غموض حول مصير بلد وصلت فيه الدولة لم يسبق لها أن بلغت فيه الدولة إلى المستوى المقلق من التدهور اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الاثنين، بتفاقم التوتر بين أجنحة السلطة، حيث سجلت صحيفة "ليبيرتي" أن النظام المصاب بالشيخوخة فقد القدرة على الإلهام وعلى التفكير ليقع في منطق إلحاق الأذى.
وتساءلت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "تدبير من قبل مجهول" كيف يمكن تفسير أن مصير البلد بأكمله معلق على "مكالمة من مجهول"، معتبرة أن بلوغ هذه المرحلة كان متوقعا منذ صدور البيانات الرسمية، مرورا بإعفاء الوزراء دون علمهم، وتعيين آخرين.
واعتبر كاتب الافتتاحية أن ذلك يدل بالفعل على الافتقار للصرامة والجدية، مشيرا إلى أنه ليس هناك "أي مؤسسة تحيد عن هذه الفوضى كما أن الدولة لم يسبق لها أن بلغت هذا المستوى المقلق من التدهور."
وأشارت إلى أن هناك من يأسف لغياب الغرفة السوداء التي كانت تقوم بتدبير سياسة البلاد في مختبراتها، مضيفة أن "النظام بات في حالة خراب، فيما أصبحت مؤسساته متداعية مع اقتصاد في تراجع على خلفية ظواهر وآفات تنخره إلى قمته".
وتعتبر الصحيفة أن اقتراب سنة 2019 وغياب توافق داخل النظام قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الأجنحة الحاكمة وهو ما يفتح المجال أمام كل التنبؤات غير المتوقعة.
ولاحظت صحيفة "لكسبريسيون" من جهتها، أن بيت جبهة التحرير الوطني دخل في متاهة خاصة وأن الأمين العام للجبهة جمال ولد عباس أصدر بيانا ينفي فيه كل ما تم الإعلان عنه حول "استقالته" لأسباب صحية.
وتحت عنوان "مفاتيح اللغز"، كتبت الصحيفة أن ولد عباس تقدم بصفته أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني، ليفند خبر تقديمه لاستقالته وينفي ما نسب إليه من أقوال، مشيرا إلى أنه لم يدل بأي تصريح لوسائل الإعلام، وأن الأمر يتعلق "بشائعات".
وأضافت الصحيفة أن ولد عباس وجد مساندة من قبل زعيم الكتلة البرلمانية لجبهة التحرير الوطني في المجلس الشعبي الوطني، محمد بوعبد الله الذي أكد أيضا أمس، في مقر الحزب أن "الأمين العام لم ينسحب أو يقدم استقالته"، مبديا استغرابه لكون وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أوردت خبرا يفيد باستقالة ولد عباس استنادا إلى "مصدر رسمي".
وأضافت أن الإعلان عن استقالة ولد عباس من منصبه كأمين عام لحزب جبهة التحرير الوطني تسبب في عدم فهم واضطراب في قمة هرم الحزب.
ولاحظت صحف أخرى أنه منذ الإعلان عن إبعاد جمال ولد عباس من قيادة جبهة التحرير الوطني، قبل أربعة أيام، يشهد الرأي العام أجواء متضاربة.
ولاحظت الصحف أنه في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الأنباء الرسمية عن استقالة الأمين العام للجبهة، يواصل الرجل النفي، مشيرة إلى أن المراقبين فسروا موقف محمد بوعبد الله وجمال ولد عباس بأنه تحدي لأولئك الذين عينوا معاذ بوشارب على رأس الحزب.
وأشارت الصحف إلى أن المعارضة لا تخفي مخاوفها من سيناريو الأسوأ كما تشهد على ذلك الفضائح التي تورط فيها مسؤولون وضباط سامون، وي نظر إليها على أنها امتداد لحرب الخلافة الجارية من وراء الكواليس.
وقالت صحيفة "ألجيري باتريوتيك" أن الفوضى الناجمة عن الإعلان عن استقالة جمال ولد عباس تزداد تعقيدا إلى درجة تجعل تطورات الوضع غير واضحة داخل الحزب الوحيد سابقا.
فبعد تصريحه يوم الجمعة على قناة "البلاد تي في" والذي نفى فيه أن يكون قد استقال من منصبه كأمين عام لجبهة التحرير الوطني، جاء الدور على أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب وهو أحمد بومهدي، ليؤكد أن جمال ولد عباس مازال في منصبه وأنه "يواصل قيادة الحزب من بيته" بحسب الصحيفة.