أنا حريص على الإحتفاظ باسم الربيع العربي لتوصيف الحراك الثوري والديموقراطي الذي يشهده عالمنا العربي منذ 2011 رغم كل الانتكاسات والارتدادات والخيانات التي يعرفها في بعض ميادينه خنادقه كواليسه وقنواته ، والتي هي على كل حال جزء طبيعي وبنيوي من مخاض الثورات وحركيتها عبر التاريخ. إن بعض المتعجلين أو الانتهازيين أو الجاهلين بسنة الله في الكون وبحركية التاريخ ونظام اشتغاله ، ،سرعان ما يئسوا واستسلموا بل وكفروا آخر النهار بما آمنوا به أوله ، بل وانحازوا إلى صف أعداء الثورة والتغيير، ولم يتعلموا من مقالة ورقة بن نوفل التي قال فيها لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله"ياليتني معك إذ يخرجك قومك" . إن الأمر إذا حصار إخراج وإجلاء وربما إفلاس ، وبعد هذا فقط يأتي النصر والتمكين. وسيظل هذا الحراك ربيعا وليس خريفا وإن لم يحطم بعد أركان الطغيان وهياكله ناهيك عن فلسفته وميكانيزماته ، ورغم أنه لم ينجز وعده بالحرية والكرامة والديموقراطية ، ولكنه بكل تأكيد أنجز أحد أهم مقدمات ومتطلبات الثورة ولوازمها ، ذلك أنه فضح النخبة السياسية الدينية الفكرية والاقتصادية عكازة الاستبداد وعمقه الإفسادي ، و التي كانت تستحمر الجماهير بشعاراتها ووعودها وفتاواها وَتَدَيُّنِها المغشوش "ولا دينيتها " المغشوشة أيضا ، فبهذا نقلنا الحراك من الاستحمار إلى النباهة ومن النوم إلى اليقظة ومن اليأس والإحباط إلى الأمل بل اليقين والثقة في المستقبل . هذه النخبة كشف الربيع العربي عورتها وعوارها ، من هذه النخبة بعض الإسلامين الدعويين ، والسلفيين والحركيين على السواء ، الذين انقلبوا على لِحاهم وحجابهم ونِقابهم ومنابرهم وأدبارهم ، وأيضا بعض الليبراليين دعاة الحرية والمساواة ، واليساريين دعاة العدالة وحقوق الإنسان الذين خانوا سلفهم المناضل فكانوا بئس الخلف لخير سلف ! . .