يتذكر الكثير من المواطنين برنامج "سمير الليل"، الإذاعي المباشر، الذي كان يبث على أمواج الإذاعة الوطنية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، مرتين في الأسبوع، الأربعاء والسبت، خلال ثلاث ساعات. ويتذكرون ذلك الصوت الرخيم، الذي كان يهمس في آذان المستمعين، ويقترب من معاناتهم الاجتماعية، ويجيب عن أسئلتهم، في موعد بث أخلصوا له، في زمن لم تكن فيه القنوات التلفزيونية والفضائيات قد غزت البيوت. إنه صوت فؤاد أيت القايد، الشاب الأسمر البشرة، المتحدر من مدينة زاكورة، الشهير بلقب "نجم الأثير"، الذي كان يضرب موعدا مع آلاف المستمعين مرتين في الأسبوع. هو مقدم برنامج "سمير الليل"، الذي رافق المرضى، والسائقين، وحراس الليل، واسترجع معه جهاز الراديو تألقه وضرورته، وأنعش تجارة بيع أجهزة الراديو في تلك السنوات. واليوم، رغم ظهور العديد من المحطات الإذاعية، لم يبادر أحد للحديث عن هذا النجم، الذي توارى عن الأنظار منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي. يقول محمد العوني، الصحافي بالإذاعة الوطنية، وهو من الذين عملوا رفقة أيت القايد، إن "فؤاد كان صحافيا مهنيا، ومميزا، خريج المعهد العالي للصحافة في الثمانينيات، متفانيا في عمله، ويحب جمهوره العريض". وأضاف العوني، في اتصال مع "المغربية"، أن أيت القايد كان يتوصل برسائل عديدة من مستمعيه ويفتخر بذلك الكم الهائل من الرسائل. وأفاد أن نجم برنامج "سمير الليل" غادر المغرب، وعمل في إنجلترا حوالي سنتين، ثم عاد ليستأنف عمله بالإذاعة، وبعدها سمع بخبر سفره إلى ليبيا، معتبرا أن "فؤاد كان أول مذيع حقق تواصلا ناجحا مع المستمعين". مرت أزيد من 15 سنة على اختفاء فؤاد أيت القايد، دون أن يعرف أحد من زملائه وأقربائه مصيره. هاجر فؤاد، المزداد عام 1957، رفقة أسرته في الستينيات من قرية تامكروت، بأكدز، في إقليم زاكورة إلى الدارالبيضاء من أجل الدراسة، رفقة أشقائه الخمسة (ولدان وثلاث بنات)، وحصل على شهادة الباكلوريا سنة 1979 بثانوية ابن تومرت، في الدارالبيضاء، ثم سافر رفقة أسرته إلى الرباط، من أجل متابعة دراسته في المعهد العالي للإعلام والاتصال، الذي تخرج منه عام 1983، وبدأ عمله في الإذاعة الوطنية، فقدم أول حلقة من برنامج "سمير الليل" عام 1984، واستمر أزيد من 10 سنوات، قبل أن يتوقف عن تقديمه عام 1995، لأسباب تقول أسرته إنها تجهلها، فسافر إلى لندن، ليعود بعد ذلك، ويستأنف تقديم برنامجه، ثم غادر الإذاعة الوطنية، مرة أخرى، عام 1997، دون أن تعرف أسرته وجهته، بينما تقول أخبار غير موثوقة إنه سافر إلى ليبيا من أجل العمل، وأخبر أحد زملائه بمراكش والده أنه شاهده في فرنسا. وقالت مصادر"المغربية" من زاكورة إن والد فؤاد أيت القايد، الذي تجاوز الثمانين عاما، ما يزال ينتظر عودته، بينما يعيش إخوانه حالة حزن لفراقه وعدم معرفة أخباره. وما زال والد أيت القايد يردد "اللي شاف ولدي، يقول ليه راه باك بغا يشوفك".