يلاحظ المتتبع للساحة الوطنية ،ان بعض الاطراف التي تريد تحنيط المجتمع وتنميطه وفق افكارها عبر مجموعة من الاعمال والسلوكات، كما حدث بانزكان بالاعتداء على فتاتين، وبمدينة فاس بالاعتداء على مواطن ، ولافتة "أنزا" والاعتداء على فتاة باسفي وغيرها من الاعتداءات، تبرر اعمالها بمررات عديدة، اهمها العمل على تجنب المجتمع من التوجه وتقليد ما يسمونه ب"الغرب المتفسخ ". لذا فان موضوعنا ياتي للاجابة على سؤال هل بالفعل الغرب متفسخ،ام العكس هو الصحيح؟ - الغرب ليس متفسخا في رأينا. والواقع الذي لا يعلى عليه، ويؤكد صحة وخطأ أي رأي، أكبر دليل على ذلك ، بالاضافة الى عدة مؤشرات أخرى تؤكد ما نقول وأهمها: -أنها دولا متقمدمة تتصدر اقتصاد العالم ،وهذا المكانة لم تكن من فراغ،وليس وليدة استعمار دول الجنوب كما يعتقد البعض،الذي يتطفل على التاريخ( الذي هو علم للاسف لا زال لم ياخذ المكانة التي يستحقها بالمدرسة المغربية والذي لا زال لم يدرس بشكل موضوعي الشئ الذي يساهم في انتشار الأوهام)= لان دول الجنوب كانت متخلفة تاريخيا قبل الاستعمار، وهذا التخلف هو الذي جعلها تخضع للاستعمار،بل ان تقدم دول الشمال ناتج عن تحولات اقتصادية (ثورة فلاحية وصناعية اولى وثانية وثالثة)،وعلمية (سواء على مستوى العلوم الحقة والاجتماعية والانسانية )،وتحولات اجتماعية اهمها انتصار البورجوازية التي استأصلت النظام الاقطاع الذي كان يرتكز على الاقطاعيين واللاهوت ،والتي تمتاز بالاستثمار ،وتحولات فنية جعلت الفن يدخل جميع مناحي الحياة(في وقت لازال العديد من الناس وحتى الفنانين احيانا يحرمون الفن،بدول الجنوب).وبعبارة اخرى تقدم الغرب ناتج عن تحول بنياته التقليدية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والفكرية، أي ولوج الحداثة اي احلال ثقافة العمل والانتاج والاختلاف ،. - الواقع الذي يفند المتحاملين على الغرب والذي يتهمونه بالتفسخ = فالزائر الى مؤسسات الدول المتقدمة يجد انها تشتغل بشكل جيد سواء تعلق الامر بالتعليم ، الصحة ،البيئة، التجهيز ،...الخ ،فخدمات المؤسسات بدول الغرب متقدمة عن دول الجنوب بشكل كبير والسر وراء ذلك هي القيم والاخلاق واعمال القانون ،عكس الجنوب حيث تصادف اعلانات بالعديد من المصالح والمؤسسات تدعو الى محاربة الرشوة والغش،وتجد اناسا يشتكون من الفساد ولكنهم يعمدون الى الغش، ويحاربون الذي يحارب الغش ويتهجمون عليهم ويعتبرونه "نية "و"كامبو"، وعندما تذكرهم بان" من غشنا ليس منا" يضحك أو يقول بان الجميع يغش ،في تناقض صارخ مع كلامهم، واعتداء سافر على الاخرين عبر التعميم.كما ان المواطن بدول الشمال يحترم محيطه وبيئته لايرمي الازبال في الشارع ويحترم قانون السير،ولا يرضى التخل في شؤون الناس واختياراتهم و . و . . وهذا ناتج ونابع ايضا من قيم واخلاق معينة - الغرب بناء حضاري عملاق. نتيجة التحولات السابقة الذكر، ونتيجة الاخلاق وقيم العمل والانتاج ،ويظهر ذلك من عدة معطيات مثل= - مستوى التطور الذي وصل اليه على جميع المستويات، والذي تعتبر امتدادا للتطورات التي بدات مع تراجع الاقطاع وظهور بورجازيات وطنية اسست لدولة الحق والقانون والاستثمار في الانسان ،الشئ الذي جعل الشمال يحتكر معظم