تواصلت أمس الجمعة أشغال الدورة العامة الخامسة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، بحضور عدد من برلمانيي بلدان الحوض المتوسطي وممثلين حكوميين من المجتمع المدني والمنظمات الدولية والإقليمية، بما في ذلك منظمة الأممالمتحدة، بصدور التوصيات والقرارات. وتأكد أمس حضور الوفد البرلماني الإسرائيلي، الذي يوجد على رأسه رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين، مرفوقا بخمسة أعضاء آخرين من الكنيسة، تابعوا أشغال الجلسة الافتتاحية يوم أمس، التي ترأسها رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط ورئيسا غرفتي البرلمان المغربي عبد الواحد الراضي ومحمد الشيخ بيد الله. وانتقد الراضي، رئيس مجلس النواب، في الكلمة التي ألقاها في افتتاح الدورة، تماطل إسرائيل في تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالأراضي الفلسطينيةالمحتلة واستمرارها في سياسة الاستيطان وتشريد الشعب الفلسطيني ووضع العراقيل أمام المفاوضات وطرح الشروط التعجيزية لاستئناف المباحثات حول السلام مع الفلسطينيين، بينما قال بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، إن التوتر الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط هو الذي يغذي الإرهاب، سواء في فلسطين أو العراق أو أفغانستان. وكانت زيارة رئيس الكنيست الإسرائيلي قد أحيطت بتكتم شديد إلى حدود صبيحة أمس الجمعة لدى انطلاق الجلسة الأولى المفتوحة، خصوصا أن اسمه لم يكن مدرجا ضمن البرنامج الذي تم تعميمه حول أشغال هذه الدورة، مما عزز احتمال أن تكون مشاركته قد ألغيت. كما أن البرلمانيين، الذين تم الاتصال بهم من طرف بعض الصحافيين، كانوا يؤكدون عدم علمهم بالزيارة. وذكرت مصادر إعلامية فلسطينية أمس أن المغرب ألغى جميع اللقاءات الرسمية التي كانت مبرمجة لرئيس الكنيست مع مسؤولين مغاربة، في الوقت الذي لم يصدر أي بلاغ رسمي بذلك.واستنكر حزب العدالة والتنمية، في بيان توصلت «المساء» بنسخة منه، مشاركة الوفد الإسرائيلي في الدورة وحضوره إلى المغرب، وقال إن هذه المشاركة «ستكون مناسبة لتدنيس المؤسسة البرلمانية الوطنية»، واعتبر أن ذلك «يدخل ضمن السياسة التطبيعية التي تنهجها القوى الغربية لفرض انعقاد المؤتمرات في أماكن بعينها خدمة لأهداف التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم». ولوحظ أن الحزب تفادى في بلاغه الإشارة إلى الحكومة أو رئاستي البرلمان، كما دعا إلى تعبئة «مختلف القوى المناهضة للتطبيع للتعبير عن رسوخ الشعب المغربي في مساندة الشعب الفلسطيني وكافة الشعوب المستضعفة». وكشف مصدر من الحزب عن نية فريقه النيابي إثارة موضوع زيارة رئيس الكنيست للبرلمان خلال جلسة الأربعاء المقبل، استنادا إلى المادة 66 من النظام الداخلي للمجلس، بعد أن تعذر عليه الأمر خلال جلسة الأسبوع الماضي. إلى ذلك، تظاهر عشرات المغاربة صباح أمس أمام مقر البرلمان بالرباط، احتجاجا على مشاركة رؤوفين ريفلين، رئيس الكنيست الإسرائيلي، ونائبه مجلي وهبة، من حزب «كاديما»، في المؤتمر الدولي للهيئة البرلمانية لدول الحوض البحر الأبيض المتوسط في البرلمان المغربي. ورفع المتظاهرون خلال الوقفة الاحتجاجية، التي عرفت مشاركة أعضاء من مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين، وبعض الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني، شعارات نددوا فيها بمشاركة المسؤول الإسرائيلي، من قبيل: «يا لطيف التطبيع ولى بالسيف».. «المقاومة أمانة، التطبيع خيانة». ودعا المتظاهرون خلال الوقفة الاحتجاجية، التي نظمت على عجل بعدما لم يتأكد منظموها من حضور المسؤول الإسرائيلي إلا ساعات قبل انعقاد جلسة أمس بسبب نفي البرلمان حضوره، إلى وقف كل أشكال التطبيع مع إسرائيل. واعتبر عبد الإله المنصوري، عضو مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين، أن مشاركة واستقبال رئيس الكنيست الإسرائيل ي، في المؤتمر الدولي للهيئة البرلمانية لدول حوض المتوسط بالرباط، «فضيحة جديدة تنضاف إلى سجل الدولة والحكومة المغربيتين والبرلمان فيما يخص التطبيع مع الكيان الصهيوني»، مبديا في تصريح ل«المساء» استغرابه من دفاع بعض الأطراف داخل أحزاب وطنية ديمقراطية، من قبيل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال والتقدم والاشتراكية، التي كانت تدافع فيما مضى عن القضية الفلسطينية وتعارض أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، عن حضور رئيس الكنيست إلى المغرب. وبينما اعتبر عبد الحميد أمين، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن مشاركة رئيس الكنيست الإسرائيلي «أمر غير مقبول، خاصة في ظل الهجوم الشرس والإرهابي للكيان الصهيوني ضد حقوق الشعب الفلسطيني، وأنه موقف لا يخدم في نهاية المطاف سوى الأجندة الصهيونية والإمبريالية في المنطقة»، وصف أحمد ويحمان، الناشط الحقوقي، مشاركة ريفلين في البرلمان المغربي ب»الفضيحة التي تأتي في وقت أصبح فيه من المستحيل على قادة إسرائيل المغامرة بالسفر إلى دول غربية خوفا من ملاحقتهم على الجرائم ضد الإنسانية، كما أنها مهزلة وامتهان واحتقار لمشاعر الشعب المغربي ووصمة عار في جبين المسؤولين». من جهة أخرى، أعلنت مصادر إسرائيلية أن المملكة المغربية ألغت أمس الجمعة جميع اللقاءات التي كانت مرتقبة بين مسؤولين مغاربة، على رأسهم وزير الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري، ورئيس مجلس النواب الاتحادي عبد الواحد الراضي، وبين رئيس الكنيست الإسرائيلي بسبب الوضع الراهن للمفاوضات الفلسطينية والإسرائيلية.