تقزز كثير من البرلمانيين من تصرف زميلهم من حزب التجمع الوطني للأحرار الذي دخل إلى قبة البرلمان في حالة سكر . ومع ذلك فأنا أشد على يديه كثيرا لأنه على الأقل حضر إلى القبة متمايلا ،ولم يقاطع الجلسة كليا كما يفعل الآخرون وخصوصا خلال مناقشة قوانين قد تكون حاسمة في مستقبل المغرب. البرلماني المسكين لم يعبر بهذا الدخول المتمايل للبرلمان إلا عن الفكرة الخالدة التي تكرست في ذهن المواطن المغربي، عن هذا البرلمان الذي يمثل نقطة ضعف مغربية بإمتياز لعدم قدرته على التأثير سياسيا وقانونيا في حياة المغرب والمغاربة. وبنظرة سريعة على جلساته سيتبين لكم الغياب الكبير لجل البرلمانيين عن الجلسات، التي ترهن مستقبل المغرب مثل مناقشة ميزانية الدولة، وملفات الهجرة السرية والصيد البحري والفلاحة...إلخ مع العلم أن البرلماني بمجرد وصوله إلى القبة فإنه يتفرغ من اي مهنة أو مهمة كان يمارسها سالفا، من أجل إعطاء الأولوية للعمل البرلماني الذي يمثل قلب التشريع والتطبيق في الدول الديمقراطية. السكر العلني وإقتحام مؤسسسة حكومية مقدسة ،هي الهدايا القيمة التي قدمها هذا البرلماني السكران لإخوانه البرلمانيين أثناء مناقشتهم لموضوع تشريعي وتسييري، سيرهن المغرب لمدة خمس سنين قادمة وبالطبع فهذا دليل واضح على أن الرجل مع حزبه لا تهمهم لا الإنتخابات ولا مصلحة الشعب ولا الوطن، بل كل همه أن يحظى بشرف حظور الجلسة الأولى في البرلمان ولو متمايلا وفي غيبوبة كاملة. ماذا بقي من هيبة للبرلمان والبرلمانيين في المغرب عندما يدخل أحد منتسبيه مخمورا إلى القبة . أين هيبة البرلمان والبرلمانيين التي نشاهدها في أمريكا وبريطانيا وفرنسا التي يباع فيها الكحول بحرية تامة ومع ذلك لم نسمع عن برلماني تغيب عن أية جلسة مهمة وبالأحرى أن يدخل هذا العضو مخمورا . إن ما جرى في جلسة البرلمان التي كانت تناقش موضوعا هاما يخص الإنتخابات القادمة، لا يمكن إلا أن يكون صورة مصغرة عن التسيب الذي ينخر جسد الإدارات المغربية، وخصوصا البرلمان الذي وعد في كثير من المناسبات بمعاقبة المتغيبين عن جلساته. ولكن للأسف ذهبت هذه الوعود أدراج الرياح ومازال الغياب والتسيب سيد الموقف، في تحد صارخ لمشاعر المغاربة الذين وضعوا الثقة في بعض البرلمانيين الذين يفضلون الحانة في حالة وعيهم والبرلمان للإسترخاء من عناء تأثير قناني البيرة والويسكي. عندما كانت الصحافة والمواقع الإلكترونية المستقلة تتحدث عن ما يجري في المغرب من فضائح وتجاوزات في جميع المجالات. يطلع علينا الكثير من الصحفيين المرتزقين يدافعون عن الحكومة وعن إنجازاتها وينصحوننا بخلع النظارات السوداء قصد مشاهدة إنحازات الحكومة على الطبيعة. وعندما زرت الموقع الإشهاري للحكومة"مكتسبات" لم يذهلني ما شاهدت لسبب واحد هو أن كل ماقامت به الحكومة لا يدخل في دائرة الإنجازات، بل في إطار الواجبات التي يجب على الحكومة أن تقدمها لأي مواطن في العالم مثل الصحة والتعليم وتوفير الماء الشروب والربط الكهربائي والأمية التي ضحكت كثيرا من النسبة المتدنية التي حققناها خصوصا أن مشروع القضاء عليها بدأ منذ زمن سيدنا سليمان. لم يبقى أمام هذا الوضع الفضائحي لرجال السياسة إلا أن ننتظر كيف سيتعامل البرلمان وحزب التجمع الوطني للأحرار مع هذه الفضيحة الكبرى . فأقل عقاب يمكن أن يناله هذا البرلماني المخمور هو الطرد من البرلمان ومن الحزب وإحالته إلى النيابة العامة لتقول كلمتها. أما إذا تم طي الملف مثل كل مرة وشاهدنا هذا البرلماني السكير على الشاشة يترنح على كراسي البرلمان الوتيرة، آنذاك لن يلام أحد من المغاربة الشرفاء على مقاطعته الإنتخابات والعمل السياسي ككل.