الانتاج والصناعي والفلاحي والخدماتي - اعتماد الجنوب شبه الكلي على دول الشمال =فمعظم ما يستهلك من مواد تأتي من دول الشمال بما في ذلك حليب والعاب الاطفال،( وبدون استيراد سيعرف الجنوب عودة المجاعات والاوبئة) الشئ الذي جعل دول الجنوب دولا استهلاكية، وبالتالي الميزان التجاري لهذه الدول يعرف عجزا كبيرا ،الشئ الذي يساهم بشكل كبير في انتشاز مظاهر الازمة بالبوادي والمدن،(فعكس ما يعتقد البعض، قوة البلدان لا ترتبط بتصدير المواد الاولية بل بالناتج الداخلي الخام ،وقيمة الصدارات ،فالبلدان التي تصدر المواد ذات قيمة مضافة مرتفعة تكون غنية، بينما الدول التي تعتمد على تصدير مصادر الطاقة والمعادن فتبقى من دول الجنوب ،عليها ان تعمل من اجل تصنيع مواردها الطبيعية لتثمينها،عبر تشجيع قيم الابداع والعمل واحترام الحرية الفردية ،لان قمع الفرد يؤدي الى تراجع ملكة الابداع والخضوع للجماعة أي لما "وجدنا علية اباءنا" ... - بل من مظاهر قوة الشمال انه يفرض نفسه حتى على الذي يدعي بانه يحارب ويتحدى الغرب ،لانه يعتقد بان التحدي يكون بالكلام والثرثرة ،بدل الانتاج ،لذا تجد هذا الثرثار سرعان ما ينهزم امام الغرب ،حيث تراه مهلوعا وفرحا عندما يستطيع ان يشتري منتوجا غربيا مثل سيل رة او هاتف، متناسيا ان هذه المنتجات المادية هي انتج عملي لافكار الغرب التي لولا مجموعة من القيم لما استطاع انتاجها ،بل ان منتجات الغرب جعلت العديد من ابناء الجنوب (مع احترامي للشرفاء )يعمدون الى الرشوة والغش لشراء هذه المنتجات التي تفرض نفسهاويفتخرون بها ،بل اصبحنا نرى اعدادا ضخمة من ابناء الجنوب يغامرون في البحر للوصول الى الغرب عبر الهجرة السرية (فلا داعي للكذب على انفسنا) - القيم والاخلاق لا تكمن في تتبع عورات الناس. وقد يقول معارض ( ونحن نحترمه اذا التزم بادبيات الحوار)، وبماذا افسر وجد امراض اجتماعية ب "دول الشمال" أي الدول المتقدمة، كما يقول الذين يحاربون الغرب بالكلام (اما في الواقع فكل ما يستهلكونه من تكنلوجيا،وادوية واحيانا من مواد غذائية من انتاج الغرب) ،او كما يقول الذين هاجموا على بنات انزكان او الذين اعتدوا على مواطن بشكل عنيف بفاس بحيث كادوا ان يقتلوا روحا بشرية التي يحرم الدين قتلها،،اقول مجموعة من الاراء اتمنى من الذي يعارضها مناقشتها بشكل حضاري بدل السب والشتم التي هي من شيم الذين خفت موازينهم المعرفية، ويبرون عجزهم باسم الدين الذي يبقى برييئا من اعمالهم للعنف وسب الاخرين ،لان الدين الاسلامي يدعو الى احترم الذي تختلف معه ويدعو الى الالتزام بشروط الحوار،وتتمثل آرائي في= - الاختلالات والامرض الاجتماعية تواجدت وتتواجد بجميع المجتمعات ،دول الشمال تسمح بظهورها والكسشف عنها لان أي مرض اذا اردت مواجهته ينبغي الكشف عنه ،والا فانه سينتشر وسيظهر من تلقاء نفسه .