أجرت شبكة دليل الريف حوار مع الناشط الحقوقي و الفاعل الجمعوي الأستاذ محمد لمرابطي الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع الحسيمة وعضو بجمعية ذاكرة الريف من اجل الوقوف عند الانجازات و الإخفاقات التي رافقت مساره الحقوقي وكذلك من اجل تنوير الراي العام المحلي بالتطورات التي تعرفها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على المستوى المحلي و الوطني . دليل الريف : من يكون محمد لمرابطي ؟ محمد لمرابطي : ولدت بالحسيمة في بداية الستينات ، و في أجوائها كبرت وتربيت ، و بها تلقيت دراستي الابتدائية والثانوية ، ذات صباح والمطر يملأ بزخاته شوارع المدينة في بداية السبعينات من القرن الماضي ، رافقت وأنا طفل صغير ، تظاهرة نظمها الاتحاد العام للشغالين بالمغرب ، انطلقت من أمام مقر حزب الاستقلال بالحسيمة ، لم أكن افهم الشعارات التي كانوا يرددونها كل ما علق في ذهني الطفولي الصغير ، فرقة من الطبالين تصدح مزاميرها جابت معهم أهم شوارع المدينة ، ورجال في معظمهم يلبسون جلابيب ، وشعارات حول سبتة ومليلية و الجزر المغربية ، وفي بداية الثمانينيات حضرت أنشطة جمعية البعث الثقافي بالحسيمة ، وبعدها بقليل التحقت بجامعة محمد الأول بوجدة ، و قمت بزيارات متكررة مع أصدقاء أوفياء إلى السجن المدني بوجدة ، حيث كان يقبع مناضلين أعزاء من الحسيمة حصدتهم الاعتقالات التي جاءت بعد انتفاضة سنة 1984 ،و منهم من يتحمل الآن مسؤوليات كبرى في منظمات حقوقية أو يتقلد مواقع سياسية هامة بأجهزة الدولة ،و بدوري فقد انخرطت في العمل الوطني و التقدمي الذي كانت تقوم به نقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب خلال السنوات الأربع التي قضيتها بالجامعة . دليل الريف : كيف بدأت تجربة محمد لمرابطي في مجال النضال الحقوقي ؟ محمد لمرابطي : عند بداية تأسيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة في سنة 1990، كنت حينها مدرسا تابعا لنيابة مدينة تاونات، ولم يحل ذلك بيني و بين تتبع أنشطة اللجنة التحضيرية عن قرب، فقد حضرت في جميع العمليات المواكبة للتأسيس تقريبا،وكانت الاجتماعات التأسيسية تعقد بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل وفي منازل المناضلين، وحضرت حفل الافتتاح بالمقر الحالي، وفي سنة 1994 وبعد انتقالي إلى نيابة الحسيمة، ضاعفت من جهودي و نشاطاتي بالفرع و توجت مسيرتي النضالية على المستوى الحقوقي بالتأسيس لثلاث محطات لن أنساها ما حييت : البناء لتجربة التربية على حقوق الانسان في سنة 2002 - وأمين مال تنسيقية الهيئات المدنية للإغاثة ومتابعة أثار الزلزال – وإقامة أول معرض للكتاب الحقوقي بالإقليم خلال المهرجان المتوسطي الأول لبلدية مدينة الحسيمة سنة 2005 ،و بالموازاة مع ذلك تحملت المسؤولية في جمعية نوميديا للثقافة بعد سنة 1995 و في النقابة الوطنية للتعليم التابعة ل C.D.T، و في حركة الديمقراطيين المستقلين و اليسار الاشتراكي الموحد ،غير أن تجربتي السياسية كانت قصيرة جدا ،فقد كان انجذابي نحو الجمعية كبيرا، و اشتغلت فيها بشغف كبير ،و داخل هذا الإطار المدني اكتشفت عمق النضال الحقوقي و قيمة الشأن العام ،و راكمت تجربة حقوقية خلال سنوات طويلة في قضايا تخدم المواطنين و المنطقة. دليل الريف: كيف تقييمون تجربتكم كرئيس لفرع الحسيمة للجمعية المغربية لحقوق الانسان ؟ محمد لمرابطي : قبل أن أكون رئيسا للفرع ،كنت أمينا للمال ،وهي المسؤولية التي راكمت فيها طويلا ،و في سنة 2005 أصبحت رئيسا للفرع و كنا نشتغل كفريق حقوقي رائد ،يتكون من أعضاء المكتب ،شكلوا تجربة حقوقية ،يطبعها الجد و الأمانة والوفاء والإخلاص ،فالمهام كانت تنجز بنزاهة ،وبتضحية ونكران للذات يقل نظيرهما ،و تحملت المسؤولية كرئيس للفرع و في نفس الوقت عضو للجنة الإدارية الوطنية ،و هي سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الفرع ،و لا عجب في ذلك ،فقد تزامنت التجربة مع دينامكية حقوقية كبيرة عاشها المغرب ،مجتمعا مدنيا ،و منظمات حكومية ،اعترضتنا بعض الإكراهات المادية ،فعملنا للتغلب عليها بوسائل مشروعة و واضحة ،عن طريق المجالس المنتخبة و الفاعلين المتعاطفين مع الجمعية ،و تضحية الأعضاء و المنخرطين و المكتب المركزي ،و نجحنا كمكتب مسير و منخرطين في تدبير ملفات شائكة داخل الإقليم ،و كان خروجنا في الإعلام كثيف جدا لا يمكن إحصاء عدد مراته ،فالجمعية محليا كانت تعيش أوج تقدمها وتألقها بسبب الظروف التي كان يعيشها الإقليم ،وتدخلنا لدى المسؤولين كان محكما متواصلا شمل مختلف المجالات ،وكنا نعتمد التقصي و الحذر ،و إن كانت هناك بعض الزلات فهي قليلة ،و هذا هو تقييمي باختصار شديد جدا ،كما شهدت هذه التجربة داخل مقرها إجراءات تنظيم الإشراف على تشييع جثمان الفقيد الطاهر الدكتور عمر الخطابي شمله الله برحمته وغفرانه الواسع . دليل الريف : ما هو تقييمكم لأداء فرع الحسيمة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تدبير ملف أحداث تماسينت الساخنة والتي تزامنت مع رئاستكم للفرع المحلي ؟ محمد لمرابطي : لابد من الإشارة هنا أن جميع تجارب فرع الحسيمة الحقوقية يكمل بعضهما بعضا على مستوى الأداء ،فقط تختلف ظروف وشروط و سياقات كل تجربة ،مما يجعل تقريبا لكل تجربة طابعها و ميسمها الخاص ،فتجربتنا العاشرة ،جاءت بعد فترة الزلزال بقليل ،و للتاريخ أقول أن ثقلها كان أصعب من أيام الزلزال ،التي طبعها العمل المتواصل و الخروج الميداني إلى المناطق المنكوبة وما رافق ذلك من حماس و غيرة و عمل إنساني وتضامن و دعم و تواجد ،ثم جاءت تجربتي بعد اخذ قرارات إعادة الاعمار و ما رافق ذلك من تشنجات و اختلاف في التقدير و التصور في أوساط الفاعلين الجمعويين و السياسيين ،و ما ترتب عنه من تشابكات وتداخلات دقيقة يصعب الإحاطة بها هنا ،بل تحتاج إلى حوار خاص وأسئلة خاصة و جلسة منفردة ،و على العموم ،فعندما نقيم تجربة الزلزال ،لابد من استحضار جميع الجماعات و المناطق القروية المنكوبة التي هدمها الزلزال ،و التي قررت بعد صيف 2004 الشروع في عملية البناء و تسلم مساعدات الدولة ،في حين بقيت منطقة تماسينت عبر جمعيتها المدنية المتابعة لأثار الزلزال تناضل من اجل الإحراز على مساعدات اكبر ،و بأمانة أقول ،اشتغلنا بصدق و ببعد نظر و حكمة و غيرة على السكان و اخواننا المنكوبين، و صدقنا و إخلاصنا ظهر في طريقة تصرفنا كفرع تقاطع عمله مع مجهودات إخواننا في تنسيقية الهيئات المدنية من خلال المساعدات الوطنية و الدولية الخيالية التي كانت تصلنا فنقوم بتوزيعها على المنكوبين ،فقط ماذا وقع بالضبط ،فقد كان هناك من كانت له مراهنات كبيرة على الفرع ،تفوق إمكاناتنا كجمعية حقوقية تشتغل باليات حقوقية محدودة ،فنحن لسنا حزبا