{} الحق يحتاج إلى رجلين: رجل ينطق به ورجل يفهمه {} (1) الناس كما قال سيدنا علي بن أبي طالب»من خوف الذل في ذل»، والحكومات كما أكد رونالد ريجان» تميل إلى عدم حل المشاكل، فهي تعيد ترتيبها فقط»، لأنها تظن – والظن لا يغني من الحق شيئاً - أن الاعتصامات والمظاهرات لا تأتي بجديد، لكن الحقيقة غير ذلك، وأي احتجاج شعبي ضد أي قصور أو تعدي سلطوي هو - اليوم - جزء من حراك إنساني عالمي نحو دمقرطة الاحتجاج وأنسنة السلطة .. الحكومات الذكية هي التي تسعى إلى إدخال ثقافة الاحتجاج في موسوعة الأعراف الحميدة – على الأقل حتى تضمن موجبات بقائها – فالسلطة الواعية تشارك بنفسها في وضع قواعد ثقافة الاحتجاج الشعبي – تتبنى الحراك وتستثمر الرفض وتضع في حسبان بطانة مسئوليها أن المطالب الشعبية حق وليس تعدياً، وأن استيعابها واجب وليس تفضلاً - فالاحتجاج السلمي ليس سلوكا فوضويا بل ردة فعل منظمة تستعين بالفوضى لحث السلطات على إعادة ترتيب المشكلة ..! (2) ماذا ينتظر المواطن من زعامات هشة وقيادات منشقة تواجه المتغير بعدة عمل قديمة وتحيا بفكر الرجل الواحد وتتصدى للمنافسة السياسية بمنطقه الذي يضع العراقيل حيناً ويبسط المشكلات أحياناً .. ماذا ينتظر المواطن من فكر سياسي لا يؤمن بالصيغ المركبة لحل المشكلات المعقدة، وأداء سياسي لا يؤمن بالعقل التواصلي، ومنهجية قيادية متوارثة أثبتت النوازل والخسائر الوطنية فداحة أخطائها .. إذا كانت الإجابة أنه ينتظر الإصلاح والتجديد - «لا الإقصاء والتحييد» - فمن يفكر بلغة التغيير والإصلاح يجب أن يتبنى أولاً الفصل الحاسم بين الزعامة والسيادة ..الفصل القاطع بين المختلفات والمتعارضات ..! (3) نحن اليوم – حاكمون ومحكومون .. موالون ومعارضون – نقف على قدم المساواة أمام خطر يمثله معتقد اصطفائي يتصور أصحابه أنهم خلفاء الله وسادة الخلق وحراس الدين، وهم وحدهم الذين يمتلكون الحقيقة، فيتوهمون تطابق المشكلات المعاصرة مع حلولهم القديمة ويغضون الطرف عن باب المصالح المرسلة الذي تركه الدين موارباً إلى يوم يبعثون .. فأما الوصائية على الناس وأما وضع شن الحرب عليهم وإنابة عنهم ..التطرف الديني سجن عقائدي خلف أسواره شباب يمتلكون عقولاً نيرة أطفأوا مصابيحها بكامل إرادتهم واختاروا أن يحتطبوا في ظلام الشعارات وأوهام الخلاص، لذلك أقول إننا قبل التدابير الأمنية نحتاج تأسيس حوار ثقافي له جذور وملامح وبرامج جاذبة .. نحتاج مناهج تربية وتعليم مواكبة متحفزَّة تتصدى لكل ماهو غريب .. متطرف .. غير أخلاقي .. وغير لائق .. وقبل ذلك كله بوابة وطنية مفتوحة على مصراعيها للحوار.. وضمانات عفو تام – غير مشروط – للعائدين من الظلام ..! (4) الحديث عن منهجية التغيير يقتضي الدخول في مراجعات نقدية بناءة والانخراط الجاد في فعل ثوري يصطحب في معالجاته أن طبيعة الانتماء داخل أي كيان سياسي «مركبة»، وأن مصدر الخلل ليس وحيد الجانب، وأن مكتسبات ثورة التصحيح لن تعود على طرف واحد.. الناس في هذا البلد ما عاد يكفيها أن تتبع أحداً بعد غاشية الفشل السياسي، ولا بات يرضيها أن تؤله سيداً بعد قارعة المعاناة الاقتصادية التي جففت أقلام التأليه ورفعت صحف القداسة .. فهل من مُذَّكر ..؟!