وهبي : مشروع قانون المسطرة الجنائية يستجيب للتحديات الراهنة في المغرب    "لوموند": عودة دونالد ترامب تعزز آمال المغرب في حسم نزاع الصحراء    القضاء يُسقط دعوى استعجالية ضد عزيز غالي وينصف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    المحكمة الدستورية تُجرد محمد بودريقة عن حزب أخنوش من عضوية مجلس النواب    مسرح محمد الخامس بالرباط يحتضن قرعة كأس إفريقيا المغرب 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    حكيم زياش يدخل عالم المال والأعمال بمدينة مراكش    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيف 7 أشخاص بمراكش يشتبه تورطهم في قضية تتعلق بالفساد وإعداد وكر لممارسته    توقيف شخص بالحسيمة بشبهة الارتباط بشبكة إجرامية تنشط في تنظيم الهجرة غير المشروعة    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    الصين تعزز مكانتها العالمية في مجال الطاقات المتجددة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    القضاء بالرباط يصدر حكما بالبراءة في حق 27 طالب طب    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى في 11 أسبوعا وسط ضعف الدولار    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    تصريحات تبون تؤكد عزلة الجزائر عن العالم    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    كيوسك الأربعاء | الحكومة تنهي جدل اختصاصات كتاب الدولة    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    عادل هالا    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    أمريكي من أصل مغربي ينفذ هجوم طعن بإسرائيل وحماس تشيد بالعملية    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي .. المهاجر مدان حتى ولو ثبتت براءته
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 01 - 09 - 2010

في نهاية يوليوز الماضي، جاء الرئيس الفرنسي الى مدينة كرونوبل الواقعة جنوب شرقي البلاد لينصب احد مسؤولي الادارة الترابية ، واختار المناسبة والمدينة لازالت آثار المواجهات التي جرت بين الشرطة والمتظاهرين في منتصف نفس الشهر بادية في شوارعها ، ليقول أنه سيعمل على سحب جنسية «المجرمين» المولودين في الخارج في حال استخدامهم العنف ضد الشرطة أو الموظفين العموميين
يسعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى فتح جبهة جديدة لتخفيف الضغط السياسي والاعلامي الذي يتعرض له هو وحكومته التي يترأسها فرانسوا فيلون. الجبهة المرتقبة يتوخى منها رجل الاليزي الذي يستعد للترشيح ثانية الى منصب الرئاسة في 2012 تتمثل في ملف المجنسين . ومواضيع الضغط التي تطاله وطاقمه التنفيذي ابرزها بالاضافة الى الحصيلة الاقتصادية السلبية، ما اصطلح عليه ب «قضية بتنكورت» . وبين الملف والقضايا يرمي ساركوزي الى مغازلة اليمين المتطرف الذي يجعل من المهاجرين والمجنسين احد اعمدة خطابه السياسي .
في نهاية يوليوز الماضي، جاء الرئيس الفرنسي الى مدينة كرونوبل الواقعة جنوب شرقي البلاد لينصب احد مسؤولي الادارة الترابية ، واختار المناسبة والمدينة لازالت آثار المواجهات التي جرت بين الشرطة والمتظاهرين في منتصف نفس الشهر بادية في شوارعها ، ليقول أنه سيعمل على سحب جنسية «المجرمين» المولودين في الخارج في حال استخدامهم العنف ضد الشرطة أو الموظفين العموميين. وقال ساركوزي إنه «يتعين نزع الجنسية من أي شخص من أصل أجنبي يعرض عمدا حياة ضابط أو شرطي أو جندي أو أي شخص أخر له سلطة عامة للخطر».
ومضى ساركوزي في اقتراحاته، داعيا إلى رفع الحد الأدني لعقوبة جميع الجرائم المتعقلة بالاعتداء على المسؤولين الحكوميين وخاص عقوبة جريمة قتل ضابط شرطة.
وغرونوبل، التي يتواجد بها كل طيف المهاجرين استفاقت ذات صباح من يوليوز على خبر مقتل شاب غجري برصاص الشرطة الفرنسية، مما دفع، حسب وسائل الإعلام المحلية، بشبان الى تبادل إطلاق النار مع الشرطة واضرام النار في العديد من المحال التجارية والسيارات. وغير بعيد عن غرونوبل وفي مدينة مونروي حدثت مواجهات بين الغجر والشرطة بعد أن قامت الشرطة بطرد نحو خمسين غجريا من مخيم، وتعهد وزير الداخلية بريس اورتيفو بهدم جميع المخيمات غير القانونية، وطرد الغجر الذين ينتهكون القانون من دول الاتحاد الأوربي.