سياسيا كبيرا يؤطر و يقود الاحتجاجات و يمثل الساكنة على مستوى المطالب ،و الحق في السكن تنظمه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ،و هي واضحة في هذا الصدد ،وبالتالي فهي المرجعية التي تعتمدها كل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، فلا يمكننا أن نكون طرفا يبحث عن المشروعية لجميع الطلبات المقدمة و عن مدى ملاءمتها للمعايير و المواصفات الحقوقية و القانونية ،و على سبيل المثال ،فقد صرح الرئيس الوطني للجمعية إبان سنة 2005 أمام مجموعة من المناضلين المدنيين بتماسينت "نحن لسنا حزبا سياسيا . وإمكانات الجمعية واضحة ، مهمتنا هي المتابعة الإعلامية و المساندة و الفرع المحلي و رئيسه رهن إشارتكم "،و بعد ذلك تطورت الأحداث ،و أمام تصاعد حدة المشاكل، إلى أخطاء و أمور يؤسف لها من قبيل الاعتقال و المحاكمات و تعذيب الأخوين عمر لمعلم و سعيد أعشير يوم الخميس الأسود 19 ماي وتعنيفي ليلة 13 يوليوز 2005 ،و الآن يفصلنا عن زلزال 2004 ما يزيد عن 06 سنوات و قد بدأت الصورة تتضح أكثر . دليل الريف : كما يعلم الجميع أن رئاستكم للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة تزامنت مع تطورات ملف هيئة الإنصاف والمصالحة ،في هذا الصدد ،كيف تعاطى الفرع المحلي آنذاك مع التطورات السالفة الذكر ؟ محمد لمرابطي : إنشاء هيئة الإنصاف و المصالحة مكسب للحركة الحقوقية المغربية، و جميع التوصيات الصادرة عنها إيجابية اتفق معها، لكونها تهدف إلى تعزيز مكانة حقوق الإنسان في الدستور و وضع إستراتيجية لعدم الإفلات من العقاب مستقبلا و دعم استقلالية القضاء و الحكامة الأمنية و الإدارية، و بالنسبة للجمعية المغربية كانت واضحة فقد رفعت شعار "المواكبة النقدية و الاقتراحية"، بمعنى مسايرة أشغال هيئة الإنصاف و المصالحة بالمساعدة و التوجيه البناء، لا العمل على عرقلة أنشطتها و إيقافها ،و إن كانت الجمعية المغربية تدعم جميع أشكال الاحتجاج و لكن ضمن زمن محدد و رسالة دالة و هادفة و في ظروف معينة، و قد نظم المكتب المركزي للجمعية بتنسيق مع فرع الحسيمة شهادات بدون قيود من أجل الحقيقة في شهر أبريل 2005، و في بداية شهر ماي من نفس العام نظمت هيئة الإنصاف و المصالحة نشاطها الحقوقي بموقع ميرا دور، و هنا أسجل بأسف شديد، عدم استدعاء فرع الحسيمة للأعداد القبلي أو المشاركة بتدخله و تصوره الحقوقي في الموضوع، و تلقيت الدعوة للحضور كرئيس للفرع من اجل الاستماع إلى شهادات الضحايا و مداخلة الهيئات الحقوقية فقط، و رغم محاولات المكتب العديدة، التي أجراها من اجل الاتصال ببعض الأطر المشرفة على تسيير النشاط لمعرفة موقع الفرع ،فان ذلك لم يجد، وتبقى الأسباب و الدوافع الحقيقة غامضة بالنسبة إلينا كمناضلين حقوقيين في الفرع آنذاك؟ و رغم ذلك فأنا شخصيا أقدر و أحترم قناعات و اختيارات ،و كذا التضحيات النضالية السابقة للإخوة و الأخوات في الهيأة، و في هذا الصدد أسجل أيضا كملاحظة موقع الريف في موضوع الانتهاكات الجسيمة من خلال تقرير هيأة الإنصاف و المصالحة. دليل الريف : كيف يقيم محمد لمرابطي تجربته في اللجنة الإدارية للجمعية المغربية كحقوق الإنسان خلال ولاية 2004-2007 ؟ محمد لمرابطي : حضرت في ثلاث مؤتمرات للجمعية المغربية، و لم أحصل على تمثيلية في اللجنة الإدارية إلا في المرة الثالثة، ورغم المجهودات التي كنت أقوم بها، فقد وجدت صعوبة في الوصول إلى هذا الموقع النضالي و الحقوقي، فالمنافسة شديدة و الطلبات أكبر بكثير من المناصب المحددة، إضافة إلى عدم دقة المعايير و تغليب كفة المنتمون سياسيا، و ضالة المناصب المخصصة أللفعاليات المستقلة، اشتغلت في اللجنة المركزية للتربية على حقوق الإنسان، وكنت أحضر على رأس كل ثلاثة أشهر وأحيانا مرتين، وقليلة هي المرات التي تغيبت فيها، ورغم الرصيد الذي راكمته في مجال التربية على حقوق الإنسان، فإن مسألة البعد عن الرباط والانتماء السياسي، سببان جعلاني لا أحضى بأي تكليف. أو مسؤولية في هذا المجال، أما الإشراف على الجموعات العامة خلال الانتداب إلى المؤتمرات ، فلست ادري، ما هي المعايير الغريبة التي كانت تعتمد ، وإنها لمفارقات جد مدهشة، وكنا نشتكي كثيرا من اعتماد المكالمات الهاتفية و الولاءات السياسية، و رغم ذلك فإن ما هو ايجابي كان اكبر بكثير من مثل هذه المؤاخذات والنواقص ، وكانت لدي علاقات حقوقية متميزة مع كل الإخوة والاخوات و بالخصوص هشام الشرقاوي و عبد الإله بن عبد السلام و عبد الخالق بنزكري .... و أكن احتراما خاصا للأستاذ عبد الرحمان بنعمرو حيث كانت الأمور الإدارية في عهده مضبوطة و دقيقة جدا على مستوى الفروع، ولا يعتمد الهاتف إلا عند الضرورة ،كما أحترم فيه انصرافه من المسؤولية المركزية عند إنهاء فترة رئاسته ، و تغلغله داخل المتجمع للنضال على واجهات أخرى . دليل الريف : كيف ينظر محمد لمرابطي إلى المؤتمر الأخير للجمعية المغربية لحقوق الانسان، خصوصا و أنه عرف تطورات لم تعهدها الجمعية منذ تأسيسها؟ محمد لمرابطي : أتتبع بدقة ما يقع في هذين الإطارين الحقوقيين: المنظمة المغربية لحقوق الإنسان و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، و قد غبت عن المؤتمر التاسع للجمعية غير أن معلوماتي عنه دقيقة ، فما وقع خطأ بكل المقاييس و لا يمكن تبريره ، لأن الجمعية اعتمدت عند تأسيسها مبدأ التوازنات السياسية ، وخروجها عن هذه القاعدة سيكلفها كل رصيدها الحقوقي و التاريخي ، فالاستفراد بالتسيير من طرف واحد استنادا إلى مبدأ الديمقراطية العددية ، فيه نقاش ، ذلك أن الانتداب إلى المؤتمر لا يشكل بأليته ديمقراطية كاملة، فالعملية نسبية ،نظرا للتعقيدات و الاكراهات المرافقة لهذه العملية، و أنا أناقش هذه المحطة باعتباري مسؤولا سابقا و مهتم بالوضع الحقوقي بدون تحامل أو تقديس ، فالتجربة مشتركة بين عدة أطياف في مخاضات صعبة و عسيرة أثناء الولادة ، ذلك أن الفشل في التأسيس لوحدة العمل الحقوقي بدأت حلقاته مع ميلاد المنظمة في 1988 و انبعاث الجمعية من جديد مع مؤتمرها الوطني الثالث في 1991 ، فالمؤتمر التاسع أظهر لنا مرة أخرى بوضوح بأن العمل الحقوقي لا زال يعاني من وصاية السياسي ، و أن هناك وعي حقيقي بخطورة هذه الوصاية و نتائجها الوخيمة على مستقبل حقوق الإنسان ببلادنا، و بالتالي فالآليات الديمقراطية و التوازنات السياسية تقضي للحزب الاشتراكي الموحد و الفعاليات المستقلة بحقهم في الرئاسة و المسؤولية داخل الأجهزة. دليل الريف : ما رأيكم في بعض القضايا الكبرى التي تطرح خلال مؤتمرات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خصوصا قضية الصحراء المغربية، العلمانية، الأمازيغية و عدم الإفلات من العقاب و تقديم الاعتذار الرسمي من طرف الدولة عن ماضي الانتهاكات ...؟ محمد لمرابطي : بخصوص قضية الصحراء المغربية ، لا بد من التمييز بين شيئيين ، كون المواثيق الدولية لحقوق الإنسان و خاصة العهدين المدني و السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي طرحا تقرير المصير في إطار تصفية الاستعمار و الامبريالية خلال فترة الستينيات من القرن الماضي و أيضا حق الشعوب في تقرير مصيرها الاجتماعي و الاقتصادي في اختيار من ينوب عنها و يمثلها بواسطة الانتخابات المحلية و التشريعية، في حين أن تقرير المصير السياسي بواسطة خلق كيانات مستقلة ، جاء في إطار الإعلان العالمي للأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية الذي تتبناه بالخصوص الجمعيات الثقافية الامازيغية المنضوية في إطار الكونغرس العالمي الامازيغي ،ومفهوم" الشعوب" رفضته عدة دول في العالم نظرا لمفهومه الانفصالي، و الجمعيات والحكومة المغربية تحضر مثل هذه الملتقيات الدولية المقامة من طرف الأممالمتحدة التي أصدرت هذا الإعلان خلال 2007 ، وشرع في تطبيقه خلال 2009 و هو مجرد إعلان فلا ينبغي تأويل المواثيق الدولية سياسيا، بل قراءتها بشكل حقوقي سليم فنحن كنا نناقش داخل الجمعية الانتهاكات المرتبطة بالنزاع حول الصحراء المغربية و التذكير بالموقف العام المتمثل في المطالبة بالحل الديمقراطي عبر المعالجة الشاملة لكافة الانتهاكات الجسيمة و المرتبطة خاصة بملف الجنود المغاربة المحتجزين بشكل مأساوي في تيندوف من طرف البوليساريو ، و هذا الإشكال في جوهره مرده إلى عدم قدرة بعض المنظمات تحقيق استقلالية تنظيمية اتجاه إطاراتها السياسية و لنأخذ كنموذج ثاني اللغة الامازيغية ، فقد أصرت الجمعية خلال مؤتمرها الوطني السادس على اعتبار دسترة الامازيغية مطلب سياسي لا تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، في حين أن هناك الإعلان العالمي للحقوق اللغوية الذي صيغ ببرشلونة سنة 1996 والذي يكتسي راهنا شكل برتوكول قدم إلى مختلف حكومات الدول الأعضاء بهيئة الأممالمتحدة و يتسم بمقاربته الشمولية للحقوق اللغوية و المجالات التي تطبق فيها ، وبعدها ارتقى موقف الجمعية قبل انعقاد المؤتمر السابع إلى المطالبة بمجرد توفير الحماية القانونية للغة الأمازيغية ليتم التنصيص في 2007 خلال أشغال المؤتمر الثامن على مطلب دسترة اللغة الأمازيغية بعد فترات من الشد و الجذب ، و كان المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قد تقدم بواسطة نخبة الأمازيغية في 31 مارس 2006 بمذكرة مطلبيه إلى الديوان الملكي تتضمن موضوع دسترة الأمازيغية ، بعد أن طرح مبكرا الحماية القانونية ،و فيما يتعلق بنموذج العلمانية ، فالمغرب ليس دولة أصولية ، فالديانات اليهودية والديانات المسيحية نظمت كل واحدة منهما في المغرب بنصوص ترجع إلى مرحلة ما قبل الاستقلال و تسمح بإنشاء الكنائس و ضمان ممارسة العبادة فيها ، و العلمانية قسمين: علمانية الدولة ، مثل علمانية فرنسا وانكلترا و ألمانيا التي تؤمن بحريات الأديان و المذاهب و تكتسي طابعا سياسيا و حقوقيا و إداريا ، و علمانية المفكرين ذات المنحى الإلحادي أو الفلسفي أو العلمانية الإلحادية الستالينية التي تحارب الدين و تضطهد رجاله، وتغلق كنائسهم و مساجدهم ، و هذه الأخيرة كحقوقيين يجب نرفضها بشكل قاطع و نهائي ، و حتى العلمانية الفرنسية فيها نقاش لأنها راديكالية و تختلف عن