روبورطاج خاص بجريدة اشتوكة بريس يرتبط اسم "طريق الواد" أو " اغاراس نواسيف" الرابط بين دواوير المزار وقصبة الطاهر قبل أن تصبح أحياء بمركز مدينة انزكان بالمخيال الشعبي لساكنة أكسيمن و"اشتوكن " بشكل كبير. فالطريق الذي كان عبارة عن مسلك طرقي تم انجازه في عهد الاستعمار وحضي باهتمام الفرنسيين لما كان يلعبه من دور استراتيجي لتخفيف الضغط عن القنطرة الخشبية التي كانت على واد سوس بايت ملول ، وتربط الطريق الوطنية رقم 1 على مستوى تجزئة المغرب العربي حاليا الذي كان عبارة عن ضيعة فلاحية لأحد الفرنسيين بانزكان مرورا بسيدي ميمون والخطارات، و بالرغم من أنها كانت معبدة إلا أنها كانت مليئة بالحفر ويضطر السائر فيها الى البحث والتنقيب عن ممرات ضيقة بين تلك الحفر التي يتعدى عمق بعضها العشرين سنتمترا ، وكان للطريق امتداد آخر بحيث كانت ساكنة المناطق الغربية للجماعة القروية سيدي بيبي وخاصة فلاحو تكاض وبنكمود يتخدونه مكانا آمنا وسهلا للمرور الى سوق الجملة بانزكان بحيث كانت العربات ذات العجلتين و المجرورة بالدواب تبدو للعيان من بعيد قادمة بين الكثبان الرملية بغابة المزار ودليلها في الطريق شمعة داخل نصف قنينة بلاستيكية ، وناذرا ما تمر سيارات (البيكوب )التي كانت معدودة على رؤوس الاصابع. مسلك طرقي يفرض نفسه بإصرار سيزيفي اعتنت ساكنة المزار بهذه الطريق الرابطة بين ّالوادي " وتكاض " والكل يتذكر أحد المسنين الذي أفنى عمره في ترميمها " الدابلا" الذي كان يقضي بها الساعات الطوال ، حاملا الحجر والرمل لتغطية الحفر بها، إلى أن وافته المنية في صمت وشاءت الصدف أن يدفن بجوار الطريق التي عشقها طوال حياته بمقبرة المزار. ويبقى الغريب في كل هذا أن الاستعمار فطن الى دور الطريق وجعل بها ممرات اسمنتية (الطبلة) وزودها بقنوات لصرف مياه حمولة الوادي الذي كان شبه دائم الجريان ، ولكن مع مرور الوقت انجرفت تلك القنوات ولم تعد تخضع للصيانة لتدفن هي الاخرى و يطالها النسيان ، وتناقل الطريق الى المرحلة الثالثة من عمرها بحيث اصبحت مكانا آمنا للمتسكعين وقطاع الطرق والكل يتذكر اسم "تيكمي نْبنْ المدني " وبدأت ساكنة المنطقة في ترديد القصص والروايات عن سرقات طالت فلاحين كانوا على متن عرباتهم ، وزاد من حدة ذلك بعد المنطقة عن أعين رجال الدرك الملكي الذين كانوا يسهرون على توفير الامن بالمنطقة قبل أن تكون تحت نفوذ الشرطة. وانقضت تلك الايام وتلتها أخرى ، والكل يتذكر الطريق وما لعبه من دور في ربط انزكان المركز التجاري الاول في الجنوب والثاني وطنيا و عشرات الدواوير التي لم يكن يعلم أحد دورها في تنشيط هذه الحركة الاقتصادية ، ويتذكر هنا " حسن" وهو فلاح و احد ابناء المنطقة بعضا من الذكريات التي ماالت عالقة بذهنه " طريق الواد ليست مجرد طريق عشنا فيها لحظات جميلة تذكرنا بطفولتنا وشبابنا ، كما نقطعها للمرور الى انزكان ، لم نكن نستغرق سوى 10 دقائق للوصول الى عمق