كنتيجة لاختلاف أهداف الأفراد، الذين يقودون حركة 20 فبراير، ولاختلاف أهداف التوجهات المنخرطة فيها، نجد أن حركة 20 فبراير، عرفت تراجعات كثيرة، منذ الإعلان عن تشكيل لجنة صياغة الدستور، انطلاقا من المقترحات التي تتلقاها من مختلف الأطراف، بما فيها حركة 20 فبراير، خاصة، وأن كل طرف، كان يترقب أن تدخل مقترحاته، ضمن بنود الدستور الجديد، إلى أن ظهر المشروع الجديد، الذي أيده بعض المنتمين إلى حركة 20 فبراير، ومنهم حزب العدالة والتنمية، وقاطعه البعض الآخر، بمن فيهم مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي، من منطلق أنه لم يستجب لطموحات الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة. وهو ما يعني، في العمق، انشطار حركة 20 فبراير، إلى شطرين: شطر يؤيد مشروع الدستور المطروح للاستفتاء، وشطر آخر يقاطعه. وبعد الإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية، السابقة لأوانها، انقسمت، كذلك، أطراف حركة 20 فبراير، إلى مشاركين في الانتخابات، ومقاطعين لها، وهو ما زاد من ضعفها، وتشرذمها، إلى أن مرت الانتخابات، التي حصل فيها حزب العدالة والتنمية على الرتبة الأولى، وضمن أن يصير أمينه العام رئيسا للحكومة، فانقسمت بسبب ذلك حركة 20 فبراير، إلى مؤيد للحكومة، وإلى معارض لها، معارضة جذرية. وسواء تعلق الأمر بمؤيدي حركة 20 فبراير، أو بالمعارضين لاستمراريتها، أو بمساندة حكومة عبد الإله بنكيران، أو المعارضين جذريا له، من خارج البرلمان، فإن حركة 20 فبراير، عرفت تراجعات متوالية، بسبب الفعل المخزني، الذي مارس اللعب على كل الأطراف، وعلى حركة 20 فبراير، في نفس الوقت، حتى يفرض دستورا ممنوحا، بصيغة مختلفة، وحتى يتوهم رئيس الحكومة، أن له سلطات معينة، وهو في الواقع لا يستطيع أن يمارس أي سلطة، إلا إذا كانت في مواجهة الشعب المغربي، وفي مصلحة السلطة المخزنية، والطبقة الحاكمة، وأصحاب امتيازات الريع المخزني، وغيرهم، ممن يدور في فلك الطبقة الحاكمة، وخدامها الأوفياء، ومنهم المنتمون إلى حزب العدالة والتنمية، الذي ادعى أمينه العام، أنه جاء لمحاربة الفساد، والفاسدين، فإذا به تحول إلى خادم وفي للفساد، والمفسدين؛ لأنه صار جزءا لا يتجزأ منهم. وكيفما كان الأمر، فإن تراجعات حركة 20 فبراير، تتمثل في: 1 التسلق الطبقي، الذي مارسه الأفراد، أو أغلبهم، على الأقل؛ لأن ممارسة التسلق الطبقي، تجعلهم يحققون تطلعاتهم الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما جعل حركة 20 فبراير، التي اعتبرت ذلك، مجرد ركوب لتحقيق التطلعات المذكورة، من منطلق ممارسة بورجوازية صغيرة، بئيسة، ومتخلفة، لا علاقة لها بالنضال، وبالوفاء فيه، حتى تحقيق مطالب حركة 20 فبراير، مهما كلف النضال، والوفاء من تضحيات، من أجل إثبات الوفاء للجماهير، ومن أجل الإخلاص في قيادتها، حتى تحقيق إسقاط الفساد، والاستبداد، وتحقيق مطالب حركة 20 فبراير، وعلى رأسها: إقرار دستور ديمقراطي شعبي، بملكية برلمانية، وبالفصل بين السلط. 2 الاستقطاب الفج لقيادات حركة 20 فبراير، إلى مختلف الإطارات، والتوجهات المساهمة في حركة 20 فبراير، وبدون توفير شروط الاستقطاب، مما أثر، ويؤثر سلبا، على كل الإطارات الملتحقة بحركة 20 فبراير، التي لا بد أن يحصل خلل في توازناتها على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد، بالإضافة إلى الاختلالات التي تلحق الممارسة اليومية لكل الأحزاب، والتوجهات، التي تغذت من حركة 20 فبراير، كما تلحق برامجها، وأهدافها، انطلاقا من برامج، وأهداف الملتحقين بها، من حركة 20 فبراير، التي لا علاقة لها بمطالب، وأهداف حركة 20 فبراير، حتى لا نسقط في القول: بأن حركة 20 فبراير، التي هي حركة الشعب المغربي، أثرت إيجابا، أو سلبا، على الأحزاب، والتوجهات الملتحقة بحركة 20 فبراير، بهدف الاستقطاب، لا بهدف تقويتها، والعمل على حمايتها؛ لأن التفاعل الإيجابي مع حركة 20 فبراير، لا يمكن له إلا أن يؤدي إلى تقوية حركة 20 فبرار، وتقوية الأحزاب، والتوجهات المخلصة للحركة، في نفس الوقت. 