المواطنة لها عدة تعريفات سواء حقوقيةاو سياسية، أو قانونية أوتربوية ...لكن ما يهمنا هو أن المواطنة كفكرة وقيمة جديدة ،عوضت في الغرب الاطلسي الهويات الاولى البدائية"العنصر،العرق،الاثنيات،الديانات ، المذاهب،الانتماء الجغرافي،العائلة..."مماحذى بالهوية الجديدة -المواطنة- من إكتساح مساحة واسعة كانت في العصور والقرون البائدة مجال خاص للهويات المغلقة. بكلمات أخرى، على ارضية المواطنة تم إذابة ومن ثم إستعاب كل الفوارق والاختلافات الهوياتية حتى الاجتماعية منها، في وعاء المواطنة، صمام أمانه هو الدولة الوطنية . لعل هذا الركن الاساسي، على أسسه يمكن بناء الدولة الوطنية الدمقراطية في شروط الحرية.من غير الممكن ويستحيل للغاية تحقيق الدمقراطية، التي تشترط إرساء دعائمها على مبدأ المواطنة، التي تجد نواتها الصلبة في الحرية كغاية لحفض المساواة . المواطنة ارضية مشتركة تذيب الهويات البدائية التي تميل الى الاقصاءوالتناحر،هذه الارضية -اي المواطنة-غايتها ولوج وبسط مجتمع مدني وسياسي يحقق المآرب والمصالح الاقتصادية المادية منظمة قانونا،لتحقيق الفرد الاقتصادي عوض الفرد الاخلاقي ذوالهوية الرديكالية الاقصائية المغلقة على ذاتها، غير القابلة للتزحزح والثني. المغرب بعد صراعه المرير للخروج من واقع الاستعمار،حاول جاهدابناء دولة حديثة وطنية يسود فيها القانون والمؤسسات، ما حاول دستور 1962والدساتير اللاحقة النص عليها . على عكس ذلك لم تستطع الدساتير طبعا تحقيق هذه الفكرة، والتغلب على مختلف أشكال الاستفراد والهيمنة، التي نتج عنه إقصاء أطراف متنوعة تنتمي الى النسيج الجغرافي للوطن .لقد تواجدت طغمة التحفت في لحاف ولبوس حزب سياسي عائلي شمولي..عمل جاهدا على تصفية الاطراف الاخرى، كانت سنتي 1959/ 1958شاهدة على هذا الاسلوب التصفوي الاقصائي، هاتين السنتين توجتا مسيرة جهنمية ابتدعتها قيادات ماسمي "حزب الاستقلال" أبانت هذه القيادات عن موهبة نادرة في اختطاف وتعذيب والاجهاز على ارواح القيادات الوطنية المعترضة على اساليبهم غير الوطنية. ضل هذا المسار أسلوبا ونهجا ابقى مفهوم المواطنة شعارا ديماغوجي لتوطيد الفساد الانتخابي والاقتصادي والمالي والاداري..لقد وُظف هذا المفهوم للوصول الى مكامن ومفاصل الدولة، داخل ادارة الاقتصاد والمال،والهيمنة على مجموع المؤسسات العامةالمنتجة الاقتصادية والتجارية، والمالية والثقافية وحتى الاكاديمية..كذلك السطوعلى الوظائف العمومية الرفيعة والاقل درجة،ما جعل مبدأ المساواة في تقلد الوظائف العامة في خبر كان. لقد حاولت هذه الطغمة الاستفراد بالسلطة والثروة بتسخير كل الاساليب الخبيثة للنيل من الرموز الوطنية، في مقدمتهم الامير عبدالكريم الخطابي في محاولة فاشلة منهم لثني ارادة الشعب المغربي في بناء الوطن، نقطة الانطلاق هي الرموز الوطنية تحفزنا على تأسيس الدولة الوطنية.هذه الحملات المغرضة، تأكده مدونات فقهائهم، وكتابات كتابهم "التاريخية والسياسية".. إذا كان الامر بدأ هكذا،لايمكن اليوم ان نتحمل هذا الواقع .لقداثبتت الوقائع والحقائق التاريخية ومازالت طريقة عمل الالة الاقصائية هذه، حيث يستطيع اي باحث ممبتدئ اكتشاف المبادئ والمواقف الشمولية الاحادية، من ارشيف قادة "منظمةالاستقلال" في استبعادهم ونبذهم للتنوع والاختلاف والتعدد السياسي الحزبي،اظهرت هذه الطغمة عن غريزة ملفتة للهيمنة على الحقل اللغوي والثقافي للوطن ادى المواطن جراء هذا الاقصاء كلفة باهضة"فشل منظومة التعليم/خرق مبادئ المحاكمة العادلة...."