مع حلول "موسم الانتخابات" كما يحلو للبعض تسميته، وبينما تكون الأحزاب منشغلة في صياغة برامجها ونسج الخطط الميدانية لحملاتها الانتخابية في محاولة لكسب عدد كبير من الأصوات، تطفو على السطح "ظاهرة" تحيل على تناقض صارخ بين ما يتم تسطيره والتنصيص عليه في برامج مجموعة من الأحزاب وبين واقع يتم فيه استغلال الأطفال أبشع استغلال تحت مسميات عدة. وإذا كانت بعض الأحزاب (بمختلف المرجعيات تقدمية أو محافظة أو تلك التي تسمي نفسها إسلامية ) قد تبنت منذ بداية حملاتها الانتخابية مبدأ ابعاد هاته الفئة العمرية عن دائرة "الصراع" خلال مسلسل البحث عن المقاعد البرلمانية ، فهناك أحزاب أخرى اختارت منطقا آخر يضرب في العمق أسس برامجها الانتخابية ويتعارض في جوهره مع ما تنص عليه المواثيق الدولية التي جرمت مسالة استغلال الأطفال مهما كانت الاعتبارات والظروف . وفي سياق متصل انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع الحملات الانتخابية للسابع من اكتوبر المقبل صور وأشرطة فيديو توثق لحشود غفيرة من الأطفال دون السن القانونية -بل هناك فئات لايتجاوز عمرها العشر سنوات – تعمل على توزيع المنشورات وترديد الشعارات والسير على الأقدام مسافات طويلة دون مراعات لاحتياجات هاته الفئة العمرية ولا لبنيتها "الفيزيولوجية " التي لايمكن أن تتحمل وعورة بعض التضاريس وقساوة الظروف الطبيعية في ظل سياسة "الآذان الصماء" التي تتبناها عديد المنظمات الحقوقية التي مافتئت تتغنى بدفاعها عن حقوق الطفل ، حيث تكون في أغلبها مناسباتية وذات طابع "براغماتي" . المعضلة اليوم لايمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال مهما كانت المبررات ومهما تعددت المسببات قد نبرر "الظاهرة " بالحاجة والعوز وقد نضفي عليها طابع العفوية لكن وأن يتزامن الاستغلال وبداية الموسم الدراسي هنا ينبغي أن نقوم بوقفة تأمل للتأثريات السلبية الناتجة عن توظيف هاته الفئة في الحملات الانتخابية ، كما يجب مساءلة دور القانون وآليات الردع التي من المفروض أن يتم تنزيلها بالحرف دون محاباة أو در الرماد في الأعين.