مشاريع الحسد الجزائرية تواصل فشلها الذريع....    جوائز الكاف 2024: أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل لاعب إفريقي للسنة    المنتخب المغربي يختتم تصفيات كأس إفريقيا 2025 بالعلامة الكاملة    الأسود يلتهمون ليسوتو … ويثخنون شباكها …    إدارة حموشي تحتفي بأبناء نساء ورجال الأمن المتفوقين    شريط سينمائي يسلط الضوء على علاقات المملكة المغربية والولايات المتحدة منذ مستهل التاريخ الأمريكي        الشرادي يكتب : عندما تنتصر إرادة العرش والشعب دفاعا عن حوزة الوطن وسيادته    حالة ان.تحار جديدة باقليم الحسيمة.. شاب يضع حد لحياته شنقا    بمناسبة عيد الاستقلال.. توزيع حافلات للنقل المدرسي بإقليم الحسيمة    العراقي محمد السالم يعود لجمهوره المغربي بحفل كبير في مراكش    إنقاذ سائح وزوجته الألمانية بعد محاصرتهما بالثلوج في أزيلال    مصرع 4 أشخاص في حادث سير مروع    المغنية هند السداسي تثير الجدل بإعلان طلاقها عبر "إنستغرام"    مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب        الحزب الحاكم في السنغال يستعد للفوز    بريطانيا تفرض عقوبات جديدة ضد إيران    الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة        دراسة: البحر الأبيض المتوسط خسر 70 % من مياهه قبل 5.5 ملايين سنة    تصعيد الأطباء يشل الحركة في المستشفى الحسني والمراكز الصحية بالإقليم    أجواء غير مستقرة بالمغرب.. أمطار وزخات رعدية وثلوج ابتداءً من اليوم الإثنين    رابطة ترفع شكاية ضد "ولد الشينوية" بتهمة الاتجار بالبشر    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    فتح باب الترشح لجائزة "كتارا للرواية العربية" في دورتها الحادية عشرة    انطلاق مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية وسط أجواء احتفالية تحت شعار " الألعاب الشعبية الدولية تواصل عبر الثقافات وتعايش بين الحضارات"    محامي حسين الشحات: الصلح مع محمد الشيبي سيتم قريبا بعد عودته من المغرب    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    المغرب يرسل أسطولا إضافيا يضم 12 شاحنة لدعم جهود تنظيف قنوات الصرف الصحي في فالنسيا    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعقيب على مقال 'داعش والجرائم ضد الانسانية' لصاحبه محمود بلحاج


مقديمة
في سياق ما تشهده المنطقة العربية وتحديدا العراق وسوريا من بروز تيارات متطرفة تحمل لواء الاسلام وتمارس العنف والقتل بحق الابرياء وبكل المخالفين لهم ولتوجهاتهم الايديولوجية مثل تنظيم "داعش".. يطرح التساؤل عن الخلفيات الفكرية لهذه التنظيمات التي تتخذ من الاسلام شعارا ومن الخلافة هدفا ... وقد يتساءل البعض ممن لم يعرف جيدا سماحة هذا الدين ، هل حقا ان الاسلام يشرع لتلك الجرائم ، أم أنها مجرد قراءة محرفة عنه ومحرفة له ...
