريق لو اهتممنا بها من أجل مصالحة حقيقية وفعالة،مصالحة مع الذات وأخرى مع الماضي القريب والمتوسط. التدوينة وضعت الأصبع على الداء والدواء في آن واحد.بالرغم من اختلاف القراءات و التقديرات. التدوينة تلخص ما يدور في أذهان شباب المنطقة قبل شيوخها،ولا ينقصنا سوى قليل من الشجاعة لطرح مثل هاكذا نقاش،بعيدا عن التخويناتو الملاسنات. سي عبدالسلام،أضن أن مثل هذه الأفكار لا يجب أن تبقى حبيسة هذا الفضاء الازرق،بقدر ما يمكن لها أن تكون أرضية لإحياء المخيال الجماعي الحقيقي للمنطقة،وإعادة إحياء وكتابة ذاكرة الريف. لقد أحسست في قراءتي لحديك مع الشجرة أنك تنشر ما يدور بمخيلة أغلب من تبادلنا الحديث مؤخرا حول المنطقة. تحياتي. استمعت صاغية منتبهة، و طلبت مني أن أعيد القراءة، مرة أخرى و ثالثة و رابعة، و قالت لي و هي مبتسمة، و ضاحكة ضحكة بني البشر- هكذا يخيل الي – الان يمكن لك أن تموت أيها العجوز الساحر، أو أن تحيي ما تبقى لك من عمر لنفسك و لزوجتك و بناتك. فرددت علها مبتسما، فرحا بقصدها: لن أموت الا واقفا مثل الشجر. غدا سأحدثك على النص الفلسفي –التفاعلي الذي توصلت به.