اما دول الجنوب فلا زالت بعض الاطراف تتهرب من مواجهة امراضها الاجتماية،وتعمل جاهدة للحيلولة دون الاعتراف بها ،كالمريض الذي يتهرب من العلاج ولايريد الكشف عنه،الشئ الذي سيؤدي الى استفحال المرض - القيم والاخلاق لا تكمن في تتبع عورات الناس ،فالانسان المتحضر هو الذي يحترم اختيارات الاخرين ،فالاخلاق الواحدة توجد بالقبيلة الواحدة وليس في المجتمع الذي يمتاز بالتنوع ،فهناك من يريد لباس "الصايا "وهناك من يريد الحجاب ،وهناك من يريد الذهاب الى البحر للسباحة (ذكرا او انثى )،وهناك من يريد الذهاب الى البحرلرؤية امواجه فقط، وهكذا دواليك في جميع مناحي الحياة، وهذا ليس تفسخا بل تطورا يعكس تطور المجتمع،ومن يريد ان يضرب هذا الاختلاف سيكون مسؤولا عن ايقاض الفتنة التي لن يستفيد منها احد، - اما الاعتداء على المثليين فليس بعمل حضاري = بل تعدي على مواطن يعاني خللا ،لان المثلية ناتجة عن خلل وراثي يصيب ويهدد أي واحد او واحدة ،تواجد ويتواجد بجميع الأزمنة والأمكنة ،ويمس نسبة معينة في اعداد معينة من الناس ،وتجعل صاحبها يمتاز بسلوكات معينة على غرار كل خلل عضوي ليس مسؤولا عنها و لا تهدف الى المس بالاخرين،كما يعتقد البعض ،فلا داعي ان يعتقد احد بان هناك مؤامرة اجنبية ولا داعي الى الافتخار بالاعتداء على المثلي ، لانه خلل قد يصيب ابنه او ابنته،و لان الله عز وجل والتاريخ سيعري "من يتتبع عورات الناس"،فكم من واحد ظهر على حقيقته بعدما كان يدعي التقوى .لذا ادعو عائلة المواطن الذي تعرض للاعتداء بفاس الى احتضان ابنها ،ونفس الشئ بالنسبة لفتاتا انزكان خلاصة القول . الغرب أو دول الشمال المتقدمة لا تعرف تفسخا، كما يعتقد الذين يظنون بانهم يتحدون هذا الغرب ،لان القيم والاخلاق لا تتمثل في تتبع اختيار ات الناس، لان هذه الاخيرة تدخل في اطار الحرية والهوية الشخصية للفرد، سواء كان رجلا او امراة ، بل تتمثل في العمل والانتاج والتفاني في العمل ومحاربة الغش قولا وفعلا ،لان الانسان المتحضر لا يرضى ان يتدخل في حياة الاخرين ولا يرضى ان يفرض تصوراته على الاخرين،بل حتى على ابنائه وبناته ،بل يفتخر اذا راى ابناءه يختلفون معه ،لان اساس التطور والتعايش هو احترام الاختلاف ،والا فان دول الجنوب هي التي ستعرف مزيدا من التفسخ ،على اعتبار ان العديد منها قطعت اشواطا مهمة في اطار التفسخ، نتيجة الصراعات االناتجة عن عدم احترام التعدد وعدم الاجتهاد لمسايرة العصر وجعل الاخلاق والقيم نسبية تختلف حسب الاطار التاريخي أي حسب الازمنة والامكنة.وقبل ان اختم لا بد من التذكير بان عز وجل "ينظر الى اعمالنا ولاينظر الى صورنا" ،وانه هو الوحيد الذي سيحاسب أي واحد عن اعماله يوم القيامة ،وبالتالي لا يحق لأحد ان يحاسب الاخر في الدنيا ،واذا اراد ان يعبر عن رايه ،فينبغي ان يكون بالتي هي احسن، أي بطرق حضارية لتجنب الانهيار،فالغرب ليس متفسخا ،بل بناء حضاري عملاق،منافسته لن تكون بتتبع الاخرين واتهامهم، بل بالعمل والانتاج كما فعل اليابان وكوريا الجنوبية مثلا . وفي الاخير اعلم ان العديد سيعارض افكارنا وهذا شئ طبيعي ،واتمنى من الذي يريد ان يناقشها ان يلتزم بادب الحوار التي يؤكد عليها ديننا ،.فمن مظاهر قوة الغرب ايضا ،استمرار اكتشافاته ( التي بدات مع القرن الخامس عشر،) عبر اكتشافه مؤخرا لكواكب جديدة في وقت لا زال الجنوب يعرف صراعات دموية وتحرش بالنساء وبالحرية الفردية اساس الابداع.وعندما نقول الغرب بناء عملاق لا يعني اننا نقول بنهاية التاريخ ،بل نقول بان المنافسة الشريفة للغرب تكون بالعمل واحترام اختيارت الناس والتخلص من التصورات القبلية.