من المؤكد أن فريق الاتحاد الرياضي لطنجة (فرع كرة القدم) يواجه حاليا أحلك الفترات التي مر منها منذ تأسيسه في مستهل الثمانينيات من القرن العشرين، ليس فقط على مستوى النتائج الكارثية التي "حصدها" في إحدى عشرة دورة من البطولة الراهنة، بل وأيضا وربما بقدر أكثر عمقا طولا وعرضا على مستوى التدبير الإداري الصبياني غير المسؤول. لقد فقد فارس البوغاز هيبته وصورته الاعتبارية وأضحى رمزا للهوان والضعف والخسران المبين، وفي اعتقادي الشخصي يعود سبب هذا الاندحار غير المسبوق لاتحاد طنجة إلى التسيير الإداري الهاوي المتخلف لمن تحمل مهمة التسيير الإداري للشؤون الرياضية للنادي،الذي أصبح بين أيديهم "فأرا" يجربون عليه كل ألاعيبهم ورغباتهم المريضة وجعلوه جسدا كسيحا لا يقوى على شيء. والواقع أن ما حدث فيما سمي بالجمع الاستثنائي العام بالأمس 11/1/2023 من فوضى عارمة واشتباكات غوغائية مرآة صافية تعكس بجلاء المستوى الدنيء "للمنخرطين" غير المنخرطين في الشعور بالمسؤولية، وتهرب ممثلي مدينة طنجة من البرلمانيين والمستشارين "المحترمين" ورجال "المال والأعمال" الذين كدسوا "أموالهم ومكاسبهم" بفضل أصوات سكان مدينة طنجة الطيبين. لقد كان من الممكن أن نسطر بعض الصفحات للتعبير عن موقفنا من الوضع غير المقبول لفارس البوغاز، لكننا فضلنا أن نعيد نشر ما سبق وأن سجلناه من ملاحظات حول الموضوع في مقالة سابقة منذ ثلاث سنوات، خاصة وأنه "ليس في الإمكان أحسن مما كان!" لقد عبرنا عن عدم رضانا في أكثر من مناسبة عن الطريقة (غير المهنية والبعيدة عن أي وعي رياضي راجح)، التي يدار بها فريق الاتحاد الرياضي لطنجة، لم يكن هدفنا ولن يكون إطلاقا التهجم على رئيس مكتب النادي ولا على أي عضو من أعضائه، أو التشويش على مسيرته الرياضية، التي نتمنى لها قبل أي كان نجاحا بلا حدود، لكن تقديرنا لهم لن يمنعنا بحال من الأحوال من التعبير عن انتقاداتنا و ملاحظاتنا المحايدة، والهادفة إلى المساهمة المتواضعة في خدمة مصالح الكرة المغربية والشمالية على وجه التحديد. وعليه، فإذا كان سكان مدينة طنجة قد ابتهجوا بصعود ناديهم إلى قسم الأضواء، وفرحوا بإحرازه على درع البطولة الوطنية، فإنهم يبدون الآن تذمرهم عن الوضع شبه الكارثي لفارس البوغاز، الذي يتخبط في أزمة خانقة من حيث النتائج والأداء. كيف يمكن أن يفهم المعني بالشأن الرياضي انهيار الصورة الاعتبارية لنادي بطل، ودخوله بسرعة قياسية إلى" جني النكسات"؟ كيف يدرك المتتبع للكرة الوطنية هذا الاندحار غير المنتظر، لفريق كان بالأمس القريب يساهم في رسم لوحات رياضية مشرفة، ويستقطب جماهير مساندة استثنائية أعادت المعنى للملاعب الرياضية المغربية؟ من وراء هذا التراجع غير "المفهوم"؟ وهل هناك من حل لإعادة قطاره إلى السكة الصحيحة قبل فوات الأوان؟ ما من شك في أن محبي كرة القدم المغربية داخل طنجة وخارجها، ينتظرون إيقاف نزيف الفريق الأزرق والأبيض لاعتبارات كثيرة أقلها، النهوض التنموي المفصلي للمدينة، وجمالية ملعب ابن بطوطة الكبير ورمزية الجماهير الطنجوية، التي تتمناها كل الأندية الوطنية بتعبير الإطار المغربي الكفء محمد فاخر. لكن الكرة في ملعب المكتب المسير الذي يتوجب عليه البحث عن الحلول الكفيلة بإخراج الاتحاد من النفق الذي وضعه فيه. إن تدبير المؤسسات والمشاريع والنوادي الرياضية أضحى فرعا ثقافيا بالغ الأهمية، يمتح أبجدياته من الثورة العلمية والاقتصادية.. وبالتالي فإن موضوع التسيير المعني بالأمر ينهض على مقومات التخطيط الاستراتيجي البعيد والمتوسط والقصير الأمد، وعلى رؤية راجحة تستقرئ الراهن والتحولات الممكنة، والحصافة والهدوء أثناء اتخاذ القرارات الهامة.. بيد أن جل هذه المميزات الجوهرية للتدبير العقلاني والعلمي شبه غائبة عند مسيري فارس البوغاز. يفترض في أي فريق كروي يسعى إلى التميز أن يدار بعقلية متميزة، تستهدف العناية القصوى بالتكوين الاحترافي والجاد لإغناء النادي بأبناء المدرسة، و توفير استقرار الطاقم التقني بشكل محكم، فلا مجال في الرياضة أن نستبدل المدربين مثلما نستبدل ملابسنا، والحفاظ على اللاعبين الفاعلين ولا نستبدلهم إلا بمن هم أفضل وأجدى، كما أن أهمية الانتدابات ( الصيفية و الشتوية ) ليست في عدد اللاعبين بل في كفاءتهم وتألقهم وقدرتهم على التأقلم مع مخططات المدرب، الذي يجب أن نمنحه الفرص الكافية للسير قدما بالمجموعة نحو الهدف المنشود، أما الجماهير الرياضية الذواقة لجمالية كرة القدم فهي مستعدة لتقبل الهزيمة، طالما ناديها يمتعها باللوحات الفنية البديعة على أرضية الملعب.