هل صار «طوق القانون» أكثر ضيقا على «سياسيي» المناسبات الانتخابية؟ إنه سؤال يتبادر إلى ذهن «المنصت» لنبضات المجتمع بإيقاعاتها المتباينة، وهو يتأمل غايات بعض توصيات النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات المتضمنة في تقريره المعلن عنه صباح الثلاثاء الماضي 29 مارس 2016 بالرباط، حول ملاحظة انتخابات أعضاء الجماعات الترابية لسنة 2015 ، والتي دعت إحداها إلى « تجريم استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية واعتباره مخالفة انتخابية». وبرر أصحاب التقرير توصيتهم هذه بما «لوحظ من استغلال مكثف للأطفال من قبل بعض الأحزاب السياسية خلال حملاتها الانتخابية الخاصة باستحقاق 4 شتنبر 2015»، وهو السلوك الذي كان قد خلّف انتقادات واسعة من قبل الجمعيات المنافحة عن حقوق الطفل وحمايته من كل ما من شأنه إلحاق الأذى ببراءته، الموصى بحفظها سماويا ووضعيا. مرجعية طرح السؤال أعلاه، تتجسد في كون العديد من «سياسيي» الدقائق الأخيرة لأي استحقاق انتخابي، اعتادوا - بل منهم من توارث هذا الصنف من المسلكيات أبا عن جد - على تأثيث « دكاكينهم الحزبية « و فرق حملاتهم «الموسمية بالفئات العمرية الناشئة من الجنسين، في أفق تسجيل الفيديوهات وبثها عبر «اليوتوب»، قصد تسويقها إلكترونيا باعتبار «أصحابها» من ذوي «القواعد الشعبية»، في هذه المنطقة أو تلك، داخل هذا التجمع السكاني أو ذاك، وذلك حتى لا يصنف «فوز» أحدهم، سواء بمقعد جماعي أو برلماني، ضمن «المفاجآت» التي تسقط حسابات «أكبر» محللي الخرائط السياسية، الذين تبنى «قراءاتهم» على مؤشرات متعارف عليها داخل «البلدان الديمقراطية»! «سياسيون» لا يتورعون في تحويل تزامن استحقاق موعد انتخابي مع الدخول المدرسي إلى « همزة» تجعل من الوضع الاجتماعي الهش لآلاف الأسر، موضوع مزايدات لا أخلاقية قوامها الأساسي: «امنحوني أصواتكم أعفيكم من المصاريف الخاصة بمتطلبات استقبال موسم دراسي جديد بالنسبة لأبنائكم وبناتكم». وقبل ذلك لا بد من حضور الصغار في الجولات الماراطونية المنظمة عبر مختلف «الدروب» والدواوير المتربة ، وتكليف العديد منهم بمهام طرق أبواب المساكن طيلة ساعات اليوم، وتوزيع المنشورات إلى حدود منتصف ليلة يوم الاقتراع - إسألوا عمال النظافة عن مخلفات الحملة في اليوم الموالي!-، دون اكتراث بما يلحق أجسادهم الفتية من إنهاك متعدد الأوجه تظهر آثاره المدمرة على المديين القريب والبعيد . حقيقة تكفي العودة إلى التسجيلات المؤرخة لمواعيد انتخابية سالفة، للوقوف على عناوينها المؤلمة ، والتي تتوحد فيها جغرافية العالم القروي وأحياء مدن عديدة ، سواء الواقعة بقلب مركزها أو في ضواحيها . هي، إذن، صرخة «مواطناتية» - إن صح هذا الوصف - جديدة تنضاف لصرخات - نداءات «حقوقية» سبق أن أطلقتها العديد من الجمعيات عقب استفحال مظاهر «تسخير» الطفولة واستغلالها الفاضح من طرف مرشحين «استثنائيين» لا مكان في أجنداتهم أو قاموسهم اللغوي لمفهوم «السياسة» ك «تكوين « للفرد» و«تأطير للجماعة» من أجل «خدمة المصلحة العامة» ، والذي يستدعي مسارا ذا محطات ومراحل تشرف عليه أحزاب حقيقية - حددت وظيفتها بدقة الوثيقة الدستورية - من خلال تواجد ميداني متواصل، تترجمه برامج ثرية ، تنظيرا وفكرا وممارسة، تلامس كافة القضايا التي تهم مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية، شبابا، نساء ورجالا، تحتضنها مقرات علنية معروفة عناوينها، لا «كراجات» - تستغل تجاريا قبيل حلول عيد الأضحى! - يتم كراؤها كلما اقترب تاريخ دعوة «الراشدين» من الجنسين، إلى التوجه نحو صناديق الاقتراع، لتتحول ، في زمن قياسي ، على لسان بعض مقدمي نشرات الأخبار ، في هذه القناة التلفزية أو تلك الإذاعة - خاصة كانت أو عمومية - إلى «مقرات حزبية» تحتضن نشاط «أحزاب» يخال المرء عند سماع أسمائها «مناسباتيا»، أن الأمر يخص بلدا آخر تحت سماء مغايرة ! إنها توصية - من بين أخرى - يكشف عن مضامينها في سياق يتسم بارتفاع أصوات العديد من المنشغلين ب «صحة الجسم السياسي العام»، تعلق الأمر بهيئات حزبية جادة، أو بدراسات ذات مصداقية علمية، تدعو إلى استعجالية القطع مع العديد من «العلل» التي تحول دون وضع «قطار» التنافس الديمقراطي على السكة الصحيحة، يأمل المرء ألا تبقى أصداؤها حبيسة القاعة التي احتضنت الإعلان عنها، وقراءة سطورها بما تستحق من «جدية» تجعل الطفولة في منأى عن أي «استغلال» كيفما كانت تمظهراته.