وجوابا على مثل هذه الاسئلة كتب السيد محمود بلحاج مقالا بالعنوان أعلاه والمنشور على صفحات الموقع الالكتروني لدليل الريف المتميزة يوم : 27/09/ 14 يتهم فيه الاسلام بشكل مباشر تارة وبشكل غير مباشر تارة اخرى ويعتبر ان سبب هذا العنف والإجرام هو الدين نفسه ما دام ما يحدث يتم باسمه ومن أجله..هذا اضافة الى ذكره اسباب اخرى موضوعية ليست محل نزاع .. ونعتقد ان صاحبنا قد جانب الصواب في مقالته تلك بشكل كبير جدا ..فلو انه اقتصر في نقده على الجانب التاريخي لما وجد منا اي اعتراض باعتبار ان التاريخ لا قيمة له الا بمقدار الاستفادة منه كأمم وكشعوب ولو اقتصر على بعض الاحاديث (النبوية) لكان الأمر هينا الى حد ما ،بلحاظ السياق التاريخي والزمني لمسألة التدوين والأخطاء التي نقلت عن قصد او غير قصد من طرف الرواة ..ولكن الادهى من ذلك انه اعتبر القرآن أيضا سببا في ما يقع من جرائم وقتل وعنف ..مع ذكره لكثير من المغالطات وتعامله مع النص بأسلوب انتقائي يشبه اسلوب "داعش" نفسها حين التعاطي للموضوعات الدينية ...وسنكشف لقرائنا الاعزاء عن اوجه الخطأ في مقاله والذي كما يبدو خلط فيه بين الحابل والنابل كما يقال ..فلم يميز بين التاريخ وبين الدين ..ولا بين النص و بين الواقع ..ولا بين الثقافة والوحي ..فأخذ يرى الامور بالمقلوب ..فبدل ان يحاكم التاريخ من خلال النص الوحي اخذ يحاكم النص/الوحي من خلال التاريخ ..ليجعل من الاسلام مشجبا يعلق عليه اخطاء القوم ..
من المؤكد ان المسار التاريخي للمسلمين –رغم اسهاماتهم في تشييد الحضارة الانسانية في فترة من فترات التاريخ معروفة وعلى جميع المستويات الفكرية والعلمية ..- قد شهد انحرافات خطيرة وظلما وجورا باسم الدين وقد كانت الخلفية الفكرية في معظم تلك المحطات دينية اسس لها "كهنة ألمعبد" سواء في شرعنة الاستبداد السياسي /الحكم لمن غلب –او قومي /(الائمة من قريش) .او لغوي /قداسة اللغة ..او هيمنة على الشعوب تحت مسميا ت الجهاد/الفتوحات ..كل ذلك وغير ذلك قد تم باسم الدين ..ولكن ذالك ليس دينا ..- كما اراد ان يوهمنا كاتب المقال -بل هو استغلال للدين وتحريف له ولعب بنصوصه من خلال الدس تارة ،والكذب على الرسول أخرى، او التحريف والتأويل الممنهج لخدمة اغراض سلطوية ودنيوية ...
وسنحاول في مقال لاحق بيان بعض جوانب الخلل في "الموروث الديني لنتعرف على الجذور المعرفية التي تحكم ذهنية الفقيه – والكلام ليس على إطلاقه و التي قد تدفعه الى صياغة مفاهيم طوباوية أو اصدار قراءات وأحكام وفتاوى غريبة مخالفة للنص و للواقع معا...وبهذا سيتبين للقارئ تلك القراءة السطحية والتعسفية التي تناول بها صاحب المقال موضوعه اذ ان الامر اعقد مما يتصور .. وليسمح لي السيد محمود في أن يكون خطابي موجها إليه في البداية بشكل مباشر ولا يآخذني ان كانت لهجته قاسية في بعض سطوره فهو مما يقتضيه طبيعة الموقف ،اذ ان صاحبنا وهو ينتقد العنف الموجود حاليا يستعمل في ذات الوقت عنفا رمزيا وهو لا يختلف عن العنف المادي إلا شكلا، و قد يكون الثاني نتيجة الأول، ورغم كل ما وقع فيه من أخطاء فاللوم الحقيقي لا يقع عليه بالقدر الذي يقع على المؤسسة الدينية عموما التي تعيش الانغلاق و فوضى الاجتهاد وهذا ما سنبينه لاحقا في موضوع مستقل متى توفرت الفرصة لذلك...
1/ - الوجه الاخر للإسلام و ثقافة العنف ..