علمانية إنجلترا و ألمانيا كدول بروتيستانتية. و بشأن عدم الإفلات من العقاب و تقديم الاعتذار الرسمي من طرف الدولة في موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، فإن النموذج الأرجنتيني واضح، خاصة بعد أن أضطر الرئيس المدني المنتخب "ألفونسين" إلى تسليم مهام رئاسته ، ذلك أنه من الصعوبة بمكان التوفيق بين السلم و العدل، إذ يقتضي الأمر في كثير من الأحيان الاختيار بين بدائل غير مرغوب فيها، بناء السلم الاجتماعي يعني عدم إمكانية تلبية المطالب القصوى مهما كانت معقولية و سلامة المبادئ التي ترتكز إليها، و بما أن المنتظم الدولي لم يستطع أن يخلق نموذجا واحدا لتحقيق العدالة الانتقالية فمن حق المغرب إيجاد نموذجه الخاص الذي يتلاءم و خصوصياته التاريخية و السياسية و بصدد الحقوق الجديدة التي لم يتطرق إليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، مثل الحق في الموت و الحق في العيش في الثقافة الأصلية و الحق في تغيير الجنس و الحق في الجنسية المثلية و الحق في الانعكاف... ، فمن الأفضل و الأجدر عدم إثارتها و الدفاع عنها ، لأننا ما زلنا نناضل من أجل حقوق الجيل الثالث كالتنمية الشاملة و الحق في البيئة السليمة ، و السلام العالمي فخصوصياتنا الثقافية و الحضارية لا تسمح لنا بالتعامل مع الحقوق الجديدة السالفة الذكر. هذه باختصار، هي مجمل القضايا الكبرى و الرئيسية التي يحتد فيها النقاش خلال مؤتمرات الجمعية وتكاد أن تؤدي أحيانا إلى نسف أشغال المؤتمر و الإخلال به ،في الوقت الذي لا تولي فيه الجمعية كبير اهتمام للبناء التنظيمي و فلسفته الهيكلية حيث ظل تقريبا رهين تصور لحظة التأسيس أواخر السبعينات من القرن الماضي . دليل الريف : ما الذي جعل محمد لمرابطي ينقطع انقطاعا نهائيا عن النضال داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟ محمد لمرابطي : شخصيا لم أنقطع عن النضال داخل الجمعية ، بل اضطرت إلى التوقف عن الاستمرار في تحمل المسؤولية لأسباب ذاتية و موضوعية ، فمن جهة كنت أشعر أحيانا في أعماقي ، بأنني لم أعد أقدم للمواطنات و المواطنين المساعدة أو المؤازرة التي يحتاجونها، لسبب بسيط، فحاليا هناك جمعيات جديدة لها إمكانيات حقيقية ، و تقدم للساكنة خدمات مباشرة و محسوسة، فالجمعية المغربية رغم أن لها صفة المنفعة العامة ، إلا أن تفعيلها رهين بعراقيل عديدة ، و من جهة أخرى فإن تدبيري أو تدبيرنا للملفات قد يكون ناقصا ومحط انتقاد الكثيرين، و من هنا ضرورة إعطاء الفرصة لتجارب جديدة لمراكمة عطاءات أرقى و إجراء تدبير أفضل ، و بالنسبة إلي شخصيا لا أستسيغ مسألة البقاء في الإطارات طويلا لدواعي أخلاقية و مبدئية، فقد أقطع الطريق عن غيري و قد لا أضيف شيئا. دليل الريف : في نظركم ، هل منتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان يقدم إضافة نوعية في مجال النضال الحقوقي؟ و أين يتجلى ذلك؟ محمد لمرابطي : منتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان برئاسة الدكتور عبد الوهاب التدمري، ليس إضافة ، و إنما هو طرح حقوقي جديد، يطرح ملفات كبرى لا تطرحها الجمعيات الوطنية الحقوقية المتعددة الانشغالات ، و ينطلق في عمله من الخصوصيات التاريخية و الثقافية و الجهوية لشمال المغرب أو الريف بمعناه التاريخي و الجغرافي الواسع، و سيكون له مستقبل كبير في إطار العمل الحقوقي الجهوي، و إن كانت عملية البناء تكون دائما شاقة و طويلة، و المناضلين داخله معظمهم من الحقوقيين الذين غادروا الجمعية المغربية ، فقط الفكرة النبيلة تحتاج إلى نوع من التأصيل و التفاف أكبر. دليل الريف : ما رأيكم في الآفاق الحقوقية لمركز الذاكرة المشتركة و المستقبل؟ محمد لمرابطي : مركز الذاكرة المشتركة و المستقبل برئاسة الأستاذ عبد السلام بوطيب ، عمل حقوقي رصين و متماسك ، نظم ندوتين دوليتين بارزتين.إحداهما بمدينة الحسيمة و الأخرى بمدينة تطوان ، بالإضافة إلى عدة لقاءات و ندوات وطنية بالرباط، و يضم خيرة الأطر الوطنية و الجهوية و المحلية في مجال حقوق الإنسان، و يشتغل على موضوع العدالة الانتقالية الدولية بتجاربها المختلفة، و أعز بوطيب و أقدره لأنه يبادر حقوقيا مثل الإخوة في منتدى شمال المغرب و يناضل جاهدا لإنجاح مشروعه الخاص، و يتحرك من اجل ذلك بعلاقاته الواسعة وطنيا و دوليا، ليخلق بذلك تجربته المميزة. دليل الريف : كيف ينظر محمد لمرابطي إلى أداء المنظمة المغربية لحقوق الإنسان؟ محمد لمرابطي : إطار وطني حقوقي محترم، أساليبه النضالية مرنة ، و يشهد له دوليا بكفاءته و حرفيته الدقيقة ، و مواقفه الحقوقية تنبع من صميم المواثيق الدولية، و قد بدأت انفتح عليه أكثر بعد أن أصبحت الأساتذة أمينة بوعياش رئيسة وطنية و التي أتمنى لها النجاح في مهامها الحقوقية. دليل الريف : كيف تقيمون عملكم داخل جمعية ذاكرة الريف؟ محمد لمرابطي : أتحمل مسؤولية الكاتب العام داخل هذه الجمعية ، و هي جمعية يشهد لها الجميع بالعطاءات الزاخرة و الأنشطة المتميزة و الجادة، و قد راكمت كثيرا في مجال التوثيق و التنقل الميداني الدائم رغم صعوباته وتكاليفه المالية، وهي دائمة المواكبة و الحضور في المحطات البارزة، فهي أيضا مبادرة اجتهادية خاصة تعتمد المؤهلات الذاتية مثل منتدى الشمال و مركز الذاكرة، إذ قررت الابتعاد عن العمل المركزي. دليل الريف : ما هي أفاق العمل المستقبلي بالنسبة لمحمد لمرابطي؟ محمد لمرابطي : أناضل على مستوى الجبهة الثقافية، و أشعر براحة و تجاوب كبيرين فأنا انقطعت حقيقة عن العمل الحقوقي المنظم ، و لكن في المقابل أتلقى دعوات عديدة للحضور في أنشطة ذات طابع حقوقي أو ثقافي ،كما أتلقى دعوات للمشاركة ،و لم أتردد يوما ، بل استجيب مباشرة ، إلا إذا كانت هناك إكراهات ، فأنا الآن أراكم على المستوى الثقافي و النشاط الحقوقي الحر ، و هي بالنسبة إلي تجربة جديدة و مهمة. دليل الريف : ما رأي محمد لمرابطي في الشخصيات التالية ؟ محمد بودرا- حكيم بنشماش - فاطمة السعدي - عبد الوهاب التدموري - عبد الحميد الرايس - سعيد بنعزوز - عبد السلام بوطيب - نورالدين البلوقي - أمينة بوعياش- نور الدين بنعمر- احمد الشيخي - عبد الحميد شباط - عمر لمعلم - فكري لعشير- محمد دحمان - زهرة قوبيع - فاطمة الزهراء الوزاني - محمد ناصري- محمد الصبار. محمد لمرابطي: محمد بودرا : غيور على منطقته وبلاده ، ناضل طويلا في المجلس البلدي للحسيمة وبصدق من اجل الشأن العام ، وانتخابه على رأس الجمعية الأورومتوسطية الدولية دلالة ومكسب ، أبوه كان من رجال التربية الشرفاء بالمدينة . حكيم بنشماش : صاحب أخلاق سياسية رفيعة ، له تاريخ نضالي ، ويمتلك مؤهلات أكاديمية ، وهو من زملاء الدراسة ، أتمنى له التوفيق في مهامه . فاطمة السعدي : توجت تجربتها في العمل