معارك خاسرة تخوضها النساء في المحاكم الشرعية،محاكم يحكمها الرجل ويسانده القانون بقوة،فتدفع عمرها في قضايا دفنت قبل أن تخوضها في حرب نفسية لقضايا معلقة باسم الشرع،ووحدها الملامة فتدفع الثمن كمجرمة حرب لحرب لم تخضها يوما،تفتش معاركها واحدةً واحدة. نساء معلقات وقضايا طي النسيان،مغيبات عن حقهن بالحياة ومعلقات بقانون الرجل ودهاليز محاكم غيبتهن بصمتها تحت شعار لا يوجد مشكلة اسمها المعلقات..! بحسب مؤتمر الدكتور حسن الجوجو رئيس المجلس الأعلى للقضاء،بلغ مجموع الدعاوي والمعاملات والتوثيقات والحجج التي سجلت لدى المحاكم الشرعية الابتدائية 96،483 حالة منها:بلغ عدد عقود الزواج 18،571وبلغ عدد حالات الطلاق 2593حالةمنها 61 حالة طلاق بائن بينونة كبرى،و1،107 حالة طلاق بائن بينونة صغرى قبل الدخول،و882 حالة طلاق بينونة صغرى بعد الدخول،و543 حالة طلاق رجعي.مع الأخذ بعين الاعتبار تمت الرجعة لعدد 93 حالة طلاق أي بنسبة 3،72% من عدد حالات الطلاق الاجمالي وعليه تكون نسبة الطلاق إلى الزواج ( 11،86% ) وبلغ عدد الدعاوي القضائية التي رفعت أمام المحاكم الشرعية في محافظات غزة 7576 دعوى،تم الحكم في 7232 منها وتدوير 344 دعوى للعام 2010. حكم بالإعدام “السيدة”إبتسال “أم لطفل لم يبلغ عامه الثاني،ببطء تتحدث للغيداء وهى منهكة،ذائبة في أوجاعها تنتظر الخلاص في حياة أشبه بحرب يؤججها عوامل كثيرة أحاطت بها قالت:” اعتقل زوجي بتهمة العمالة فرفعت دعوى طلاق منذ 2008 وحتى الآن لم أحصل على الطلاق،زوجي محكوم بالإعدام ومن يوم أن حوكم تمت محاكمتي،الدخول في دهاليز المحاكم لا نهاية له أبداً،حياتي انهارت كلياً ودون رحمة المحكمة ترفض قضايانا المعلقة لسنوات،وهذا يؤخر من سريان القضية بشكل طبيعي فأي تأخير هو محسوب من عمري أنا وليس من عمر المحكمة أنا الوحيدة التي تعاني نفسيا وماديا واجتماعيا وليس القضاة أو المحاكم ،وبحسب ما قالته ” إبتسال “التي منعها أبوها من الخروج منذ ذلك الحين إلا لجلسات المحكمة قالت:”القضية التي يتم فيها التفريق بين الزوجين في فترة وجيزة تستغرق سنوات من عمر المرأة .. أطالب بتسريع الإجراءات لا العكس حيث يتم الاستماع للشهود ويؤجل باقي الشهود لجلسات أخرى متباعدة صادفت عدة جلسات في مواعيد إجازات رسمية للمحاكم 3 جلسات في موعد إجازات ويتم تأجيل الجلسة لفترة بعيدة جدا وهذا كله يأخذ من عمري ويلتهم داخلي دون رحمة لا أنا متزوجة ولا أنا مطلقة، وتابعت “إبتسال” واجهنا صعوبة في التبليغ كان لدى المحكمة مشكلة وإدارة السجن في إبلاغ الزوج داخل السجن وذلك بكتابة كتاب أن هذا الشخص تم احتجازه، لأكثر من مرة كان هنالك خطأ في التبليغ وثلاث مرات لعدم التبليغ كان يصدر التبليغ من المحكمة لإدارة السجن حتى يبلغ النزيل القضايا تأخذ وقت طويل بالمحاكم رغم أنها قضايا تنتهي ويتم الطلاق أما أن تبقى القضايا عالقة في المحاكم حتى إشعار آخر فالمتضرر الوحيد هو المرأة.فإلى أين توصلنا المحاكم في دهاليزها حتى نمل ونيأس من القضية برمتها نصاب بالإحباط ويموت داخلنا الأمل فقد متنا قبل ذلك بكثير متنا كبشر لمجرد أننا نساء.. خسرت على كافة الأصعدة أنا الآن حبيسة الجدران ممنوعة من الخروج وعالقة بين جلسات المحكمة ونظرات طفلي الذي بدأ يعي ما معنى القفص الذي بناه أبي لي بمحض إرادته لا خروج لا حياة فقط انتظر إصدار الحكم علىً ناهيك عن نظرة الجميع لي كون زوجي متهم بالعمالة وحوكم بالإعدام ..