انتقد الدكتور أحمد الريسوني رئيس مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الطريقة التي يتم بها ترويج الخطوط العريضة لمسودة الدستور المرتقب، مشددا على ضرورة مراجعة هذا الأسلوب التجزيئي، معتبرا أن نهج هذا الأسلوب يدل على عدم احترام الشعب المغربي ورأيه وإرادته، مما يؤكد، حسب الريسوني، أن مصير الشعب ومصالحه العليا لعبة بيد بعض العناصر النخبوية التي تفضل أن تسير الأمور على مزاجها ومقاسها. واعتبر أن إعداد الدستور في الخفاء ثم عرضه على الشعب للاستفتاء، طريقة من شأنها أن تنتج دستورا غير شعبي وغير شرعي "مهما كانت الأرقام التي سيقع عليها اختيار وزارة الداخلية". وقال الريسوني، في حوار مع يومية التجديد، إن استغلال الدستور من أجل الترويج لشعار "حرية المعتقد" وفتح الباب للدسترة غير المباشرة للحق في الإلحاد والتنصير من شأنه أن يفرض ضرورة إعادة تفسير وإعادة موضعة إمارة المؤمنين. وقال "للأسف هذا كله يجري بالمغرب والعلماء طبقا للآية الكريمة:"أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون"، وتحسر الريسوني كثيرا على العلم والعلماء الذين لا يقومون بدورهم في قضايا مصيرية تهم الشعب المغربي والهوية والإسلام، معتبرا أن إدراج كلمة "حرية المعتقد" تسير في اتجاه الاستجابة للضغوط الأجنبية في هذا الاتجاه. واعتبر الريسوني، أن إلغاء الدستور المرتقب لصيغة "المغرب دولة إسلامية" وتغييرها باسم "المغرب بلد مسلم" كما تم الترويج لذلك، يلغي "الدولة المغربية"، التي يعرفها ويؤمن بها المغاربة منذ قرون، بما في ذلك الدولة العلوية القائمة منذ أكثر من أربعة قرون على صفة "الإسلامية". وأضاف المفكر المغربي أن إقرار صيغة "المغرب بلد مسلم" بدل "المغرب دولة إسلامية" ستعلن عن ميلاد دولة جديدة من نوع جديد لا ندري ما لونها وما هويتها ومن أين ستستمد شرعيتها، معتبرا أن سحب الصفة الإسلامية عن الدولة المغربية هو بمثابة سحب لشرعيتها، مما يفرض على من أسس للصفة المقترحة أن يؤسس كذلك لشرعية جديدة، مضيفا أن سحب الصفة الأولى بمثابة هجوم على الدولة نفسها. ومن جانب آخر، قال الريسوني إذا ثبت أن اللغة العربية لن تحظى بالعناية والتمكين المطلوب في الإدارة المغربية، فإنه سيؤكد بأن الاستخفاف بالشعب والتلاعب بثوابته وأركان وحدته أصبح بلا حدود أو كما يقول المغاربة "بلا حيا بلا حشمة". واعتبر أن تهميش العربية من الإدارة وإضعافها وإقصائها من شانه أن يدخل المغرب في متاهة غير مسبوقة، وتابع القول:"اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت به المقادير"، مشيرا إلى أن "هذا دعاء الشعب المغربي قبل ثمانين عاما نستحضره اليوم وندعو به، فما أشبه الليلة بالبارحة". واعتبر الريسوني أن تجريد الدستور من أي ضمانات تحمي اللغة العربية وتضمن احترامها في مقابل إحاطة اللغة الأمازيغية بجملة من المقتضيات التي تلتزم الدولة بالعناية بها يعني أن اللغة العربية ستصبح اللغة الثالثة بعد الفرنسية، مضيفا أن هذا الأمر يندرج في سياق إضعاف اللغة العربية وتعزيز هيمنة اللغوية الأجنبية في المغرب. وهاجم المفكر المغربي معدو الدستور الذين يريدون إسقاط عبارة "المغرب العربي" من الدستور المغربي واستبدالها "بالمغرب الكبير"، حسب ما شاع في أوساط الرأي العام، معتبرا انه ليس من حق معدي الدستور استبدال " كلمة المغرب العربي لان عبارة تفرض نفسها بحكم الواقع والحقيقة التاريخية التي لن ينكرها احد، فضلا عن أن المغرب عضو مؤسس لاتحاد المغرب العربي.