في مقدمة كلامك تقول: (... الذين لا يقبلون – إجمالا – الرأي المخالف لهم – لسبب بسيط هو أن أغلبيتهم ألفوا اجترار مختلف الصور الإيجابية عن الإسلام دون غيرها من الصور التي تعكس الوجه الآخر للإسلام...) اسألك ما هو الوجه الآخر للإسلام و هل للإسلام وجوه عدة إن ما نعرفه عن الإسلام هو أنه دين الرحمة و العدالة و المساواة و نبيه نبي الرحمة (و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)الآية .فمن نصدق يا ترى ؟ انت ام الله ؟
و مرة أخرى نسألك ماذا تقصد حين قولك ( أن العنف جزء من ثقافتنا و سلوكنا) ؟ نعم إن الثقافة و السلوك هو نتاج عوامل متعددة من تقاليد و أعراف و أوضاع اقتصادية و سياسية و حتى دينية، كما أن الفهم الخاطئ للدين قد يؤدي إلى أنماط سلوكية شاذة.. و لكن ما شأن الإسلام بكل ذلك إذ أن هذا الأخير يدعو الناس إلى قيم الخير دائما ألم تسمع بقوله (ص) (الدين المعاملة) و قوله (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ...و إذا كان الكثيرون قد تاجروا بالدين من أجل تحقيق أهداف شخصية أو سياسية أو اقتصادية أو مذهبية... فهي مشكلتهم و ليس للدين دخل فيها و قد تم ذلك من قبل و الى اليوم باسم ديانات عدة كالمسيحية و اليهودية بل باسم كل الإيديولوجيات ،فهل محاكم التفتيش و الحروب التي تمت تحت شعار (الصليب) قد دعا إليها المسيح (ع)؟ و هل ما قام به ستالين ومن قبله خروشوف في ابادته للمعارضين كان بالضرورة منسجما مع الماركسية ؟وهل ما تفعله امريكا من خرق للديمقراطية ولحقوق الانسان في العالم يجعلنا نطعن في هاتين المقولتين؟... اذن فهل باعتقادك ان ما تفعله داعش بالمسيحيين
ينسجم مع الإسلام الذي أمر أن لا يمسوا ،هم ولا كنائسهم بسوء بل أن نجادلهم بالتي هي أحسن؟ ام ان النجاشي ملك الحبشة النصراني كان مخطأ حين قبوله بإيواء من هاجر اليه من المسلمين الاوائل بأمر من الرسول ولم يدر ان دينهم دين عنف وقتل للمسيحيين ؟ فمن حسن الحظ أنه لم يكن يعتقد بما تقول.. وإلا لأبادهم جميعا...ولنفترض لو كنت انت مكانه –وفرض المحال ليس بمحال كما يقول المناطقة –ماذا كنت ستفعل بهم وأنت تعتقد بما تعتقد به الآ؟ . أين عدلك أسي محمود و أنت تقطن بالغرب بالقرب من محكمة لاهاي الدولية أم أنها لازالت هيئة ممركة؟
و تعود مرة أخرى فتقول (... إن العنف جزء من كياننا الديني و الثقافي حيث ان للنص الديني مكانة متميزة في حياتنا اليومية) و تخلص الى النتيجة ذاتها قائلا: (... وبالتالي فثقافة العنف و الكراهية متجذرة في ثقافتنا الاسلامية شئنا أم أبينا) و هنا نسألك مرة أخرى :هل تدعونا إلى طرح النص الديني جانبا حتى نتخلص من ثقافة العنف ؟فإن كان هذا هو الحل الذي تقدمه فاعتبر هذا الرد ملغيا لأنه حين ذاك سيتوجب منا تغيير مسار النقاش و البحث في مصدر النص هل هو وحي منزل أم لا؟ ولكني لا أحسبك إلا شخصا مثقفا اختلطت عليه بعض المفاهيم كما اختلطت على الكثيرين فأصبح في حيرة من أمره... اذ أن النقاش في وحيانية النص قد تم تجاوزه في الساحة الفكرية منذ فترة ليست بالقصيرة- اللهم ان كنت تريد ان تعيد عقارب الزمن الى الوراء - وها هم الكثيرون من رفاق الدرب قد عادوا- بعد اغتراب مؤقت عن الذات -إلى ساحة الإسلام الشعبي الذي حافظ على اصالته واستعصى على الأدلجة بكل اشكالها ... وآخرون منهم أدت بهم التجربة النضالية و السياسية الطويلة الى التمييز-على الأقل- بين الدين و تسييس الدين .. وأما إن كان غرضك هو الوصول إلى حل المشكلة الدينية من خلال تخليصه من القراءات المحرفة و التأويلات الخاطئة التي تنسب إلى الإسلام ..فأنا شخصيا لن أكون إلا بجانبك ..
