أعلن البنك الدولي، في تقرير أصدره الخميس الماضي، بعنوان “الآفاق الاقتصادية الإقليمية: استمرار التعافي في أوقات عدم اليقين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.. أن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمضي إلى التعافي والخروج من الأزمة، لكن بوتيرة تقل عن الاتجاهات السائدة في ما مضى، وعن الإمكانات الاقتصادية التي تتمتع بها. ويرى التقرير أن الآفاق الاقتصادية للمنطقة تتوقف على التطورات الاقتصادية، واستمرار الطلب القوي في الأسواق الصاعدة، واتجاهات أسعار النفط. وأبرز التقرير أن المغرب وتونس، وهما مستوردان للنفط، ولهما روابط قوية مع الاتحاد الأوروبي، يعتبران أكثر عرضة للمخاطر التجارية والمتعلقة بتدفقات التحويلات النقدية، جراء هذه الروابط، مقارنة بمصر وبقية البلدان المستوردة للنفط، مضيفا أنه، تحسبا لحدوث تباطؤ طويل الأمد في بلدان الاتحاد الأوروبي، لجأ المغرب وتونس إلى تمديد العمل بحزم المحفزات المالية، أو تنفيذ حزم جديدة. وأشار التقرير إلى أن ارتفاع أسعار الغذاء أصبح يشكل خطرا على كافة البلدان المستوردة للنفط في المنطقة، إذ تشير التقديرات إلى أن الواردات الشهرية من القمح لكل من مصر والمغرب هي الأكبر في المنطقة. وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يواجه المغرب أضخم زيادات في فاتورة الواردات، معلنا أن حزم التحفيز المالية ساعدت البلدان المستوردة للنفط على الصمود أمام الأزمة، وتساند التعافي الاقتصادي في الوقت الراهن، إلا أن العديد منها يعاني حاليا، محدودية الحيز المالي، التي تشكل نقطة ضعف على الأمد الطويل. ومع استثناءات قليلة، ظلت الإصلاحات تسير، بصفة عامة، في طريقها المرسوم، ما يتيح للبلدان المستوردة للنفط الفرصة لمواصلة تحويل اقتصاداتها، والارتقاء بقدراتها التكنولوجية، وتحسين قدرتها على المنافسة، يضيف التقرير. وأضاف التقرير أن البلدان المستوردة للنفط، مثل مصر، والمغرب، وتونس، ولبنان، والأردن، وجيبوتي، تحملت آثار هذه الأزمة بشكل أفضل من غيرها من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مبرزا أنه من المتوقع أن تؤدي التطورات في أوروبا، والضعف النسبي المستمر في نمو الائتمان ببعض البلدان، إلى إبطاء النمو في عام 2010، خاصة بالنسبة للبلدان التي لها روابط مع الاتحاد الأوروبي. وأشار التقرير إلى أن قطاعي العقارات والبنوك يشهدان تحقيق ازدهار في الوقت الراهن، ويدفعان الأداء القوي في معدلات النمو. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط معدل النمو في البلدان المستوردة للنفط 4.9 في المائة في 2010، مضيفا أنه بافتراض اطراد التقدم في الإصلاحات الهيكلية، من المتوقع لمعدلات النمو أن تتجاوز ما حققته من مستويات قبل نشوب الأزمة، وأن تصل، في المتوسط، إلى 5.3 في المائة عام 2011، و5.7 في المائة عام 2012. وقال التقرير إن “الإدارة السليمة للاقتصاد الكلي، والنهج اليقظ الخاص باللوائح، والقواعد المنظمة للقطاع المالي، الذي تعتمده بلدان المنطقة، عوامل ساعدت على الإفلات من حالة ركود حادة”، معلنا أن “التحدي الرئيسي، الآن، يتلخص في تعزيز استمرارية النمو بعد بدء التعافي، ويمكن للمنطقة الاستفادة من قاعدة مواردها البشرية والمادية القوية، التي استثمرت فيها طوال العقود الماضية”. ويبين التقرير أن البلدان النامية المصدرة للنفط بالمنطقة، مثل الجزائر، وإيران، والعراق، وليبيا، شعرت بتأثير الأزمة، من خلال القناة النفطية، إلى حد كبير، معزيا ذلك إلى هيمنة الحكومات على القطاعات المالية في هذه البلدان، في معظم الأحيان، وعدم ارتباط هذه القطاعات بالأسواق المالية العالمية. ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو الحقيقي في هذه البلدان بأقل من نقطة مئوية واحدة إلى 2.9 في المائة عام 2010، مقابل 2.1 في المائة عام 2009، وأن يتسارع إلى 4.2 في المائة عام 2011، ثم إلى 3.9 في المائة، عام 2012. ويشير التقرير، وهو دراسة تشخيصية عن الآفاق الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أنه بينما تمضي المنطقة في طريقها إلى التعافي من الأزمة العالمية، فإن وتيرة هذا التعافي أقل قوة بكثير مقارنة بالمناطق النامية الأخرى، موضحا أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط معدل النمو بالمنطقة 4 في المائة عام 2010، وهي زيادة أقل بنحو نقطتين مئويتين من معدل النمو، الذي تحقق عام 2009، وتُعتبر ضعيفة عند مقارنتها بالزيادات البالغة 5.6 نقطة مئوية في الاقتصادات المتقدمة، و4.5 نقطة مئوية في المناطق النامية. وتشير التوقعات إلى أن معدل النمو في المنطقة لن يعود، قبل 2011 و2012، إلى متوسطه، الذي تحقق قبل اندلاع الأزمتين المالية والاقتصادية.