تصريحات ساركوزي فتحت شهية مسؤوليه في اعداد مسودة القانون، فوزير الهجرة إيريك بيسون صرح في الثاني من غشت بأن المشروع سيكون موجها لفرنسيين من أصول أجنبية إذا حكم عليهم بخمس سنوات سجنا أو أكثر. كما انه سينص على أن الجناة من أبوين غير فرنسيين الذين يكررون جرائم اقترفوها سابقا، سيجردون أيضا من الجنسية وشدد على أن القانون الفرنسي يجب أن يتطور.
الجدل الذي خلفه مشروع القانون المرتقب توسعت دائرته لتشمل أغلب الأحزاب، فالحزب الاشتراكي يرى أن ساركوزي «يريد الحفاظ على هذا الجدل في فرنسا»، كما جاء على لسان المتحدث بإسمه كريستوفر بورغل، والذي أضاف أن«خلق هذا الجدل في شهر غشت، الغرض منه هو التغطية على الجدل الدائر حول قضية بيتنكور». من جهة أخرى اتهم فرانسوا بايرو زعيم حزب الوسط، نيكولا ساركوزي بإثارة «مواضيع خطيرة» على المجتمع الفرنسي.
الجمعيات حقوقية والنقابات قررت في اطار مواجهة مشروع ساركوزي،، النزول للشارع في مظاهرة خلال شهر سبتمبر الجاري، احتجاجا على القانون الجديد. كما قال متحدث باسم الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان في تصريحات صحفية إن المظاهرة ستنظم في باريس في 4 سبتمبر وستضم حوالي ثلاثين هيئة سياسية ونقابية وجمعيات من المجتمع المدني. كما انتقد ناشطون حقوقيون وجمعيات للمهاجرين مقترح الحكومة هذا، واصفين إياه بأنه يتناقض مع المبادئ الجمهورية للدولة الفرنسية، وانه تجسيد لأقصى مظاهر العنصرية. فيما وصف رئيس الوزراء الاسبق دومينيك دوفيلبان هذه السياسة بأنها وصمة عار، ونقطة سوداء في العلم الفرنسي.
جيل مونسيرون نائب رئيس الرابطة الفرنسية لحقوق الانسان صرح بان دعوة ساركوزي هدفها سياسي وان اشارته الى الفرنسيين من اصل اجنبي باصابع الاتهام ومراقبتهم على اساس انهم مجرمون امر من شانه ان يحدث تفرقة بين الفرنسيين ويعتبر تمييزا واضحا ضد من هم من اصل اجنبي.
اما رئيس الرابطة العربية لحقوق الانسان هيثم مناع فاعتبر ان المداخلة التي قام بها رئيس الجمهورية الفرنسية تخلق شرخا يقوم على التمييز بين المواطنين على اساس الاصل.
واضاف مناع ان فرنسا وقعت الاتفاقية الاوروبية حول الجنسية عام 1997 وان سياسة ساركوزي هذه تدل على عدم احترامه لهذه الاتفاقية.
وكما خلف خطاب ساركوزي ومشروع قانونه ردود فعل سياية وحقوقية . خلف كذلك ردود فعل اعلامية رأت فيه انه امتداد لسياسته في الهجرة من أجل إعادة تعبئة معسكر اليمين واستعادة الأصوات التي تركته في الانتخابات الأوروبية والإقليمية الأخيرة، والعودة إلى «الأساسيات» التي وفرت له الفوز المرة الماضية. وان خطاب كرونوبل يمثل برنامجا أوليا لحملته الانتخابية القادمة، إذ أكد أنه يريد خوض «حرب قومية» على اللاأمن بكل مظاهره، مطلقا رغبته في نزع الجنسية الفرنسية عن قتلة رجال الأمن أو ممثلي الدولة من الحاصلين الجدد على الجنسية الفرنسية. وجاء هذا الخطاب الذي ربط عمليا بين المهاجرين والإجرام عقب قراره إزالة أكثر من 300 مخيم غير مرخص به للغجر الذين درجوا منذ قرون على التنقل بين رومانيا، موطنهم الأصلي، والدول الغربية وأخصها فرنسا.
