أثارت احتمال تكليف وزير سابق برئاسة الحكومة اللبنانية غضب وسخرية المتظاهرين الذين يطالبون، في حراكهم المستمر منذ نحو شهر، بإسقاط الطبقة السياسية بالكامل متهمين إياها بالفساد وبالعجز عن حل الأزمات المعيشية. وقال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لتلفزيون "إم.تي.في"، اليوم الجمعة، إن وزير المال السابق محمد الصفدي وافق على تولي رئاسة الحكومة المقبلة "في حال حظي اسمه بموافقة القوى السياسية الأساسية المشاركة في الحكومة"، مضيفا "يفترض أن تبدأ الاستشارات يوم الاثنين". وكشفت مصادر مقربة من الحكومة، رفضت الكشف عن اسمها، ووسائل إعلام محلية، ليل الخميس الجمعة، عن اتفاق بين سعد الحريري، رئيس حكومة تصريف الأعمال، وبين التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون وكل من حزب الله وحركة أمل على تسمية محمد الصفدي، وزير المالية السابق، الذي يبلغ من العمر 75 عاماً، رئيساً للحكومة الجديدة. وسرعان ما أثارت التقارير غضب المتظاهرين في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، فاتهموا السلطات بعدم أخذهم على محمل الجد. وتظاهر العشرات ليلاً في بيروت، وأمام مكتب الصفدي في طرابلس في شمال لبنان. ويتوقع أن تنظم تظاهرة، في بيروت الجمعة، ضد تسميته. وتناقل الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً للصفدي كتب عليها "هل تستهزئون بنا؟". في طرابلس، قال جمال بدوي (60 عاماً): "يثبت طرح محمد الصفدي لرئاسة الحكومة أن السياسيين في السلطة يعيشون في غيبوبة عميقة وكأنهم في كوكب آخر خارج نبض الشارع". واعتبر الأستاذ الجامعي سامر أنوس (47 عاماً) أن الصفدي "جزء أساسي من تركيبة هذه السلطة، وله مشاركة مباشرة في الفساد والاعتداء على الأملاك البحرية"، مضيفاً: "الصفدي لا يلبي طموحات الانتفاضة الشعبية في لبنان". ويرأس الصفدي مجلس إدارة شركة شريكة في إنماء واجهة بيروت البحرية التي يرى المحتجون أنها جزء من الاعتداء على الأملاك البحرية العامة، إذ تنتشر على طول الشاطئ اللبناني مشاريع سياحية ومنتجعات عدد كبير منها يملكه سياسيون. وتقفل هذه المشاريع باب الوصول إلى البحر أمام عامة اللبنانيين. ومنذ استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في 29 أكتوبر أمام غضب الشارع، لم تستجب السلطات لمطالب المتظاهرين، ولم يدع عون حتى الآن إلى استشارات نيابية لتشكيل حكومة جديدة. وكان عون اقترح تشكيل حكومة "تكنو-سياسية"، بينما يطالب المتظاهرون بحكومة اختصاصيين مستقلة بعيداً عن أي ولاء حزبي أو ارتباط بالمسؤولين الحاليين. وبدأ الحراك الشعبي في 17 أكتوبر على خلفية مطالب معيشية، وبدا عابراً للطوائف والمناطق، ومتمسكاً بمطلب رحيل الطبقة السياسية من دون استثناء. ويعد الصفدي من أكبر الأثرياء في لبنان، ويتحدر من طرابلس مدينة يعاني 26 في المائة من سكانها من فقر مدقع، شغل سابقاً حقائب وزارية عديدة؛ أبرزها المالية (2011-2014)، والاقتصاد (2009-2011).