شل إضراب عام فرنسا أمس الثلاثاء احتجاجا على مشروع إصلاح أنظمة التقاعد، خاصة الإجراء الأساسي المتعلق برفع سن التقاعد من 60 إلى 62 سنة، في وقت يشرع فيه البرلمان في مناقشة هذا النص. ونزل أزيد من مليوني متظاهر، من جميع القطاعات (النقل، والوظيفة العمومية، والإعلام العمومي، والصناعة، والأبناك)، منذ الصباح للشوارع، عبر التراب الفرنسي بأسره للتعبير عن غضبهم في محاولة ل»سد الطريق» أمام هذا المشروع والمشروع الحكومي «الجائر وغير المقبول»، حسب منظمي هذا العمل النقابي. وتتمسك الحكومة، رغم قولها إنها مستعدة لتقديم بعض التنازلات، ب»حزم» بمسألة رفع سن التقاعد إلى 62 سنة, الأمر الذي تعارضه النقابات التي تساندها أحزاب اليسار (المعارضة) لأنها ترى في ذلك تراجعا عن أحد مكتسبات المأجورين الفرنسيين. وينص مشروع إصلاح أنظمة التقاعد، الذي يعد أهم نص في النصف الثاني من الولاية الرئاسية، كإجراء رئيسي الرفع التدريجي للسن القانوني للتقاعد إلى 62 سنة في 2018 مقابل 60 سنة اليوم. ويظل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي يأمل في التصويت على النص من قبل البرلمان في نهاية أكتوبر، متصلبا بشأن الاحتفاظ بهذا الإجراء لإنقاذ منظومة التقاعد الفرنسية التي تعاني صعوبات مالية بسبب شيخوخة الساكنة. ويعتبر ساركوزي أن ذلك يشكل الحل الأمثل لضمان «تمويل التقاعد والتضامن بين الأجيال»، وبالتالي «تنافسية الاقتصاد الفرنسي»، لا سيما أنه لا يتضمن أية زيادة في الضريبة أو تقليص في قيمة المعاشات. وتسعى الحكومة، من خلال تشغيل الفرنسيين لمدة أطول، إلى إحداث تقارب بين نظام التقاعد الفرنسي ونظيره لدى الجيران الأوروبيين، مما سيضمن تغطية حاجيات التمويل التي تقدر ب70 مليار أورو في أفق 2030. وجدد المستشار الخاص للرئيس ساركوزي هنري غينو، يوم الأحد، التأكيد على أن رفع سن التقاعد لم يكن قابلا للتفاوض، معتبرا بالمقابل أن باقي مقتضيات مشروع القانون يمكن مناقشتها. ويساند 73 في المئة من الفرنسيين، حسب استطلاع للرأي صدر الاثنين، تعبئة يوم الثلاثاء ضد الإصلاح الذي يعتبرونه جائرا (64 في المئة) وأنه لن يحل مشكل أنظمة التقاعد على المدى الطويل (68 في المئة). بالمقابل، يعتبر 65 في المئة من الأشخاص المستجوبين أن التظاهرات لن يكون لها أي وقع.