ليس مشروع سحب الجنسية هو الملف الوحيد الذي ميز صيف ساركوزي، هناك مااسطلح عليه بملف الغجر ، لقد تم ترحيل 700 غجري من أصل نحو 15 ألفا موجودين على الأراضي الفرنسية قبل اسبوعين . النائب الأوروبي وأحد قادة حزب» أوروبا - البيئة دانيال كوهين بنديت شن هجوما عنيفا على ساركوزي متهما إياه بالقيام ب«سياسات استعراضية»، وأنه «يستغل الموضوع الأمني لغايات انتخابية»، مذكرا بأنه مسؤول عن الأمن في فرنسا منذ ثماني سنوات. وندد كوهين بنديت بالحكومة التي «تلوح بعصا سحرية لا مفعول لها». ووصف مشروعه الداعي لنزع الجنسية، بأنه «عبثي» و«لا يمكن تطبيقه» واتهمه ب«المزايدة الأمنية لتغطية عجزه السياسي».
وكتب دو فيلبان على صفحات لوموند تعليقا على طرد عدد من الروم الغجر الى بلغاريا ورومانيا «هناك اليوم وصمة عار تلطخ رايتنا». وبعد ان اشار دو فيلبان الى «الوجه المشوه لوطن حقوق الانسان» في اشارة الى فرنسا، دعا كل مواطن فرنسي الى «التحرك حسب ما يمليه عليه ضميره اينما كان ومهما كان سنه للتعبير بطريقته الخاصة عن رفضه لهذا الانحراف غير المقبول».
وتحدث دوفيلبان عن (واجب رفض) السياسة الأمنية التي يطبقها ساركوزي التي تمثلت باكثر من 200 حالة طرد لافراد من اقلية الروم الغجر الى رومانيا وبلغاريا. وفي الصحيفة نفسها كتبت الوزيرة السابقة رشيدة داتي التي أخرجت من دائرة المقربين من ساركوزي مقالة دعت فيها الى «استعادة الوحدة المفقودة في النظرة الى قيم الجمهورية» مذكرة انه «بالنسبة الى اطفال الهجرة التي هي جزء منهم فان المساواة هي الرافعة الاساسية للاندماج الناجح».
وسجلت منظمة العفو الدولية في مذكرة لها على:
1-أن فرنسا بلد ديمقراطي يحتكم إلى القانون ويحترم مبادئ حقوق الإنسان، وبالتالي ليس طبيعيا أن يجعل سحب الجنسية ضمن وسائل الردع عند ارتكاب الجنح أو الجنايات
2- أن خصّ الفرنسيين المنحدرين من أصول أجنبية بقوانين ردعية لا تطال غيرهم من الفرنسيين الأصليين، يُعدُّ إجراء تمييزيا من شأنه أن يغذي مشاعر السخط والكراهية تجاه الأجانب، ويعطي شرعية للقوى العنصرية المتنامية في استهدافهم
3- أن الربط بين المهاجرين وانعدام الأمن الذي يعاني منه الفرنسيون يقدم صورة مسيئة للأجانب، ويطمس دورهم الحيوي في بناء الاقتصاد الفرنسي، ويجعلهم مجرّد ضيوف غير مرغوب فيهم.
4- أن الإجراءات التي يقف وراءها ساركوزي تخالف المادة الأولى من الدستور الفرنسي، التي تنص على المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز بينهم لجهة أصولهم، وهي مخالفة من ناحية أخرى للقوانين الأوربية والمواثيق الدولية الراعية لحقوق الإنسان.
ويرى المراقبون ان سياسة ساركوزي في مجال الهجرة وصلت الى الطريق المسدود لانه عجز عن تحقيق الأهداف التي رسمها، وتعرضت سياسته في الإدماج للاهتزاز بسبب:
1- الإجراءات الفوقية المتبعة في الإدماج الرامية إلى طمس الخصوصيات الثقافية.
2- التفاعل مع المهاجرين بصفتهم ورقة سياسية مهمة يقع توظيفها باستمرار للأغراض الانتخابية والحسابات السياسية.
3- التمييز في المعاملة بين الفرنسيين الأصليين والفرنسيين من أصول أجنبية، وتغذية مشاعر السخط لدى المهاجرين.
4- الاعتماد على المقاربات الأمنية في معالجة مشاكل الهجرة ومقاومة الجريمة
5- شعور المهاجرين بالانبتات الدائم، إذ في فرنسا يُنظر إليهم على أنهم مهاجرون ولو كانوا حاملين للجنسية الفرنسية، وفي بلدانهم الأصلية يُنظر إليهم على أنهم فرنسيون يعودون إلى أوطانهم لأغراض سياحية ولو كانوا من رعاياها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.