2 / السقوط في التناقض ..
و لكني حينما أصل الى بعض الجمل التي ذكرتها اشك في موضوعيتك في هذا المقال فمعذرة ؟! فها أنت مرة أخرى تسقط في نفس المغالطة ؟! حين قولك: ( أما الأمر الثاني فهو أن عامة المسلمين يد ينون جرائم داعش التي تسيء لهم و لدينهم...) و ماذا تتوقع أس محمود ؟ هل تتوقع من المسلمين أن يباركوا تلك الجرائم ؟! و هل أنت كمسلم تباركها ؟! ثم إن كلامك هذا يتناقض و ما ذكرته آنفا من أن ثقافة العنف و الكراهية متجذرة في ثقافتنا الإسلامية ! فإن كانت كذلك فلماذا يدين عامة المسلمين "داعش" و جرائمها اذن؟ أدعوك الى التركيز حتى لا تسقط في مثل هذا التناقض مرة أخرى.
3 / الاعتقاد بان الاسلام دين العدل والرحمة اعتقاد زائف ..
و تتمة للجملة تقول عن الإسلام (... الذي عادة ما يوصف بالعدل و الرحمة. هذا الاعتقاد الزائف لدى معظم المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها ناتج – أساسا – عن جهلهم بالنص الديني في شموليته ((القرآن و ما يسمى الحديث) ها أنت تعود الى نفس الغلط الذي أرجو أن يكون هو الآخر خطأ غير متعمد،اما الملاحظة الأولية فهي انك سمحت لنفسك ان تتهم كل المسلمين في مشارق الارض ومغاربها بأنهم جاهلون بالنص الديني ولم تستثن احدا الا نفسك
والثانية على شكل سؤال وهو : اذا كان الاعتقاد بان الاسلام دين الرحمة والعدل اعتقاد زائف –على حد قولك - فلماذا اعتنق الأمازيغ الأحرار الإسلام رغم ما فعله (الفاتحين/الغزاة) بهم و بأرضهم و بكثير من ثرواتهم ؟! لو لم يجدوا في الإسلام الرحمة و العدالة و المساواة و الحرية ؟ هل كانت ثوراتهم ضد الظلم و الاستعمار أم ضد الإسلام ؟لماذا رفضوا الظلم و قبلوا بالإسلام ؟ أم انك تعتقد أنهم أغبياء الى هذا الحد ؟!ولماذا لم يترك الامازيغ هذا الدين بعد ثورتهم على والي الخليفة في شمال افريقيا والملقب (بالحبحاب)..وانما نجدهم قد اسسوا للدولة البرغواطية وبقوا على اسلامهم (الا ان الخلافة المركزية وفقهاء السلطان سموهم بالخوارج) اما عن إمارة بني صالح وحضارتها فان أخبارها ملأت الأمصار والبلدان فلا داعي للكلام، إن اعتناق الامازيغ للإسلام لم يكن ليحدث لولا كونه دين الحرية و دين الأحرار و لم يكن الأمازيغ في يوم من الأيام - سواء قبل الاسلام ام بعده- و لن يكونوا إلا أحرارا.. بل إن الأمر يصدق حتى على الذين رفضوا الدين و هم قلة على أية حال و انتقلوا الى البحث عن الخلاص في اديولوجيات أخرى بديلة رفضوا الدين المتاجر به، و الدين المستغل، و الدين الذي هو كالطبل المنفوخ الذي لا يحمل إلا الهواء.. و الذي قدم لهم بصورة مشوهة بل كارثية من أطراف عدة ساهم فيها حتى الكثير ممن يسمون أنفسهم بشيوخ الإسلام من ذوي العاهات الفكرية و الإعاقات الذهنية ..وكان من حقهم ان يرفضوا ذاك الدين بل من حقهم ان يكفروا بإله ينحاز الى الأغنياء والمترفين على حساب الفقراء والجياع .
