لا تمر أسابيع قليلة ، بل أياما ، إلا و نسمع بخبر العثور على جثة مواطن ، يدبج الدركيون في محاضرهم عبارة ..."لأسباب مجهولة" ، كعجز مقصود عن رفع الحجاب عن الأسباب و الدوافع الرئيسية التي تدفع أبناء غمارة للانتحار أو لغير ذلك من أساليب هجر الحياة و الموت البطيئ . غمارة ، القبيلة التي قورنت على مر التاريخ ب"جغرافية قطر" ، و التي لم تعرف بغير العلم و التعلم و فيوضات الخيرات و انتشار الجوامع و انبثاق الرموز في العلم و المعرفة و التصوف و الجهاد و الفتوحات ، لا تكاد تعرف اليوم بغير ظواهر مشينة مقيتة ، كانتشار "عادة الارتشاء" ، و ظاهرة الإنتحار و شيوع الفواحش و المخدرات البيضاء و السوداء ، و البيع و الشراء في الذمم و قتل الهمم . هل من أسباب موضوعية إذن ، تدفع بالشباب إلى الالتحاق بصفوف ضحايا المخدرات القوية ، و هل من أسباب و دوافع تغري الشباب العاطل على ركوب حبال المشنقة طوعا و كرها ، و هل من أسباب تدفع بالمواطنين إلى العيش بأساليب الرشوة و "دهن السير يسير " و كأنهم عالة على المسؤولين أو و كأنهم قوم خلقوا بلا وطن ؟؟؟ إن ظاهرة الانتحار المحرمة شرعا و الممقوتة عرفا ، الآخذة في استيطان منطقة غمارة ، لا نجد لها من مبررات و أسباب و دوافع ، غير ما مورس و يمارس على المنطقة من سياسات تدبيرية سيئة للغاية ، جعلت و تجعل من الأهالي مجرد آلة تدر لصالح المسؤولين الدخل الوفير ، إما بدفعهم دفعا إلى بذر نبتة لا تغطي لهم و لو مصاريف العلاج و تعليم أبنائهم ، بل يتظح جليا أنها أي الحشيش لا تغني سوى المسؤولين من كل الأجهزة ، ليبقى المواطن يعاني ويلات حياته المعيشية . لمذا لا يقوم المسؤولون بالتفكير مليا في الظاهرة ، لوضع حدود فاصلة لها ، لماذا لا تعتبر غمارة منطقة مطلوبة ، إلا في الحملات الانتخابية ، لماذا يصر المسؤولون على وضع غمارة و أهلها في قائمة المطاردين و المتهمين و المواطنين ناقصي المواطنة ، أليس من الظلم الفضيع أن تظل غمارة كما هي على مستويات الحياة كلها ؟؟؟ الانتحار ظاهرة خطيرة ، تترجم بالضبط طبيعة و مستوى السياسات المنتهجة في المنطقة ، سواء من طرف المركز أو من طرف الإقليم أو من طرف الجهات المحلية .