"الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34        البطولة الوطنية الاحترافية لأندية القسم الأول لكرة القدم (الدورة 11): "ديربي صامت" بدون حضور الجماهير بين الرجاء والوداد!    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط، اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يحمي بيوكرى من غزو " الناموس " ؟ : حقائق عن الملف تُنشر لأول مرة
نشر في اشتوكة بريس يوم 20 - 10 - 2014

منذ ما يزيد على ثلاثة شهور لم يعد سكّان مدينة بيوكرى التابعة لعمالة إقليم اشتوكة آيت بَها يعرفون للراحة سبيلا، سواء داخل بيوتهم أو خارجَها، بعدما صارت أجسادهم هدفا للسعات جحافلَ من البعوض قادمةَ من محطّة معالجة المياه العادمة المتواجدة غيرَ بعيد عن المدينة.
تضاعف الإصابات
خلالَ شهر رمضان الماضي، الذي تزامن مع فصل الصيف، ومع اشتداد درجة الحرارة، كانَ المُصلّون في مسجد لا تفصله سوى بضعِ عشراتِ أمتار عن المحطّة يضطرّون إلى تغطية أطرافهم كاملة، حِمايةَ لأنفسهم من لسعات "الناموس"، الباحث عن امتصاص الدماء.
منذ ذلك الوقت، صار البعوض حديث الساعة بين ساكنة مدينة بيوكرى، وما يزالُ إلى الآن، خصوصا وأنّ لسعاته تخلّف انتفاخاتٍ كبيرةً، خصوصا على مستوى الوجه والأطراف، وهو ما جعل عددَ حالات الإصابة الوافدة على المستشفى الإقليمي تتضاعف بشكل كبير، خصوصا الأطفال الصغار.
وقال مصدر طبّي لهسبريس إنّ عدد الحالات التي كانتْ تفِدُ على المستشفى الإقليمي "المختار السوسي"، خلال فصل الصيف الماضي، كانت تصل في أحيانٍ إلى 40 حالةً يوميا، قبل أن يتساءل: "تصوّر حجْم المخاطر الصحية التي كانت ستلحق بالسكان لو كان هذا الصنف من الحشرات ينقل فيروسا ما؟".
غيْر أنّ عدم نقل البعوض لفيروساتٍ، واكتفائه فقط بمصّ دماء المواطنين، لا يعْني انتفاء المخاطر الصحّية، إذْ روى أحد مواطني المدينة، مصابٍ بمرض السكري، أنّ "لدغة ناموسٍ" جعلتْ رجله تنتفخ على مستوى الساق، وهو ما كلّفه مصاريف بقيمة 2000 درهم للعلاج، تفاديا لتطوّر الانتفاخ إلى ما لا تُحمْد عُقباه.
ويعود مشكل انتشار البعوض بمدينة بيوكرى، والذي لم يكن مطروحا من قبْل، رغم أنّ محطة معالجة المياه العادمة أنشأتْ منذ سنة 2007، إلى غياب المعالجة الدورية للمياه العادمة داخل المحطّة، وهو ما يؤدّي إلى انتشاره حسب ما أفاد به مصدر طبّي لهسبريس.
وأضاف المتحدّث أنّ السبب الذي أدّى إلى ظهور "الناموس"، هو أنّ محطة معالجة المياه العادمة لم تعُدْ تستوعب كميّات المياه المتدفّقة عليها، وهو ما يحول دون معالجتها كاملة، من خلال أحواض المعالجة، وتفيض في الخلاء، مشكّلة بِرَكاً آسنة، مْنها يُخلق الناموس، ثمّ ينتشر.
المصدر الطبيّ الذي تحدّثت إليه هسبريس قال إنّ المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، المُفوَّض له تدبير محطة معالجة المياه العادمة، لم يعد يقوم بالمعالجة الدورية للمياه، كما كان عليه الحال في السابق، فضْلا عن عدم خلْق أحواضٍ جديدة كفيلةٍ باستيعاب المياه المتدفّقة على المحطة.
وأضاف أنّ عملية المعالجة كانتْ تتمّ فيما مضى من خلال رشّ المياه بمبيدات مرّة كل خمسة أيام، من أجل القضاء على اليرقات، فيما يتمّ رشّ الأشجار بمبيدات أخرى لقتل المجنّحات، "العملية أعطتْ نتائج جيّدة، غير أنّ الONEP تملّص من توفير الأدوية"، يردف المتحدّث.
مسؤولية المكتب الوطني للماء الصالح للشرب
وفيما تعذّر أخذ وجهة نظر المدير الجهوي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بأكادير، لعدم ردّه على المكالمات الهاتفيّة، رغم تركنا لرسالة هاتفية على محموله، حمّل أحدُ التقنيين الذين تحدّثت إليهم هسبريس مسؤولية انتشار "الناموس" للمجلس البلدي لمدينة بيوكرى، بسبب إنشاء محطة المعالجة غيْر بعيد عن المدينة.