إن الاعتقاد بأن الإسلام دين الرحمة و العدالة ليس اعتقادا زائفا كما تقول آسي محمود، بل هو حقيقة قرآنية و نبوية بل وتكوينية (و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) فهذا مقياس لمن اختلطت عليه الحقيقة بسبب كثرة الأوراق المطبوعة في دهاليز السياسة و مختبرات الإيديولوجية،فلم يعرف هل داعش و أمثالها ممن انتزع الله الرحمة من قلبه يحسبون على الإسلام أم لا ؟لا شك أنك سمعت بتلك الأحاديث و الآيات الكثيرة التي تدعوا الى العدل و الرحمة بين الناس ؟َ فما بالك تستعمل الاسلوب الانتقائي في التعامل مع النصوص الدينية ؟الشيء الذي يخرج مقالك من العلمية و الموضوعية ليغرق في الذاتية التي حددت لنفسها نتيجة البحث سلفا .....
4/ مفهوم العلم ..
وفي معرض انتقادك لبعض المشايخ وخطباء الجمعة- ممن يبدوا انه لم يقنعك خطابه -وهذا مع الاسف حال كثير من الوعاظ والخطباء الذين يعتلون تلك المنابر ممن هو بعيد كل البعد عن المعرفة العلمية التي لا مناص منها في تفسير النص الديني باعتباره نصا إلاهيا وليس رواية او قصيدة شعرية ... اعود الى حجتك التي سقتها في معرض ردك على خطيب الجمعة – قلت : (ان قائد التنظيم ابي بكر البغدادي حاصل على دكتورا في العلوم الاسلامية )لن نتساءل عن الجهة التي منحت لهذه الشخصية المريبة صفة دكتور لان كل الاحتمالات ممكنة في هذا الزمن الرديء ،فحتى المشعوذ في الأوساط الشعبية يسمونه رفقي /لفقيه ..ولنعتبره تجاوزا دكتورا,ولكن متى كانت الشواهد المحصل عليها دليلا على اخلاقية صاحبها وإيمانه ووعيه ..ثم ماذا تنفع العلوم الاسلامية من دون استيعاب للعلوم الانسانية وللعلوم الطبيعية في حدودهما القصوى؟. ولعلك سمعت بالفقيه الذي افتى جازما وفي هذا العصر بان الارض ليست كروية .. ان الخطاب القرآني آيات (لأولي الالباب) وليس لذوي الشواهد ألعلمية -مع احترامنا لكل اطرنا الجادة و المخلصة-كما ان هذه الآيات (لا يعقلها إلا العالمون ) .
ثم ما هو مفهومك للعلم؟ أليس العلم سيف ذوا حدين ؟..والقنبلة الذرية مخترعها عالم ..؟بل ان ابليس وفق مفهوم معين للعلم كان عالما، وقد استخدمه في الاغواء والشيطنة.. فكان مصيره الطرد واللعنة الابدية ...ان مفهوم الايمان مفهوم اخلاقي قبل كل شيء وكما يقول كانط (ان الناس يتدينون لأنهم متخلقون وليس العكس ). اتدري لماذا لم ينتفع ابليس بعلمه ؟..لأن أنانيته غلبت عليه فلم يرض الاذعان للحقيقة ..وهذا شأن كل متكبر سواء كان منتميا لمؤسسة دينية او لا دينية ،انه الأنا المتضخم أو الانا المتعالي الذي يجعل من الانسان عبدا لنفسه فيستعمل كل الاساليب للوصول الى مراده ولو بتحريف النص او تأوليه.. ثم ماذا في جعبة هذا البغدادي/(سقراط زمانه) , من معرفة؟ وكم كتب من كتب وألف من مؤلفات؟ وكم عالج من قضايا وطرح من نظريات في الاجتماع والسياسة والاقتصاد؟..حتى ينصب نفسه خليفة ... أم تراه قد اصابه الغرور فضن نفسه أعلم أهل الارض ..بل لعله اعلم ب (يوزر سيف) النبي ،الذي بعد ان تم الاعتراف به شعبيا ،ورسميا من طرف العزيز ملك مصر.. طلب ان يكون مكلفا فقط وفقط بالشأن الاقتصادي, أما ذاك البغدادي فلم يستحي من ان يطلب لنفسه ومن جميع مسلمي العالم البيعة ...والا...
