اثنا عشر ناشطا يهوديا بالإضافة إلى قبطان بريطاني وربان إسرائيلي ينتظرون ساعة الصفر لانطلاق رحلتهم نحو قطاع غزة بقارب صغير. هدفهم كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة وإيصال مساعدات إلى الفلسطينيين في داخل القطاع. إيديت لوتس وكاته كاتسنشتاين-لايترير انكبتا لمدة سنة بأكملها على إعداد هذه الرحلة. المرأتان، اللتان تنتميان إلى منظمة “الصوت اليهودي من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط”، تقفان بكل ثقة ضد غالبية اليهود، الذين يعيشون في ألمانيا. إنهما لا تريدان من خلال مهمتهما الخطرة إيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع فقط، وإنما لهما أيضا هدف آخر، بحسب ما تؤكد كاته كاتسنشاتين-لايترير، متخصصة في علوم البيولوجيا وأبحاث الدماغ من برلين. “سفينتنا أساسا لها طابع رمزي: نريد قبل شيء أن نظهر أن هناك يهودا آخرين في العالم، غير أولئك اليهود الذين يأتون بالبنادق والدبابات والقنابل”. وتضيف: “هناك يهود مهتمون بوضع الشعب الفلسطيني ويكافحون ضد انتهاكات حقوق الإنسان، التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين.” مساعدات من يهود غربيين للفلسطينيين في غزة ناشطتا سلام يهوديتان، هما إيديت لوتس وهايدي إيبشتان، يريدان مد الجسور مع الفلسطينيينBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: ناشطتا سلام يهوديتان، هما إيديت لوتس وهايدي إيبشتان، يريدان مد الجسور مع الفلسطينيين لكن كاتسنشاتين-لايترير فضلت عدم الكشف عن الميناء الذي سترسو فيه السفينة، التي يبلغ طولها أربعة عشر مترا. كما يكتنف الغموض موعد انطلاق رحلتها باتجاه شواطئ غزة، ذلك أن الناشطين يخشون من عملية غير مرتقبة من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي لإفشال الرحلة. الأكيد أنه سيكون على متن السفينة الصغيرة فقط يهود وأفراد الطاقم، هؤلاء اليهود جاؤوا من الولاياتالمتحدة وإسرائيل وأستراليا وكندا وبريطانيا وطبعا من ألمانيا. ومن بينهم إيديت لوتس، الحاصلة على شهادة الدكتوراه في علوم اللاهوت اليهودية ومعلمة سابقة من منطقة الأيفيل الألمانية، وهي ناشطة حقوقية ناضلت طويلا من أجل الفلسطينيين في قطاع غزة. ومن خلال مساهمة المنظمة الانجليزية الشريكة “يهود من أجل العدالة للفلسطينيين” تم ضمان الدعم المالي للرحلة. ذلك أنه عقب مهاجمة سفينة “مافي مرمرة” نهاية أيار/ مايو الماضي سحب مصرف ألماني موافقته الأولية على منح الناشطين قرضا لشراء سفينة صغيرة، وكاد المشروع أن يفشل. وهكذا تحولت “السفينة اليهودية” إلى “سفينة اليهود الأوروبيين من أجل العدالة”. وإلى جانب جمع التبرعات من أجل شراء سفينة جمعت كل من إيديت لوتس وكاته كاتسنشتاين-لايترير كمّا من المساعدات العينية للناس في غزة. وشاركت مدارس في ولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية في جمع هذه التبرعات. “سنأخذ معنا للأطفال حقائب مدرسية مملوءة بأدوات مدرسية وكذلك ألعاب وملابس للأطفال، ذلك أن الإسرائيليين يرفضون إلى الآن دخول هذه الأشياء إلى قطاع غزة”، تقول