احتج عشرات ألاف الاشخاص في أنحاء فرنسا على حملة ضد المهاجرين في مستهل اسبوع من الاحتجاجات ضد الاجراءات الامنية المشددة والاصلاحات المتعلقة بالتقاعد والتي يراهن عليها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بسمعته السياسية. ولوح المتظاهرون الذين يعارضون الاجراءات الجديدة بما فيها ترحيل الغجر الى شرق اوروبا بالاعلام الفرنسية واللافتات ورددوا هتافات “لنوقف القمع” و “لا لسياسات ساركوزي غير الانسانية”. وتظاهر عشرات الالاف في مرسيليا وليون وبوردو ونحو 140 مدينة وبلدة فرنسية اخرى في فرنسا. وتوجه طابور من الاف الاشخاص في الشمس الساطعه باتجاه مبنى بلدية باريس يتزعمهم اشخاص من الغجر،حيث وصل عدد المحتجين في العاصمة الفرنسية وحدها خمسين ألف. وذكرت صحيفة ليبراسيون ذات الاتجاه اليساري في افتتاحيتها ” مظاهرات مطلع الاسبوع (الحالي) ستكون المؤشر الاول للحالة المزاجية في البلاد خلال هذه العودة المضطربة للعمل بالنسبة للساسة.” ويرى المنتقدون ان عمليات ترحيل الغجر جزء من حملة يقوم بها ساركوزي لاحياء شعبيته قبل انتخابات عام 2012 وتحويل الانتباه عن الاصلاحات المؤلمة للمعاشات وخفض الانفاق. وتهدف الإحتجاجات أيضا إلى التنديد بنية الرئيس الفرنسي سحب الجنسية الفرنسية من المهاجرين الذين ادينوا في هجمات على الشرطة. ولاقت اجراءات ساركوزي انتقادات من خارج فرنسا ايضا. ويواجه الرئيس الذي يقول ان الاجراءات الامنية ضرورية لمكافحة الجريمة اكبر اختبار عندما ينظم العمال اضرابا في ارجاء البلاد واحتجاجات بشأن اصلاحات التقاعد التي يقول انها ضرورية لخفض العجز في الميزانية بالبلاد. وقال ساركوزي انه مصمم على التمسك بالاصلاحات التي سترفع ضمن امور اخرى سن التقاعد الى 62 عاما من 60 عاما. وتقول النقابات ان كل شيء من المدارس والنقل العام الى الاتصالات السلكية واللاسلكية سيتوقف يوم الثلاثاء في إضراب عام،فيما تبدأ الجمعية الوطنية (البرلمان) مناقشة الاصلاحات المتعلقة بالمعاشات في ذلك يوم (الثلاثاء). وتطالب عدة نقابات ومنها السكك الحديدية الحكومية باضراب لمدة 24 ساعة اعتبارا من الساعة الثامنة مساء (1800 بتوقيت جرينتش) السادس من سبتمبر ايلول بشأن خطط اصلاح التقاعد. وقالت شركة الخطوط الجوية الفرنسية (اير فرانس) ان الاضراب سيؤثر على عملياتها. ومع تراجع شعبيته الى ادنى مستوياتها والاحراج الذي سببته له الفضيحة السياسية الضريبية المتورط فيها وزير العمل اريك فيرت واصلاح نظام التقاعد الذي سيكون عليه الدفاع عنه اعتبارا من الثلاثاء، حاول الرئيس الفرنسي استعادة زمام الامور في نهاية تموز/يوليو الماضي معلنا تشديد سياسته الامنية، الموضوع الذي كان ساهم في نجاحه في انتخابات الرئاسة العام 2007. ولكن مع قراره ازالة التجمعات السكنية غير الشرعية للغجر الروم وعزمه على سحب الجنسية من بعض مرتكبي الجرائم من اصل اجنبي اثار نيكولا ساركوزي غضب المجتمع المدني والمعارضة وقلق الاممالمتحدة والمفوضية الاوروبية والفاتيكان. وقد تظاهر ايضا الالاف في الاقاليم ولا سيما في الجنوب الغربي، في بوردو وتولوز، او في الجنوب الشرقي، في مونبلييه. وفي اوروبا جرت تجمعات لعشرات المتظاهرين امام بعض السفارات الفرنسية. في بروكسل حمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “غجر روم، مهاجرون، من التالي؟”. وفي برشلونة كتب على اللافتات “كفى لعمليات الترحيل”، وفي لندن “كفى كفى”. ومنذ نهاية تموز/يوليو الماضي جرى ترحيل نحو الف من الغجر الرومانيين والبلغار الى الحدود وازالة نحو مئة من التجمعات السكنية العشوائية. واعتبر رئيس رابطة حقوق الانسان ان “الخط الاحمر قد تم تخطيه” فيما اعربت منظمة العفو الدولية عن الاسف “لوصم” مجموعة باكملها. وقالت رئيسة حزب الخضر سيسيل دوفلوا “لا نقبل السم الذي تنفثه الحكومة في جمهوريتنا” فيما نددت زعيمه الحزب الاشتراكي مارتين اوبري في اب/اغسطس ب”صيف من العار لفرنسا”. واعتبر الامين العام لنقابة الاتحاد العمالي العام (سيه.جيه.تيه) اكبر نقابة في فرنسا انه “من الخطورة جدا الاقتناع بفكرة ان جميع مشاكل المجتمع مصدرها الهجرة”. وسياسة ساركوزي الامنية كانت ايضا مصدر تجاذب داخل الحكومة. فقد اعترف وزير الخارجية برنار كوشنير هذا الاسبوع بانه “يفكر في الاستقالة”. وفي الخارج دعت الاممالمتحدةفرنسا في نهاية اب/اغسطس الى “تفادي” عمليات الترحيل الجماعية و”الخطب السياسية التمييزية”. وهذا الاسبوع انتقد وزير الخارجية الروماني تيودور باكونشي للمرة الاولى ترحيل الغجر الروم معتبرا انه “ليس حلا”. محتجون يشبهون ساركوزي ووزير داخليته بالنازية وامام هذه الضجة سعت فرنسا امام لجنة اوروبية خاصة الى شرح سياستها في ترحيل الغجر الروم مؤكدة انها تحترم القانون الاوروبي “بدقة”. وقال وزير الشؤون الاوروبية بيار لولوش ان فرنسا “لا توصم احدا”. ويعيش نحو 15 الفا من الغجر الروم في فرنسا حيث يستفيدون من قواعد حرية التنقل بين دول الاتحاد الاوروبي لكنهم يقيمون غالبا في مساكن عشوائية. وبعد مرور ثلاثة اشهر على اقامتهم في فرنسا بدون مسكن او مصدر دخل يصبح وضعهم غير شرعي ومن ثم يكون من الممكن ترحيلهم. ومن المقرر ان يناقش البرلمانيون الاوروبيون “الذين يشعرون بالقلق حيال وضع الروم في بعض الدول الاعضاء” هذا الموضوع في ستراسبورغ في السابع من الشهر الجاري.