5/ معيار الصحة ..
ويقول: [عادة ما نسمع ان الاسلام هو دين العدل .والمساواة والتسامح والتعايش الديني (حرية المعتقد )..مما يجعل المرء يعتقد بان الاسلام خالي بتاتا من العنف (هذا ما نعتقده ونحن صغار ).. ] وهنا نقف لنسأل معترضين :متى كان هذا النوع من الاستدلال استدلال منطقيي ومتى كان التغير في الموقف بين الصغر و الكبر معيارا للصحة ؟ وإذا كان الامر كذلك فماذا تقول في من كان في صغره يعتقد خلاف ما كنت تعتقد ولما كبر صار يعتقد عكس ما تعتقد .. ؟ وتكمل كلامك جازما (..بينما الحقيقة التي لا تقبل الطعن أبدا ,هي ان الاسلام يحوي في سجله ابشع صور اهانة الانسان وكرامته واستقلاليته...)فماذا تقصد بسجل الاسلام اس محمود ..؟ كن واضحا في خطابك ،فهل تقصد بالسجل التاريخ ام الوحي ؟ ام انك ممن يتعمد اسلوب التورية والمراوغة ..لتمرير مواقف على القراء الكرام..؟ وهل تظن ان القارئ في غفلة عن ذلك..؟ فان شأت ان تتأكد فيكفيك الانتباه الى تعليقات الزوار .
6/ ويل للمصلين ..
وأنت تطرح السؤال (ما علاقة الاسلام بالجرائم التي ترتكبها داعش وأمثالها) تجيب قائلا –وبشكل جزمي متهما النبي والقرآن معا وعلى شكل سؤال استنكاري لا استفهامي -...اليس الرسول (ص) هو من قال امرت ان اقتل الناس حتى يؤمنوا بالله ؟..الم يتناول القرآن الكريم موضوع الجهاد في ازيد من 100 آية قرآنية؟)
وحتى لا اطيل في الرد على هذا الخطأ ايضا اكتفي بالقول في ما يخص الحديث :
*اولا . إما قد خانتك الذاكرة فلم تتحقق من الحديث وإما خانك النقل وكلاهما خطأ ينبغي عليك تداركه ..فلفظة( اقتل ) غير واردة في الاحاديث اطلاقا اللهم ان كان لصاحبنا صحيفة اخرى لم نطلع عليها .. * ثانيا ان الحديث قد ورد بلفظ امرت ان ( أقاتل ) و هي المقاتلة التي فيها طرفي قتال ..ام انك لا تميز بين القتل و المقاتلة .. ولا تفرق بين القاتل والمقاتل وأخاف ان ان يستوي عندك .. القاتل والمقتول .