كاتسنشاتين – لايترير. وتلفت إلى أن المساعدات التي يريدون إيصالها إلى قطاع غزة تتضمن أيضا آلات موسيقية وشباك للصيادين ومحركات للقوارب. كتب وأدوات مدرسية من أطفال كولونيا إلى أطفال غزة كتب وأدوات مدرسية يريد النشطاء اليهود إيصالها إلى أطفال غزة (صورة من الأرشيف لطفل فلسطينيني)Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: كتب وأدوات مدرسية يريد النشطاء اليهود إيصالها إلى أطفال غزة (صورة من الأرشيف لطفل فلسطينيني) وتعد مدرسة “نيكولاوس – أوغست – أوتو” للتدريب المهني في مدينة كولونيا الألمانية من ضمن عدة مدارس من ولاية شمال الراين وستفاليا، التي شاركت في جمع تبرعات لأطفال قطاع غزة. ويؤكد آرمين آلهايم، وهو معلم للغة للألمانية والعلوم الدينية في المدرسة، أنه من تقاليد مدرسة “نيكولاوس – أوغست – أوتو” تقديم الدعم والمساعدات للمحتاجين في شتى أنحاء العالم. أما عن الدعم الذي قدمته المدرسة للسفينة اليهودية، فيقول: “الدافع وراء ذلك هو أن سفينة المساعدات هذه، التي ستبحر إلى قطاع غزة، ليست أي سفينة ولكنها هي مبادرة يهودية.” ويضيف: “لو كانت مجموعة أخرى تقف وراء هذه العملية بالتأكيد لما كنا قدمنا لها الدعم”. لكن المدرسة بمعلميها وتلاميذها لم يدعموا مهمة السفينة في حد ذاتها بل اقتصرت مساعداتهم على التبرعات بالكتب المدرسية والألعاب، ذلك أن العمل السياسي ليس من مهام المدرسة. كما كانت هناك مخاوف، بأن يفهم دور المدرسة من منظور آخر، بحيث يقول آرمين آلهايم: “أعتقد أنه سرعان ما ستحوم شكوك بأننا من خلال دعمنا للسفينة بأننا نمارس نشاطا سياسيا معاديا لإسرائيل”. وبالتالي فإن العمل الإنساني ومساعدة المحتاجين في العالم هو ما تريد تحقيقه مدرسة “نيكولاوس – أوغست – أوتو للتكوين المهني. “اليهودية، دين إنساني ينبذ قمع الشعوب” يهدف هذا الصوت اليهودي إلى توجيه رسالة سياسية واضحة وكسر الصمت عن “الأخطاء”، بصرف النظر عن القيادة السياسية المسؤولة عنها. ويرى هؤلاء الناشطون اليهود الألمان أن الحصار البحري الإسرائيلي على قطاع غزة “غير شرعي” و”يتنافى مع المواثيق الدولية”. وتؤكد كاته كاتسشتاين –لايترير أن “قمع شعب آخر لا يمت إلى اليهودية بصلة”. وتضيف: “التوراة تقول إن اليهودية دين إنساني وإنه لا يجوز – تحت أي ظرف من الظروف – القيام بشيء ضد آخرين لا نريده لأنفسنا.” ويدرك النشطاء اليهود أن مشروعهم هذا محفوف بالمخاطر، لاسيما منذ أحداث أسطول الحرية في نهاية أيار/مايو الماضي. في هذا السياق تقول كاتسشتاين –لايترير “لقد أعلمنا السفارة الإسرائيلية في برلين بما نريد القيام به، لكننا لم نتلق أي رد. وعندما ذهبنا شخصيا إلى هناك، فقد وجهت إلينا تحذيرات، ولكن حظرا”. وعلى الرغم من أن نشطاء السلام يرون أنفسهم يمدون الجسور وليسوا باستفزازيين، إلا أن لديهم شيء من الخوف. وفي حال حاولت إسرائيل منعهم من الوصول إلى هدفهم فإن الطاقم والركاب سوف يردون سلميا، لأن العنف والمواجهة لا يصبان في مصلحتهم، بحسب ما أكده نشطاء السلام اليهود. الكاتبة: أولريكه هومل / شمس العياري مراجعة: عبده جميل المخلافي