لايمكن التعايش مع هذا الواقع غير المواطن في ظل اصرار حصر تاريخ الامة المغربية في تاريخ هروب الادارسة من المشرق، هذا طمس ممنهج لمعالم تاريخ امة عريقة. في ضل الاستقطاب الذي تمارسه بعض القوى اليوم لفرض دين على المغاربة، حسب فهمهم المريب للدين وسعيهم الحثيث لفرض نهج خاص بهم على المواطن والفضاء العام، مما يؤدي بهم الى الاصطفاف ومحاولاتهم تصنيف الاخر من اهل الذمة او الخارجين عن الدين "المرتدين" مما يساهم ويكرس نظام " الحاكمية" للسنة او"ولاية الفقيه" في طبعته الشيعية الراهنة. هذه الجماعات التي تتوفر على تفسير خاص بها لفكرة الحرية والمساوة يتعارض جوهرا مع نصوص ومواثيق حقوق وحريات الانسان دوليا. يجعلها في الاخير تحصل على نتيجة لامواطنة لادولة.الخطر القائم اليوم مصدره هذه الجماعات،لاتستطيع اي هوية مغلقة صيانة اللحمة الوطنية، وتذليل الاختلافات الهوياتية. فالتجربة اضهرت ضعف وقصور..حتى عدمية فرض اتجاه واحد احادي يستقي مبادئه من الهويات المنغلقة "العقائد الإمانية، المذاهب، العرق، الاثنيات،الطبقة، العائلة، الطائفة..."نجح التنين الهندي في ان يحافض على كيان الدولة وتحقيق تطور اقتصادي ملفت بسبب وعي القائمين على الدولة، قيمة المواطنة والدمقراطية، في المقابل دخول باكستان نادي الدول الفاشلة من بابه الواسع نظرا لتأسيس الدولة والسلطة على اسس دينية لتبرير انفصالهم عن الهند بدعوى انهم مسلمون. ايضا وشوك إنهيار الدولة الاسبانية بعد نهجها لاسلوب إقصاء القوميات والاعراق الاخرى في المشاركة في السلطة وتغييب ثقافاتهم ولوغاتهم في التواجد كمكونات اساسية للوطن( اسبانيا تداركت الموقف بعد موت الدكتاتور فرانكو وارساء نظام دموقراطي مواطن تتمتع فيه القوميات .. بحكم ذاتي منصوص عليه في دستور الوطن يعترف بمقوّمات هذه المناطق).انهارت الانظمة العائلية سواء في ليبيا وتونس ومصر واليمن، لتمترس بعض العائلات وراء احزاب في ملكيتهم الخاصة لشرعنة الاستحواذ على الدولة والسلطة. انهيار ومرض البلدان الطائفية حالة لبنان والعراق راهنا، كدولتين فاشلتين اسستا الحكم على المحاصصة الطائفية... ما يجعلنا نشك ونخاف اليوم من الرياح غير المطمئنة، التي تأتي من دول "الربيع الدمقراطي" خاصة مصر وتونس يتجسد في المسار الذي تسلكه الاحزاب المسيطرة على السلطة، في سعيها احلال"مفاهيم" هجينة عوض الاصلية من قبيل "علمانية بمضامين مختلفة" وإحلال "الدولة المدنية عوض الدولة العلمانية" و"ديمقراطية لاتعارض قيمنا وتراثنا" هذا يصب في مسار اعادة توطين الاستبداد في هذه البلدان، لامراء سيكون لها التأثير السلبي على المغرب، اذا استحضرنا الجاذبية الذي تشكله تلك الاحزاب الحاكمة هناك، على كتلة سياسية واجتماعية لابأس بها، تتخذ من العقيدة مدخلا لولوج السلطة في المغرب. يتضح اذن، ان بلادنا تحتاج الى ضرورة ان يقضى على اسباب الرواسب التي قامت عليها السلطة، يحتاج الى اعادة بناء الدولة على بنى علمانية ترسى بواسطتها دعائم دولة المؤسسات عمادها المساواةوالدمقراطية، في قلبها تسري الحرية كضامن قوي ومستمر لحرية الفكروالعقيدة، وحرية ممارسة السياسة بالقضاء على تقاليد الولاءات ، وتحريرالأ سواق بخلق بيئة للابداع والابتكار تسود فيها الكفاءة معيارا لاي تدبير لتحصيل المنافع الاقتصادية. اضافة الى ضرورة الاعتراف بكل الاعراق واللغات والاثنيات والثقافات.. المكونة للوطن على ارضية المواطنة، بها يمكن للدولة ان تحوز على لقب الكائن المتفوق أخلاقياعلى كل مكوناته، باعتراف هذه المكونات. لنحصل على عقيدة الوطن وقداسة الدولة لاجل الاعتراف الشامل. الحرية هي الحل