كلّف الرئيس اللبناني ميشال عون، الخميس، الأستاذ الجامعي حسان دياب بتشكيل حكومة جديدة، بعدما نال تأييد حزب الله وحلفائه، فيما تبدو مهمته صعبة على وقع انهيار اقتصادي متسارع وتظاهرات شعبية غير مسبوقة. ولم يحظ دياب (60 عاماً)، ذو التجربة السياسية القصيرة بخلاف مسيرته الأكاديمية في الجامعة الأميركية في بيروت حيث يشغل منصب نائب رئيسها، بدعم أبرز ممثلي الطائفة السنية التي ينتمي إليها، على رأسهم رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، الذي انسحب من السباق الحكومي في اللحظات الأخيرة. وتنتظر دياب مهمات صعبة في ظل تدهور اقتصادي. فهو يواجه من جهة شارعاً غاضباً يطالب بحكومة اختصاصيين مستقلة عن الطبقة السياسية، ومن جهة ثانية المجتمع الدولي الذي يربط تقديمه دعماً مالياً لبنان بتشكيل حكومة اصلاحية. وتعهد دياب (60 عاماً)، وهو شخصية مستقلة غير حزبية، في أول كلمة عقب تكليفه، بأنه سيعمل “جاهداً لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن”، على أن يبدأ مشاوراته السبت المقبل وتشمل “القوى والأحزاب السياسية، وأيضاً الحراك الشعبي”. وتوجّه إلى المتظاهرين في الشوارع منذ شهرين والمطالبين بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين عن الطبقة السياسية بالقول “انتفاضتكم تمثّلني كما تمثّل كل الذين يرغبون بقيام دولة حقيقية” مضيفاً “أنا مستقل.. وشخص اختصاصي، وبالتالي (حكومة) الاختصاصيين هي الأولوية، لكن يجب أن تعطوني فرصة لأستشير الجميع”. ولا تجمع القوى السياسية الرئيسية على شكل الحكومة المقبلة، التي أرادها الحريري حكومة اختصاصيين، لكن قوى سياسية رئيسية أبرزها حزب الله واجهت إصراره بالرفض، مطالبة بحكومة لا تقصي فريقاً سياسياً رئيسياً. ومع حجب الحريري ونواب تيار المستقبل الذي يتزعمه، الكتلة السنية الأبرز في البرلمان، أصواتهم عن دياب، بدا أن الرئيس المكلف سيبدأ مهمته من دون غطاء سنّي جامع في بلد يقوم نظامه على توافق الطوائف كلها. وتجمعت مجموعة من الشبان من مناصري الحريري أمام منزل دياب في بيروت مساء، وسط انتشار أمني شديد. ورددوا هتافات داعمة للحريري، منددين بحصول الرئيس المكلف على تأييد عدد قليل من أصوات النواب السنة، المقربين من حزب الله. وقال أحدهم لفرانس برس رافضاً الكشف عن إسمه “جئنا إلى هنا لأننا نرفض حسان دياب، كونه قد نال تأييد ستة نواب سنّة فقط” من اجمالي 27 نائباً سنياً في البرلمان. وقطع متظاهرون، وفق الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية، طرقاً عدة في عكار وطرابلس شمالاً وفي البقاع شرقاً وفي بيروت ومحيطها. كما تجمّع مئات في ساحات التظاهر في وسط بيروت وطرابلس وصيدا. وأبدى عدد منهم معارضته تكليف دياب وتشكيل “حكومة من لون واحد”. وقال دياب للصحافيين بعد وصوله إلى منزله إن “المعترضين على تكليفي المتواجدين في الشوارع يحق لهم ابداء رأيهم”. وأكد أن حكومته “لن تكون حكومة مواجهة أبداً”. إثر ذلك، دعا الحريري مناصريه إلى “رفض أي دعوة للنزول إلى الشارع أو قطع الطرقات” مؤكداً أن “الهدوء والمسؤولية الوطنية أولويتنا والأزمة التي يواجهها لبنان خطيرة ولا تحتمل أي تلاعب بالاستقرار”. ونال دياب تأييد 69 آخرين، يمثلون بغالبيتهم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون. وغالباً ما يمتنع حزب الله، أبرز خصوم الحريري سياسياً، عن تسمية رئيس للحكومة خلال الاستشارات، إلا أن تسمية دياب بدت بمثابة دعم كامل له.