"هل تقبل ممارسة الجنس مع عربي"؟ قراءة هذه الجملة على الملصق الترويجي للفيلم في أروقة المترو الباريسي قد تبدو استفزازية للوهلة الأولى، ولكن هذا السؤال في الواقع هو ما حاولت المخرجة الفرنسية "يولاند زوبرمان" الإجابة عنه في فيلمها عبر استجوابها طيلة شتاء 2011 لشبان يهود وعرب في مدينة تل أبيب، والذي يحاول سبر أغوار اللذة "الممنوعة" بين اليهود وعرب 1948 في إسرائيل.
هنا مقابلة مع مخرجة الفيلم وصديقها سليم نسيب عشية خروج الفيلم إلى الصالات الفرنسية.
الأجوبة سجلتها المخرجة بكاميرا رقمية صغيرة لتقدم وثائقيا عن صراع يبدو أن لا حل له، فالفيلم يرسم صورتين لجماعتين تتعايشان جنبا إلى جنب مع حد أدنى من الاختلاط بين أفرادهما.
وحتى قبل خروجه رسميا إلى صالات العرض في 12 سبتمبر الجاري أثار الفيلم لغطا وضجة، فالخميس الفائت قذفت مجموعة تنتمي لجمعية يهودية يمينية بالبيض واجهة معهد العالم العربي في باريس الذي نظم العرض الأول للفيلم. وحين تساءل الصحافي بيار حسكي عبر "تويتر" عن سبب هذا الاعتداء جاءه الجواب من الجمعية اليهودية المعتدية "لأننا لا ننام مع أعدائنا".
ولكن فيلم "هل تقبل ممارسة الجنس مع عربي" يقدم إجابة مغايرة. هنا مقابلة مع مخرجة الفيلم وصديقها سليم نسيب
- كيف ولدت فكرة الفيلم؟
زوبرمان: كنا، سليم وأنا، منكبين على كتابة سيناريو فيلمي المقبل "العاشق الفلسطيني" الذي يروي علاقة غرام مفترضة بين غولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية بين 1969/1974، وثري لبناني-فلسطيني حين اكتشفنا هذا الخلل في الرغبة، فبالنسبة له هذا الغرام يدخل في حيز "الممنوع" وبالنسبة لها يدخل في حيز "المستحيل".
نسيب: من الرائج أن تمنع جماعة أفرادها من معاشرة جنسية مع أفراد من جماعة أخرى. هذه قصة روميو وجوليت. ولكننا هنا أمام ممنوع إضافي، مائير كانت في 29 من العمر حين التقت بهذا الشاب الارستقراطي اللبناني-الفلسطيني وكانت مائير من المشاركين بتأسيس الدولة العبرية. حدث يحمل نوعا من الخطورة.
زوبرمان: لقد أردت دخول نوع من "المستحيل" مع هذا السؤال الذي طرحناه في الاتجاهين. فأنا منذ سنوات طويلة مهتمة بأحوال مليون ونصف المليون عربي-إسرائيلي، غير معترف بهم. وفي كل مرة أتطرق إلى موضوعهم ينظر إليّ وكأنني اخترع قضية أو اتهم بالمبالغة. مع هذا السؤال "هل تقبل ممارسة الجنس مع عربي" عثرت على مدخل لتناول وجود عرب 1948 ولإخراجهم إلى العلن.
- كيف كان تقبل الأشخاص لهذا السؤال؟
زوبرمان: البعض صدمهم السؤال ولكننا لم نسجل أي ردود عنيفة
نسيب: البعض تفاجأ، لم يتوقعوا أن يطرح عليهم هكذا سؤال. بعد ذلك حاولوا التركيز بحثا عن جواب
زوبرمان: دائما ما يتم تناول الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بلغة خشبية. ولكنني منذ وقت طويل مقتنعة بضرورة وجود محلل نفسي كبير لمعالجة هذه المشكلة. ومن الصعب هنا التحدث بالسياسة حين تطرح سؤالا له علاقة بالجنس، الناس لن يجيبوك بلغة خشبية. البعض استغرب مشاعره في لحظة الإجابة، هذا السؤال "هل تقبل ممارسة الجنس مع عربي"؟ يملك شيئا "يحرر" كونه يقول إن الجميع متواجدون على خريطة الرغبة.
تجيب بنعم أو بلا، عربيا كنت أو يهوديا كلنا معا على خريطة الرغبة. ميزة هذا الفيلم أنه خفض قليلا من حدة الغضب والحساسية.
- ألا تخشيان من ردة فعل الجمهور؟
نسيب: أول 8 دقائق من الفيلم عرضناها في رام الله، الجميع كانوا سعداء يضحكون. في الحالات الطبيعية لا نتحدث عنهم إلا في مواضيع الحرب، البؤس، العنصرية... هنا صاروا أشخاصا بوسعهم إثارة الرغبات ينظر إليهم كمشاريع لأدوات الرغبة.
زوبرمان: لقد تم عرض الفيلم في مستوطنة، لم يتوقف الناس بعد العرض عن طرح السؤال حولهم. في الواقع هذا السؤال معدي.
نسيب: في مهرجان البندقية حيث عرض الفيلم قال لي صحافي تركي إنه فكر باليونانيين. باكستاني تحدث عن الهنود. كل يجير السؤال حسب مشاغله ومخاوفه.
زوبرمان: الكل لديه عدو. عدو من جنسية مختلفة من طبقة اجتماعية أخرى من ديانة. الجيد في هذا السؤال هو أنه سؤال "بريء".
- الفيلم يعكس أيضا صخب الحياة الليلية في تل أبيب؟
زوبرمان: من الواضح أن الناس يجيبون بسهولة أكبر على هذا السؤال في الليل. بوسعنا طرحه صباحا ولكن الجواب لن يكون بنفس القوة. "هل تقبل ممارسة الجنس مع عربي"؟ يكشف عالم الليل، العربي والإسرائيلي. لقد صورنا الفيلم خلال الثورة المصرية وهنا كانوا يقولون لنا أنهم يعدون منذ سنوات لثورة جنسية. في الحقيقة لا تهمني أراء الناس. أريد فقط أن اكشف ما يعد وما يحضر. مع هذا الوثائقي أريد أن أزيح الستار عن أشخاص يفتحون دروبا نحو السلام.
- هل تعتقدان أن الرغبة والجنس بوسعهما حل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي؟
نسيب: في بداية الفيلم تقول فتاة يهودية في معرض سردها لتجربتها مع رجل عربي إنها شعرت وكأنها "تعقد الصلح مع شعب كامل". ولكنها تضيف أن الفعل بحد ذاته كان الأقل إثارة في حياتها. في الواقع الفيلم لا يقترح الحلول. ولم نقل ولا مرة "مارسوا الجنس وليس الحرب والمشكلة تنحل". الفيلم ليس بهذه السذاجة هو عبارة عن سلسلة من الأجوبة الشخصية لبشر يتحدثون عن تجاربهم ورغباتهم... لنكتشف أنهم يتشاركون ببعض الأشياء فيما بينهم.