وصمتت إبتسال وطال صمتها المقهور. قضيتي ماتت في المحكمة أما “نرمين “:فقالت بقهر :”قضيتي في المحكمة منذ عام 2007 تابعت الجلسات وحلف اليمين وجلسات الشهود والإعلان في الجريدة لأكثر من مرة،فقد تمت خطبتي على ابن خالي المقيم بأمريكا فقط “كتب كتاب” ولم أره ولم يراني فكيف تبقى القضية عالقة ومعلقة حتى اللحظة وكل لحظة أعيشها على أمل الخلاص ولكنها لا تأتي تلك اللحظة ُبلغت بأخطاء في قضيتي فأين كانت الرقابة في المحكمة حين ارتكب المحامي هذه الأخطاء،بعد كل هذه السنوات يرفض الملف لأبدأ من جديد في رفع القضية من جديد وحلف اليمين والتبليغ وغيره أين كانوا طيلة هذه السنوات ليستفيقوا فجأة ويعلنوا رفض الملف والبدء من جديد فمن المسئول عن هذه القضايا وان كان المحامون فأين كان القاضي وأين العدل في محاكم شرعت لتعدل بين الناس لا لسلبهم حياتهم في دهاليز القضايا المنسية..أنا عالقة بين المحاكم وبين كلمة من خطيب جرحته كرامته وكبريائه ليعلن عدم التطليق وبقائي معلقة .. جلسة تحدد في يوم إجازة رسمية فأين الخلل ..وتابعت ” نرمين” اذهب للمحكمة من الساعة السابعة وأدخل عند الثانية عشر ظهرا لمكتب القاضي لحلف اليمين دون نتيجة تذكر لتعاد القضية من جديد في المحكمة ومن الصفر..القانون لا يحمي سوى الرجل فالرجل يطلق زوجته دون سبب وغيابياً،فتبقى المرأة عالقة لسنوات متضررة وحياتها متوقفة وعالقة على قرار بالتطليق دون حصولها عليه. الموت أهون من نصف حياة أما “سميحة” فقضيتها منذ عام 2008 رفعت القضية ضد زوجها الذي تركها دون نفقة أو سؤال فقالت:”تزوجنا في الإمارات ونزلنا في مصر على أساس أن يقوم زوجي بعمل إجراءات الإقامة بمصر لكنه تركني واختفى ولم اعلم بوجوده بالإمارات إلا بعد عودتي لغزة فرفعت عليه قضية طلاق خاصة بعد اختفائه بمصر وتركه لي لأكثر من شهر هناك،عدت لأهلي،ورفعت قضية “طلاق ضد زوجي الذي تركني ،فمنذ بداية القضية والمحكمة تؤجل الجلسات وكل جلسة أكثر من شهر،أخي يذهب للمحكمة ويقوم بعمل إجراءات لأجل إنهاء قضيتي فيفاجأ بأن المحكمة لم تبلغ شرطة رفح للتحري عن الزوج إذا كان في غزة أم بالخارج وأن المحكمة لم ترسل كتاب بالموضوع إذن خطأ من ..في جلسات الشهود يتم الاستماع لشاهد ويؤجل باقي الشهود لجلسة بعد عشرين يوما أو لشهر من تاريخه،الساعة الثامنة أتواجد بالمحكمة وأظل حتى الساعة الثانية عشر ظهراً ويبلغني القاضي بتأجيل الجلسة أو القضية كلها،فخطأ من أن أظل لسنوات لا أنا متزوجة ولا أنا مطلقة هل الشرع يبيح تعليق المرأة .. أما “سعاد” الموظفة فقد أدركت أنها لم تختار زوجها كما ينبغي لقد تحول لآخر أنانياً وباهتاً يختلق المشكلات من لا شيء،شخصية ضعيفة تستند على بقايا الكلام،أخافها وهى العروس في هودجها فسقطت عن الهودج لكن الجرح يسند التعب فوقفت كسنبلة تنحني لكنها لا تسقط فقالت:”تزوجت منذ ستة أشهر تخيلت أن الدنيا ضحكت لي بزوج متعلم يمدني بالقوة إن ضعفت ويحميني في زمن يشتد فيه الوجع فإذا بهم يضعوا الشروط لزيارتي لأهلي ومنعهم لأهلي بزيارتي و اشتراطهم تركي لعملي وكافة تفاصيل تنفسي ومنامي وصحوي،يتفنن في قلب حياتنا لجحيم وبتدخل حماتي التي لا تهدأ ليحولوا حياتي عن مسارها الطبيعي فلجأت لمحامي فإذا بزوجي يطلب مني التنازل عن كل شيء المهر وعفش البيت والمتأخر ويطلب أيضا 20 ألف دينار مقابل أن يطلقني،فلماذا يسانده القانون ويقتلني لأبقى معلقة حسب مزاجية زوجي وأهله..