لقيت صباح اليوم الإثنين سيدتين حتفهما بمعبر باب سبتة، في أول حادث يسجل سنة 2018، بعد سلسلة من الحوادث والفواجع المماثلة التي شهدها المعبر السنة الماضية. ويسود غضب عارم وسط نشطاء الفايسبوك والفاعلين الحقوقيين على مستوى المنطقة، وذلك بسبب ارتفاع حالات الوفيات بالمعبر الذي أصبح يوصف بكونه من أسوء المعابر الحدودية -الوهمية- على مستوى العالم، حيث كان سببا في إزهاق أرواح العشرات من العاملين في التهريب سواء المعيشي أو لدى شبكات التهريب المنظم أغلبهم من النساء. ومع كل فاجعة، تبادر السلطات المغربية ونظيرتها الإسبانية بسبتةالمحتلة إلى إغلاق المعبر لعدة أيام وذلك لتفادي حالات الاحتقان والاحتجاج التي يشهدها عقب كوارث من هذا النوع، وهو الإجراء الذي ينظر إليه من طرف الفاعلين الحقوقيين والجمعويين كاعتراف ضمني بمسؤولية المغرب والجانب الإسباني عن حوادث التدافع بمعبر تاراخال نتيحة عدم اتخاذ تدابير عملية تحمي أمن وسلامة العاملين وخاصة النساء منهم. وكعادتها ستصدر السلطات المغربية بيانا تتحدث فيه عن فتح تحقيق في حادث وفاة السيدتين دون أن تظهر نتائجه سواء في القريب العاجل أو اللاحق أو المتأخر، ولن تسفر التحقيقات كمثيلاتها السابقة عن تحديد المسؤول عن هذه الكارثة. وتعليقا على الحادث المأساوي عبرت بشرى الزموري منسقة مشروع الحقوق الإنسانية والقانونية لفائدة النساء بجهة الشمال، في تصريح خصت به موقع شمال بوست عن حزنها العميق لما حصل ويحصل يوميا بالمعبر الحدودي باب سبتة وخاصة للنساء حاملات البضائع، معتبرة مقتل امرأتين هذا الصباح وصمة عار على جبين المسؤولين كافة. وأكدت المتحدثة، على أن الفاعلات والفاعلين الحقوقين بشمال المغرب يطالبون وباستمرار بضمان كافة الحقوق الإنسانية بالمعبر، ويشددون على أن وضعية النساء الحاملات للبضائع بعيدة كل البعد عن حق الكرامة والعيش الكريم التي نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وعلى مستوى الثغر المحتل، وقف أعضاء حزب “كاباياس” الذي يمثل مسلمي سبتةالمحتلة، اليوم الثلاثاء أمام مقر بلدية المدينة دقيقة صمت ترحما على الضحيتين اللتان سقطتا في الصباح الباكر بالمعبر، كما حمل في بيان له المسؤولية التامة للسلطات المغربية والإسبانية معا في الاستهتار بحياة النساء، حيث طالب بوقف هذا النزيف الذي أصبح لا يطاق. ويرى مطلعون على الوضع بمعبر باب سبتة، أن حالات التدافع والاختناق التي تجسل في صفوف النساء “الحمالات” لن تتوقف، رغم اتخاذ السلطات الإسبانية لتدابير من قبيل تخصيص أيام لفائدة النساء وأخرى للرجال، وذلك لتفادي حالات الازدحام الذي يعرفه معبر تاراخال. وحملت المصادر، أسباب ارتفاع حالات الوفيات في صفوف النساء “الحمالات” إلى شبكات التهريب المنظم، التي تعمل على استغلالهن أبشع استغلال في نقل البضائع من مخازن الثغر المحتل صوب الجانب المغربي تحت أنظار وحماية السلطات الأمنية المغربية بالمغرب، حيث يتقاضى بعض الأمنيون من رجال الجمارك عمولات ورشاوى مقابل التغاضي عن عمليات تهريب الرزم الثقيلة دون تفتيشها والتي تنكسر معها ظهور النساء الحمالات. وعزت المصادر، أسباب التدافع خاصة عند لحظة فتح معبر تاراخال إلى التسابق بين النساء من أجل الحصول على نصيبهن من رزم شبكات التهريب المنظم، وأن المتأخرات سيبقين بدون عمل وبالتالي لن يستطعن تحصيل لقمة العيش، حيث تتحمل شبكات التهريب المنظم مسؤولية الفوضى التي تحدث بالمعبر. وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة المحلية لسبتة، " يعقوب هاتشويل"، قد عزى في تصريح إعلامي السنة الماضية سبب عدم حل مشكل الازدحام إلى وجود "عصابات للتهريب المنظم التي تسعى إلى خلق الفوضى ومنع أي محاولة لتنظيم حركة العبور حتى تتمكن من التحكم في عمليات التهريب". وأضاف "هاتشويل"، أن جميع محاولات حل مشكل الازدحام والتدافع باءت بالفشل، وحتى اجراء توزيع البطائق على 4 الاف شخص فقط لعبور تراخال 2 باءت بالفشل بدورها حيث يقدم عدد من ممتهني التهريب على تداول هذه البطائق فيما بينهم. وحسب العديد من متابعي الوضع بالمعبر الحدودي فإن "مافيا التهريب المنظم" ليست في مصلحتها تنظيم حركة العبور وتقليص عدد ممتهني التهريب الذين يعبرون معبري تراخال من أجل تفادي الازدحام، إذ ذلك يؤدي إلى تقليص السلع المهربة التي يستفيدون من مداخيلها. يشار إلى أن أزيد من 30000 شخص يوميا ، تشكل النساء أزيد من النصف في ظروف، يعبرون صوب سبتةالمحتلة في وضعية حاطة بكرامة الإنسان، وضدا على مقتضيات كل المواثيق الدولية والقوانين الوطنية الهادفة إلى حماية حقوق الإنسان.