الجمعوي الإنساني برئاستها للمجلس البلدي للحسيمة ، باحثة جامعية ، وأتمنى لها النجاح كأول امرأة تقتحم غمار العمل الجماعي بالمدينة على مستوى الرئاسة . عبد الوهاب التدموري : من المناضلين الأوفياء وهو من الأطر العلمية والحقوقية الذين تفتخر بهم منطقة الريف . عبد الحميد الرايس : من احفاد المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي ، مثقف وباحث ، يعطي قيمة كبيرة للمعرفة ، ويشتغل بصمت في ميدان التاريخ وعلم الاجتماع . سعيد بنعزوز : راكم تجربة نضالية مهمة في الحركة الطلابية المغربية خلال الثمانينات ، ويواصل الآن نشاطه الجمعوي والحقوقي ببلاد المهجر لصالح الجالية المغربية. عبد السلام بوطيب : مناضل حقوقي تقاسمنا في الطفولة مقاعد الدراسة بمدرسة محمد الخامس وينشط الآن في المجال الحقوقي بشكل قوي . نور الدين البلوقي : نجم لامع في تاريخ كرة القدم بالحسيمة ، وهو من أبناء الحسيمة الذين تربطهم علاقات احترام بالجميع . أمينة بوعياش : ابنة الريف ، مناضلة حقوقية لها نفس طويل ، أشهرت راية المقاومة والعمل الحقوقي الجاد على جميع الأصعدة ، ودخلت تاريخ المغرب كونها أول امرأة ، تترأس منظمة حقوقية وطنية ببلادنا . نور الدين بنعمر : مناضل حقوقي متميز يفكر بشكل سليم ، واقتراحاته مهمة ، انه رفيق الدرب بالجمعية ، كان موقعه مهم ، ويرأس الان منتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان بالحسيمة . احمد الشيخي : صديق حميم و وفي ، ناضل معنا بصدق في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وحضر المؤتمر الوطني 6 ، والآن ينفتح على واجهات حقوقية جديدة . عبد الحميد شباط : يناسبه أكثر "حزب الاستقلال" و"نقابته" . عمر لمعلم : صديق المرحلة الجامعية، تقاسمنا تجربة العمل بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والآن يرأس جمعية ذاكرة الريف، ويشتغل كثيرا وإنسان مبدئي ومخلص . فكري لعشير: له تجربة نضالية سابقة في العمل السياسي، أحترمه لأنه يناضل على القضايا الكبرى لمدينته، له غيرة، وأول من يرأس شبكة جمعية أحياء مدينة الحسيمة. محمد دحمان : رحمه الله رحمة واسعة، كان صديقي الحميم، جلست معه طويلا قبل وفاته بعامين وكنا نتناقش كثيرا، طيب ودمث الخلق، ويتميز برحابة صدر كبيرة، وناضل في الجامعة من أجل الديمقراطية. زهرة قوبيع: تناضل على حقوق المرأة بجمعية ملتقى المرأة بالريف، وأول امرأة من الريف الأوسط تتحمل المسؤولية في اللجنة الإدارية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. فاطمة الزهراء الوزاني : أول امرأة تحافظ على حضورها بشكل دائم داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لمدة تفوق ثلاث سنوات، وتواصل الآن نضالها التنموي والجماعي بقرية سنادة. محمد ناصري : مناضل حقوقي عزيز، أحترم أفكاره وقناعاته السياسية، ولن أنسى دوره الحقوقي بالحسيمة أبدا. محمد الصبار: أحترمه وأقدره كمناضل حقوقي، ويبادلني هو نفس الشعور. دليل الريف : كلمة أخيرة في حق موقع دليل الريف . محمد لمرابطي : نشكر كثيرا الإخوة في دليل الريف الذين يشكلون مدرسة إعلامية اليكترونية متميزة وناجحة وتحضى باحترام كبير يتجلى في عدد قرائها فهي محايدة و تتقصى الخبر بدقة ونزاهة و موضوعية فطاقمها الإعلامي الشاب ذو التكوين الجامعي الأكاديمي يساهم بشكل كبير في نجاح هذه التجربة .