اشتعلت في الأيام الأخيرة مواقع التواصل الاجتماعي بكمية هائلة من التدوينات و”الهشتاغات”، المنخرطة في حملة السرطان، التي أطلقها عدد من المرضى، الذين كانوا يعانون في صمت، بسبب انقطاع الأدوية وغلاء مصاريف العلاج، بالإضافة إلى عدم استفادتهم من خدمات في المستوى داخل المستشفيات العمومية، وهو ما يؤدي إلى تدهور الوضعية الصحية للبعض، كما أن هناك من مات ضحية للإهمال. وأطلقت الحملة بعنوان “مبغيتش نموت بالسرطان…اعطيونا حقنا فالعلاج المجاني”، إذ شارك العديد من المرضى مقاطع فيديو، يحكون فيها معاناتهم مع المرض الخبيث، وكذا صعوبة الولوج إلى العلاج. ولقت الحملة الافتراضية تجاوبا منقطع النظير على أرض الواقع، فبالإضافة إلى العدد الكبير من التدوينات المتضامنة مع المصابين، وأخرى منددة بأوضاع المستشفيات وولوج المرضى إلى العلاج، انخرطت الجمعيات وبعض الأحزاب السياسية في هذه الحملة، ووصل الأمر إلى البرلمان، كما أن هيآت أخرى دعت إلى الاحتجاج أمام البرلمان، فيما أساتذة وباحثون قدموا حلولا لإنقاذ المصابين بالمرض. صندوق لمرضى السرطان في وقت اختارت فيه الحكومة الصمت تجاه القضايا، التي تشغل الرأي العام، اقترح عمر الشرقاوي أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق المحمدية، مقترحا قانونيا عمليا لإنقاذ حياة المصابين، تفاعل معه الكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، والذي دعا فيه الحكومة إلى إنشاء صندوق مكافحة السرطان. وفي تفاصيل هذا المقترح، يقول الشرقاوي في ما يتعلق بالإطار القانوني والتنظيمي لصندوق مكافحة السرطان، إنه يجب إجراء قانون مالي تعديلي لأحكام القانون المالي 2020، وإحداث الحساب المرصد لأمور خصوصية، أو تضمين مشروع القانون المالي لسنة 2021 مادة تتوخى إحداث الحساب، وكذا وضع مرسوم بتحديد شروط ومعايير الاستفادة من الدعم المباشر لمرضى السرطان، بالإضافة إلى وضع دورية مشتركة بين القطاعات المكلفة بالداخلية والاقتصاد والمالية والصحة، لتفعيل تطبيق مقتضيات صندوق مكافحة السرطان، سيما لتيسير المساطر الإدارية على مستوى الترابي. وبالنسبة إلى الفئات المستهدفة وشروط الاستفادة، اقترح الشرقاوي أن يشمل مرضى السرطان بجميع أنواعه، الاستفادة من التغطية الشاملة لكل نفقات العلاج. وأما بالنسبة إلى تمويل الصندوق، فيقول الشرقاوي إنه سيمول من 10 بالمائة من حصيلة الرسوم القضائية، و1 بالمائة من ثمن البيع للعموم، و1 بالمائة من الضريبة على الاستهلاك المفروضة على التبغ والخمور والسجائر الالكترونية، و20 بالمائة من حصيلة الغرامات المتعلقة بمخالفات قانون السير على الطرق، وكذا 20 بالمائة من حصيلة ضريبة النهوض بالفضاء السمعي البصري الوطني المحدثة بالمادة 16 من هذا القانون المالي 1996، بالإضافة إلى مجموعة من الموارد الأخرى التي اقترحها الشرقاوي. أثر كبير ترك الفيديو الذي نشرته شابة مصابة بالمرض أثرا كبيرا في نفوس الكثيرين، إذ أثار المقطع الخوف في أذهان مجموعة من المدونين، إذ كتب شابة أخرى “ديما كنتخايل راسي غنموت بالسرطان، ودابا عرفت أنو عندنا هاد المرض، وكاع لكيموت فعائيلتي كيكون سبابو هاد المرض… ناري مبغيتش نموت بيه”. وتفاعلت الصفحات على الموقع الأزرق كذلك مع الحملة، إذ كتبت صفحة “البروج”، “لا نريد أن نموت…أعطونا حقنا في العلاج المجاني.. صرخة مرضى السرطان على مواقع التواصل”. وأما صفحة “مروك إف إم”، فكتبت “مرضى السرطان بدولة الفوسفاط، ودولة واجهتين بحريتين، ودولة الصادرات الفلاحية، ودولة الذهب والفضة، لا يجدون العلاج في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة المغربية”. وتابعت، “مرضى السرطان يعانون الأمرين، بسبب ألم المرض وقلة العلاج واللامبالاة”. وانتقل أثر الحملة إلى الجمعيات والأحزاب السياسية،إذ تساءل فريق الأصالة والمعاصرة، بمجلس النواب، في سؤال شفوي إلى وزير الصحة، خالد آيت الطالب، عن التدابير المستعجلة التي ستتخذها الوزارة، لتوفير الأدوية الأساسية لمرضى السرطان، مردفا أن مرضى السرطان بمختلف الأقاليم المغربية، يعيشون وضعا نفسيا وصحيا صعبا، مشددا على أن أغلب المراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية تفتقد للأدوية الأساسية في علاج هذا المرض الخبيث، وهو ما دفع العديد من المرضى وأسرهم والجمعيات الحقوقية بمختلف المدن، إلى دق ناقوس الخطر.