وقال المتحدّث إنّ محطّة المعالجة يجب أن تُقام بعيدا عن المدينة بأزيد من سبع كيلومترات، لتفادي تضرّر السكان من الروائح الكريهة والحشرات، غير أنّ رئيس المجلس البلدي لمدينة بيوكرى، الحسن الفارسي، قالَ إنّ المسؤولية الأكبر في انتشار البعوض يتحمّلها المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، باعتبار أنّ الحشرات تنبعث من داخل المحطّة.
وأوضح الفارسي في اتصال هاتفي مع هسبريس أنّ محطّة معالجة المياه العادمة، التي أنشئت خلال ولاية المجلس البلدي السابق، ولم يكنْ حينها قد تولّى بعدُ مهمّة تسييره، تمّ تفويض تدبيرها إلى المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وتمّ توقيع اتفاقية في هذا الصدد بين المكتب والمجلس البلدي.
وتابعَ المتحدّث أنّ المجلس البلدي اقتنى صهريجا لرشّ الدواء، وجرّارا، خصّيصا لرشّ أشجار المدينة بالمبيدات، للقضاء على "الناموس"، وأضاف "حاليا لم يعُد هذا المشكل قائما بالحدّة التي كان عليها من قبل"، غيرَ أنّ مصدرا طبيّا عَزا ذلك إلى انخفاض درجة الحرارة، قائلا "عندما ترتفع درجة الحرارة سيجتاح البعوض المدينة من جديد".
وأيّا كانت التدابيرُ المُتّخذة، للقضاء على هذه الظاهرة المقلقة التي تقضّ مضجع سكان مدينة بيوكرى، يظلّ السؤال الذي يطرحه سكان المدينة هو لماذا أقيمت محطّة معالجة المياه العادمة في مكان قريب جدّا من مدينتهم، إذ لا تفصل المحطةَ سوى بضع مئات أمتار عن المدينة، وتوجد دواويرُ مُلاصقة لها.
وردّا على هذا السؤال يقول رئيس المجلس البلدي لمدينة بيوكرى "نحن نحلم بذلك، ونريد تحويل المحطة إلى مكان آخر"، لافتا إلى أنّ هناك مشروعا مطروحا على مستوى أكادير الكبير، لإقامة محطة كبيرة لمعالجة المياه العادمة لمدينة بيوكرى ومدينة القليعة وجماعة الصفاء، والدواوير المجاورة، غير أنّ ذلك يتطلب إمكانيات مالية كبيرة، وفق تعبير المتحدّث، وهو ما يعني أنّ المشروع لن يُنجزَ في الأمد المنظور.
دراسة لم تؤخذ بعين الاعتبار
إقامةُ محطة معالجة المياه العادمة غيرَ بعيد عن مدينة بيوكرى، يطرحُ، أيضا، سؤالا آخر، أكثرَ أهمّية، حول ما إنْ كانت قدْ أنجزتْ دراسة قبْليّة حول المخاطر المحتملة للمحطة، سواء على مستوى صحّة السكّان أو البيئة، قبل إقامة المحطة، المُقامة على مساحة 12 هكتارا.
مصدرٌ مٌطلع على تفاصيل إقامة مشروع محطّة معالجة المياه العادمة قال إنّ الدراسة أنجزتْ فعلا، ونبّهت إلى إمكانية تضرّر السكان من الروائح الكريهة ومن البعوض، "غيْر أنّ هذه الدراسة لم تُؤخذ بعين الاعتبار"، وفق تعبيره، وهو ما يطرح سؤالا آخر حول ما إنْ كانتْ هذه الدراسة قد قُدّمتْ للوكالة الألمانية للتعاون التقني، التي ساهمت بحصّة كبيرة في تمويل المشروع؟
حملْنا السؤال إلى الوكالة الألمانية، من خلال بريدها الإلكتروني، ومن خلال الاتصال الهاتفي، غيْرَ أنّ مسؤولة التواصل بالوكالة رفضت الإدلاء بأي معلومات بهذا الخصوص، مؤكّدة أنّ مسؤولي الوكالة سيردّون على الرسالة التي بعثنا بها إليهم، بعد الاطلاع على حيثيات الموضوع، دون أن تحدّد موعدا لذلك.
وفي الوقت الذي ينتظر سكان مدينة بيوكرى حلّا عاجلا وشاملا لمشكل محطة معالجة المياه العادمة، قال مصدر طبيّ إنّ مشكل انتشار "الناموس" المنبعث من المحطّة ما كان له أن يكون لو كانت المحطّة تُدبّر بشكل جيّد، وأضاف أنّ ثمّة حلولا كثيرة، منها خلق أحواض جديدة للمعالجة، أو التفكير في إعادة استعمال المياه العادمة في ريّ المنتجات الفلاحية المتعلّقة بإنتاج الأعلاف.
إنجاز : محمد الراجي - هيسبريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.