المدينة وسوق الجملة ، كنت من بين المحضوضين الذين عاشوا في تلك الفترة حيث الخير كان يعم المنطقة والخضرة في كل مكان ، فحتى الطريق كانت عبارة عن مسلك طرقي اجزاء منه كانت معبدة واخرى لم تكن كذلك " لم يكن حسن وحده من عاش المرحلة فأطر عليا في تخصصات مختلفة من أبناء المنطقة ومهن متنوعة مروا من هذا الطريق الى ثانوية عبد الله بن ياسين الوحيدة التي كانت تستقبل ابناء ايت ملول وضواحيها وأجزاء من شتوكة لاتمام دراستهم الثانوية ، والكل يؤمن بأنها ليست مجرد خط سير عادي يظهر من خلال متصفح "كوكل ماب" الشهير أو في خريطة معلقة وراء مسؤول في مكتب مكيف بإحدى الادارات في الرباط العاصمة أو أكادير أو عمالة انزكان ايت ملول. فرحة الساكنة التي لم يُقدر لها الإكتمال بمرور الوقت ، وفي سنة 2009 دقت ساعة الفرج ، واعلنت وزارة التجهيز عن برنامج شبكة الطرق لفك العزلة القروية ، واستبشرت ساكنة المزار وقصبة الطاهر وتكاض الصعداء ، بحيث تم تعليق لافتة كبيرة بمدخل حي سيدي ميمون ايذانا بانطلاق الاشغال في هذه الطريق التي تخص المغرب غير النافع ، وتخص ساكنة تعاني الحرمان ولا تحضى من توقيعات المسؤولين حينها إلا على توقيع رخص استغلال الساحات لإقامة الحفلات والمواسيم و الاعراس ، فقد كان لخطوة وزير التجهيز حينها كريم غلاب أثر ايجابي في إعادة الحياة لها بحيث تم تعبيدها واصبحت جاهزة باستثناء حوالي 200 متر التي كانت تحتاج الى انجاز قنطرة بممر واد سوس ، وتقاطرت الاليات على الطريق واصبحت ممرا اساسيا للساكنة ومتنفسا حقيقيا للطريق الرئيسية رقم 1 على مستوى ايت ملول. لم تدم فرحة الساكنة سوى اشهر حتى بدأت اشغال تمرير قنوات الصرف الصحي ، وبدأت الاشغال على مستوى حي المزار والخطارات بالخصوص لتأتي على أجزاء مهمة منها ، وقنعت الساكنة بما تبقى من الطريق وخاصة وان أشغال تمديد تلك القنوات لم يأت إلا على مايعادل 20% منها ، واليوم وخاصة في النقطة الرابطة بين سيدي ميمون وانزكان فالطريق اصبحت لا تشرف بتاتا أن يقول مسؤول بأنه ينتمي لاقليم انزكان ايت ملول ، وتبقى وصمة عار في جبينهم ، فكل ما يقال في الاجتماعات التي غالبا ما تكون تحت الضغط أو بمنطق " الكوكوط مينوت" وما تخرج به من توصيات يكون فقط مجرد كلام كدعوة الظالم التي لا تبرح مكانها ، وكان آخر ما جادت به قريحة المسؤولين أن الطريق تحتاج حوالي 900مليون سنتيم لانجاز القنطرة التي اصبحت حلما كالسراب ، وتعهدت بلدية ايت ملول وبلدية انزكان (على الورق طبعا) بدفع جزء من المبلغ على ان تقوم وزارة التجهيز بأداء ما تبقى ، ولكن الغاء ميزانية الاستثمار في سنة 2012 عصف بالحلم إلى يومنا هذا ، ويبقى المخجل في الطريق انها اصبحت ممرا مليئا بالحفر ويساهم في وقوع حوادث سير قاتلة ، ويبقى لسان حال أهالي المناطق التي كانت أو من المفروض أن تستفيد من هذه الطريق يطرحون السؤال " من سيكون له السبق لنيل شرف انجاز واصلاح ّطريق الواد ؟"