هل سيتم تعديل القانون دون أن يميل للرجل وافتراءه على المرأة.. إجراءات روتينية المحامية “سماح عاشور” من المركز الفلسطيني قالت:” غالباً ما يتم التأجيل لمدة أسبوع أو عشر أيام تقريبا،قضايا التفريق وقضايا الضم من أكثر القضايا العالقة في المحاكم،بعض القضايا مثل قضايا التفريق تكون إجراءات المحكمة طويلة،لا نستطيع أن نقول لخلل في المحاكم ولكن هناك إجراءات روتينية يجب أن تستكمل مثل إجراءات البحث والتحري في جميع المحاكم الشرعية والبحث والتحري من الشرطة وإعلانات الجريدة في بعض قضايا التفريق،فالموظف الجديد يؤثر في عمل المحكمة من الممكن أن يرتكب أخطاء قانونية ناتجة عن عدم درايته،وتابعت “عاشور”:يختلف الطلاق عن التفريق بأن الطلاق يقع من الزوج باختياره وإرادته،أما التفريق فيقع بحكم القاضي والقاضي ملزم بالتطليق إذا وجدت أسباب شرعية لذلك،فالتفريق بين الزوجين هو الحكم الذي يصدر من قبل المحكمة الشرعية بتطليق الزوجة من زوجها إذا توفر لديها سبب شرعي موجب للتفريق، ويتم بناء على طلب من الزوجة من خلال دعوى تقيمها أمام المحكمة الشرعية،وكل حكم بالتفريق بين الزوجين يكون بطلقة واحدة بائنة بينونة صغري ما عدا التفريق لعدم الإنفاق فيكون بطلقة رجعية إذا كان بعد الدخول أما قبل الدخول فتكون الطلقة بائنة بينونة صغرى.وتابعت عاشور:”الحالات التي تستطيع الزوجة أن تطلب من القاضي تطليقها طلب التفريق لعدم الإنفاق عليها، طلب التفريق للعيب الجنسى (العنة) (حسب المادتين 84 و85من قانون حقوق العائلة) طلب التفريق لجنون الزوج حسب (المادة 88 من قانون حقوق العائلة لسنة1954) طلب التفريق بسبب غياب الزوج (حسب المادة 94 من قانون حقوق العائلة) طلب التفريق لحبس الزوج(المادة 96من قانون حقوق العائلة)أما دعوى التفريق لعدم الإنفاق إذا تمنع الزوج عن الإنفاق على زوجته مدة تزيد على ستة شهور بعد حصولها على حكم بالنفقة عليها من قبل المحكمة الشرعية وتضررت الزوجة من ذلك جاز لها أن تطلب التطليق عن طريق القضاء. من خلال مقابلاتي مع السيدات في المحكمة تبين أن هنالك قضايا منذ 2008 حوالي 7 إلى 8 قضايا عالقة في المحاكم لسنوات وحتى اللحظة من كتابة الموضوع الصحفي هنالك قضية واحدة على الأقل في 2006 أما 2007و 2009 فيوجد أيضا عدد من القضايا العالقة في المحاكم،ومن مصدر موثوق به رفضت الكثير من القضايا في محكمة الاستئناف بحجج كثيرة.فهل القانون بحاجة لتعديل أم المحاكم بحاجة لتغيير في إجراءاتها مع القضايا العالقة لتغيير ولو بشكل مرضي مصير امرأة من معلقة ومحتجزة في المحاكم وبيد رجل لا يحترم كينونتها إلى امرأة بوسعها أن تختار مجددا وتعيش حياتها الطبيعية كأي كائن طبيعي على وجه الأرض ..ويبقى السؤال مفتوحا هل يقبل الشرع أن تظل النساء “معلقات” لا هن متزوجات ولا هن مطلقات.. *نجوى شمعون