لم يكن حلول ثلة من قياديي حزب التقدم والاشتراكية بتارودانت يوم السبت الماضي اعتباطيا أو من قبيل الصدفة ،بل جاء نتيجة إصرار وتشبت كل المتعاطفات والمتعاطفين ومناضلات ومناضلي الحزب بهذا الإقليم الأكثر شساعة على الصعيد الوطني بضرورة حضور قيادة وطنية وجهوية من هذا الحجم لتقاسهم احتفالاتهم التي انطلقت منذ بداية الصيف الماضي،احتفاء بالذكرى السبعين لتأسيس الحزب . وهكذا ،غصت جنبات القاعة الرئيسية لمعهد محمد الخامس للتعليم الأصيل بمدينة تارودانت بحضور كبير ووازن تشكل بالأساس من مناضلي ومناضلات الحزب والمهتمين بالشأن المحلي بتارودانت وعدد كبير من وسائل الإعلام الوطنية والمحلية . وفي كلمته الافتتاحية عرج محمد مواد عضو اللجنة المركزية و الكاتب الإقليمي للحزب بتارودانت على المسار النضالي للحزب بتارودانت منذ تأسيس هياكله التنظيمية ،منتصف ثمانينيات القرن الماضي، رغم الاكراهات والعراقل التي استطاع المناضلون الأقحاح تجاوزها بفضل عزيمتهم وإيمانهم القوي بقضيتهم المثمثلة في تثبيت دعائم الحزب الشيوعي المتأصل تاريخيا في بناء تاريخ المغرب الحديث . من جانبه ،ندد رشيد روكبان خلال تدخله بالاعتداءات الجنسية المتكررة التي كان ضحيتها العديد من أبرياء الأمة بتارودانت ،داعيا السلطات الأمنية بالمدينة إلى التعامل مع هذا الملف ومع هذه الظاهرة المشينة بأكثر حزم وصرامة لإعادة الطمأنينة والسكينة لأبناء تارودانت والمنطقة برمتها .تداعيات الربيع الديموقراطي والأزمة العالمية والتطورات السياسية الأخيرة المعرقلة للسير العادي لعمل الحكومة الحالية، كانت أيضا محاور حاضرة في كلمة رئيس الفريق التقدمي بمجلس النواب، والذي نوه بالمجهودات المبذولة حاليا من طرف الأغلبية الحكومية للتخفيف من نتائج هذه الهزات ،وذكر المسؤول الحزبي بالإكراهات والصعوبات التي مر منها صياغة مشروع قانون المالية للسنة المقبلة ،مشيدا بالمناسبة بالعمل المشترك مع الفرق الأربعة المشكلة للأغلبية الحكومية والتي تشتغل حسب ،روكبان، في تناغم مشجع للغاية وبمسؤولية كبيرة في إطار البرنامج المشترك المتوافق حوله، قبيل الشروع في تشغيل آلياته التنفيذية. وفي السياق ذاته،تطرق امحمد كرين ،عضو مجلس رئاسة الحزب والمحلل السياسي والاقتصادي إلى التحالف مع حزب العدالة والتنمية الذي أملته مجموعة من الظروف ،وعلى رأسها تبؤ الحزب الإسلامي المكانة الأولى خلال الاستحقاقات التشريعية الأخيرة وحضوه بثقة الشعب المغربي ،بالإضافة إلى تصميم حزبه العزم على الانخراط في الاوراش الإصلاحية الكبرى التي رسمها رفقة الأغلية السابقة في الحكومتين المتعاقبتين منذ عقد من الزمن، والعمل على الحفاظ والدفاع المستميت على الثوابت الوطنية التي تشكل أساس استقرار الأمة المغربية.الشيء الوحيد الذي يتحفظ عليه المسؤول الحزبي ،حسب ما جاء في كلمته هو عدم قبوله على غرار كل قياديي حزبه ،هو المس بالقدرة الشرائية للطبقات المسحوقة والمتوسطة . وعن الإصلاحات الكبرى التي تنكب الحكومة الحالية على إخراجها إلى الوجود ،يقول كرين ،يبرز مشكل المقاصة والمقايسة ونظام التقاعد باعتبارها مواضع الساعة التي قيل عنها الكثير وسال في شأنها الكثير من المداد ،لكن أفق حلحلتها يبقى غامضا ويتطلب شجاعة كبيرة وعملا جبارا لتفادي أنصاف الحلول ،داعيا الحكومة إلى اللجوء إلى الطبقات الميسورة لتعبر عن مدى مواطنتها ووطنيتها الصادقة لتساهم في التخفيف من الأزمة البادية في الأفق القريب . أما عبد اللطيف أوعمو ،عضو الديوان السياسي للحزب ورئيس المجلس البلدي لمدينة تزنيت ،فخصص مداخلته للحديث عن المسار النضالي للحزب خلال العقود السبعة التي عمرها والتي ترك فيها بصمات لا يمكن نكرانها ،عقود ،يقول المسؤول البرلماني في مجلس المستشارين، نقشت في الإكراه وفي المعاناة من قبل جهابدة الحركة الوطنية وعلى رأسهم علي يعتة ،عبد السلام بورقية ،عبدالله العياشي ،عزيز بلال ،عبدالكريم بن عبدالله ،هادي مسواك والقائمة طويلة . هذا الإرث الذهبي الذي خلفه هؤلاء الأبطال طبع التاريخ المغربي الحديث بدءا بمناهضة الاستعمار وتحرير البلاد ،مرورا بوضع أسسا مثينة لدولة القانون والمؤسسات ووصولا إلى ما تشهده بلادنا من تطور ات عميقة في البناء وفي الديموقراطية الحقة وكذا في المجال الحقوقي الذي قطعت فيه بلادنا أشواطا غير يسيرة ضاهت بها دول لها باع كبير في الميدان الحقوقي .