3 الاضطراب في طرح المطالب، التي تزايد على مطالب حركة 20 فبراير، والتي يقف وراء طرحها: إما اليمين المتطرف، أو اليسار المتطرف، مما يؤثر سلبا على الجماهير الشعبية الكادحة، التي تفاعلت، منذ البداية، مع حركة 20 فبراير، فدفع بها إلى الانسحاب تدريجيا، حتى تنحصر في المنتمين إلى مختلف التوجهات، والإطارات التي لا تتفق فيما بينها، لا على الأفكار، ولا على البرامج، و لا على المطالب، ولا على الأهداف. وهو ما يعني، في نهاية المطاف، نضج الشروط الموضوعية، للإنهاء الرسمي لحركة 20 فبراير، بعد الإنهاء العملي. 4 ترأس الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الحكومة الأولى، بعد الانتخابات البرلمانية، السابقة لأوانها، بعد المصادقة على دستور فاتح يوليوز 2011، مغذيا مختلف الأوهام، التي سادت شعاراتها خلال مسيرات حركة 20 فبراير، مما تبين معه: أن تلك الشعارات، آخذة في التبخر، مع مرور الأيام، حتى تحول حزب العدالة والتنمية، وترأسه للحكومة، بعد احتلاله الرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها، بعد إقرار دستور فاتح يوليوز 2011. ومما ألحق ضربة قاضية بحركة 20 فبراير، انسحاب توجه العدل والإحسان، بذريعة مبررات واهية، ودعما لحكومة عبد الإله بنكيران، الذي يعتبر أمينا عاما لحزب العدالة، والتنمية. 5 تراجع حكومة عبد الإله بنكيران، عن محاربة الفساد، والمفسدين، الذين لا يعتبرون إلا العفاريت، والتماسيح، التي نهبت، ولا زالت تنهب، ثروات الشعب المغربي. وهو ما يمكن أن يعتبر انتكاسة، وتعبيرا عن ممارسة الخيانة في حق الشعب المغربي، الذي ادعى البعض: أن الانتخابات التي دفعت بحزب العدالة والتنمية إلى الواجهة، كانت حرة، ونزيهة، وان اختيار الشعب لحزب بنكيران، أعطاه شرعية الحكم، باسم الشعب، في حدود الصلاحيات التي حددها دستور فاتح يوليوز 2011. 6 تأرجح بنكيران في الصفة، التي يعبر عنها، بصفته رئيسا للحكومة. فهو عندما يعتبر نفسه رئيسا للحكومة، بفضل حركة 20 فبراير، وبفضل التصويت المكثف على مرشحي حزب العدالة والتنمية، في الانتخابات السابقة لأوانها، في 2011، فإن حكومة عبد الإله بنكيران، حكومة شعبية. وبالتالي، فإن على بنكيران، أن يتحمل مسؤوليته، في الاستجابة إلى مطالب حركة 20 فبراير، باعتبارها مطالب شعبية، حتى يتخلص من الفساد، والمفسدين، وحتى يجعل الشعب المغربي يتمتع بحقوقه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. إلا أن الخطاب الذي يروجه بنكيران، ويروجه المنتمون إلى حزب بنكيران، يوحي بان حكومة عبد الإله بنكيران، هي حكومة إسلامية، وأنها تسير في اتجاه العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية، إلا أن اختصاصاته السلطوية، لا تسمح له بالسير في هذا الاتجاه، حتى لا يصطدم بالاختصاصات، التي يعطيها الدستور للملك، الذي لا زال يتحكم في السلطة التنفيذية، فإن حكومته تعتبر حكومة الملك، الذي يصادق عليها. وهو ما جعل بنكيران، لا يستطيع الحسم إلا في المسائل التي تهم تقديم الخدمات للمؤسسة المخزنية، وللطبقة الحاكمة، وللمتمتعين بامتيازات الريع المختلفة، ولكبار الموظفين، ومن قبلهم الوزراء، والأحزاب الرجعية، وحزب الدولة، وحزب رئيس الحكومة، والبرلمانيين، ورؤساء الجهات، والمدن، والجماعات، وغيرهم، ممن تصرف عليهم أموال الشعب، على يد حكومة بنكيران، ضدا على مصالح الشعب المغربي، الذي عليه ان يتحمل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وفي مقدمتها: الماء، والكهرباء، التي تعتبر وسيلة لإشعال الحرائق في كل المدن، والقرى، انطلاقا من طنجة، وكل مدن الشمال، وغيرها من المدن، التي تعرف ارتفاعا مهولا في اسعار الماء، والكهرباء. وسنكتفي بهذه الأسباب، التي وقفت وراء تراجعات حركة 20 فبراير، وهي كثيرة، ومتعددة، تعدد المدن، والقرى، وتعدد الجهات، والأقاليم، وتعدد التوجهات، التي وقفت وراء حركة 20 فبراير، وتعدد الأفراد، الذين ركبوا حركة 20 فبراير، من أجل تحقيق أهداف خاصة، مما أثر سلبا على حركة 20 فبراير، التي أخذ الأمل ينبعث من جديد، من أجل إحيائها، حتى تقوم بدورها، ولكن هذه المرة، بشكل نوعي، وسعيا إلى تحقيق مطالب حركة 20 فبراير الشعبية، بعيدا عن الحكومة، وعن حزب بنكيران، الذي تحول إلى حزب مخزني بامتياز.