*ثالثا ان هذا الحديث على فرض صحته, ينبغي وضعه في سياقه العام المأطربنصوص وآيات اخرى حتى لا تقع في مثل ما وقعت فيه داعش في فهمها للدين.. ومنه قوله تعالى "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا " وإلا فان استدلالك يشبه قول احدهم (ويل للمصلين) .و أما في ما يخص الاستدلال بالقرآن وانه يدعوا الى العنف والقتل و الاجرام أقول: يبدوا ان صاحب المقال حاول ان يضفي صبغة علمية على موقفه في التهام الاسلام بالعنف والإجرام ..فراح يستعين بلغة الارقام متسائلا و ناقلا عن غيره (..الم يتناول القرآن الكريم موضوع الجهاد في أزيد من 100 آية قرآنية ) فلو كان باحثا عن الجواب لأجابه القرآن نفسه ولاكن سؤاله كان استنكاريا فلهذا لم يجد جوابا ..انه القرآن ..وهذا شأنه.. دائما ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا) فاحذر..ولم يكلف صاحبنا نفسه بالقيام بمناقشة تلك الآيات ولا النظر في معانيها ولا معرفة سياقاتها الزمنية والمكانية..ولعله يعتبر أيضا قوله تعالى (وجاهدهم به جهادا كبيرا )مقصوده الجهاد بمفهومه الحربي ..ثم ألى يعتبر هذا الاخير-اي الجهاد العسكري - أمرا ضروريا حينما يكون ضروريا؟ ..وبلغة العصر ان الحرب المشروعة يؤيدها القانون الدولي والمعاهدات الدولية (ميثاق الأمم المتحدة المادة 51 ) أما اذا اعطي للجهاد ذلك المفهوم السلبي كما يفهم من كلامه- فانه يلزم من صاحبنا ان يضع محل تساؤل وتشكيك كل حركات المقاومة والكفاح المسلح الذي خاضته الشعوب من اجل التحرر من الظلم والاستعمار – ولا مشاحاة في الاصطلاح ..جهاد - نضال - كفاح.. ولا ندري اين سيصنف ثورة الريف او المقاومة الريفية التي خاضها المجاهدون ضد الاستعمار الاسباني والفرنسي في تلك الملحمة الاسطورية التي قل نظيرها في العالم وخاصة ان شعار الجهاد كان حاضرا بكل عفوية وتلقائية ولو لم يكن شعارهم ذاك منسجما مع قضيتهم العادلة لما عرفوا تلك الانتصارات التي ايدها احرار العالم ولم تكن لهم تلك النظرة السلبية للجهاد كما هي عند صاحبنا ..وعودة الى احصائه لعدد آيات الجهاد نتساءل هل قام ايضا بإحصاء لعدد آيات الرحمة والصبر والإحسان والعفو؟..ام له طريقته الخاصة في الاحصاء يتفرد بها عن غيره ؟ ربما
7/الاستشهاد بالتاريخ ..
وقبل ان يختم كلامه اورد مجموعة من الاحداث التاريخية مما فعله الحجاج وبنوا امية بالمعارضين ليلصق ذالك بالإسلام ..ونسأله سؤال المبتدئين ،من الحجاج هذا ؟ ومن هم بنوا امية ؟ فهل كانوا يمثلون هذا الدين يا ترى ؟ وبالمقابل من كان أوليائك المعارضين ؟ هل هم أناس جاؤوا من جزيرة الوقواق ام انهم من المسلمين لهم طرحهم ورؤيتهم للدين تختلف عن رؤية الحجاج؟ فلماذا يستشهد باستبداد الحجاج ولا يستشهد بمظلومية هؤلاء ؟لقد ذكرني هذا النوع من الاستدلال بمقولة لإبن عمر اثناء مجادلة كلامية مع احدهم قال له مستغربا :"اقول لكم قال رسول الله وانتم تقولون قال عمر"؟ فلم يقبل أن يكون كلام عمروهو- (الخليفة) - مقابل كلام الله.. ولكن صاحب المقال جعل من الحجاج مصدرا من مصادر التشريع,...وكأن الله قد قال "ولكم في الحجاج أسوة حسنة" ...
8/محكمة..
قرار محكمة العدل الدولية /(لاهاي) رقم .....بتاريخ.....
وما دام قد حدث ذلك كله في التاريخ ..يتساءل كاتب المقال ، قائلا:(..فلماذا نتعجب للجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش ؟ بل ولماذا يحاول البعض تبرئة الاسلام مما يحدث الآن من الجرائم باسمه ومن أجله بينما هو(=الاسلام) المرجع والمصدر الأساسي في كل ما يحدث وسيحدث مستقبلا باسم الإسلام والدفاع عنه) وهنا ينتهي كلامه .
وبهذا فان صاحب المقال اقام محكمة ونصب نفسه فيها قاضيا وأصدر حكما صارما.. فلم يقبل في الغرفة لا شاهدا ولا محاميا ..رفعت الجلسة .
ولن اعلق اكثر على هذا الكلام .
احترم كل الاشخاص.... ولكني لست ملزما باحترام كل الأفكار
مع تحياتنا لكاتب المقال وللقراء الاعزاء....... فريد المغترب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.