أحال وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية بسلا، على ذات المحكمة اليوم الثلاثاء، في حالة اعتقال سائق القطار المكوكي الرابط بين الرباط والقنيطرة الذي انحرف على مستوى بوقنادل، الأمر الذي تسبب في وفاة سبعة أشخاص من بين ركاب القطار وإصابة 125 آخرين بجروح.. جاء ذلك، حسب بلاغ لوكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية بسلا، بعد أن تبن أن السرعة المفرطة للقطار والتي بلغت 158 كلم في مكان الحادث الذي تم تحديد السرعة الأقصى به في 60 كلم، هي المسؤولة عن حادث الإنحراف، وهو ما استندت عليه النيابة العامة لتوجيه تهم القتل والجرح الخطأ لسائق القطار، وهي الجنح المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين 432 و 433 من القانون الجنائي.
وبالرجوع إلى الفصل 432 من القانون الجنائي المغربي، نجده يحدد جريمة القتل الخطأ، التي تعتبر جريمة غير عمدية قوامها الخطأ الجنائي، بحيث نص الفصل المذكور على أن "من ارتكب بعدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته النظم والقوانين قتلا غير عمدي أو تسبب فيه عن غير قصد يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من250 إلى 1000 درهم ".
وبناء على مقتضيات هذا الفصل فإن سائق القطار إرتكب جريمة قتل غير عمدي، وكما تدل عليه تسميته فهو فعل يرتكبه الجاني بغير أن يقصد الموت، ولكنه يكون في وسعه تجنبه إذا تصرف باحتياط وحذر، فالفرق بينه وبين القتل العمد ينحصر في أن القاتل عمدا يستخدم إرادته في إحداث الوفاة أما القاتل خطأ فينعدم عنده القصد الجنائي أي الركن المعنوي بحيث نكون أمام خطأ جنائي.
وقد عدد الفصل 432 صور الخطأ التي تقوم عليها المسؤولية الجنائية عن القتل الخطأ، ومقدار الخطأ هنا لا أثر له في تقرير المسؤولية حيث يكفي ثبوت الخطأ في أي صورة من الصور(عدم التبصر، أو عدم الاحتياط أو عدم الانتباه، أو الإهمال، أو عدم مراعاة النظم والقوانين)، لكي تقوم مسؤولية الجاني مادامت العلاقة السببية بين الخطأ والنتيجة متوافرة .
وتعتبر جريمة القتل الخطأ من الجرائم المادية لا الشكلية حيث تمثل النتيجة الإجرامية ورابطة السببية أهمية كبيرة في البناء القانوني للجريمة، فما لم تحدث الوفاة فلا قيام للمسؤولية الجنائية عن القتل غير العمدي، إذ لا تتصور المحاولة في نطاق هذه الجريمة، وإن كان ذلك لا يحول دون قيام مسؤولية الفاعل عن جريمة الإصابة الخطأ إذا توافرت عناصرها(الفصل 433 من ق ج م)، وهو ما يسري على سائق القطار في هذه الحالة حيث ذكر بلاغ وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية بسلا، أن المتهم سيتابع طبقا لمقتضيات الفصلين 432 و 433 من القانون الجنائي..
وينص الفصل 433 على أن "من تسبب بعدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته النظم أو القوانين، في جرح غير عمدي أو إصابة أو مرض، نتج عنه عجز عن الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين، وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين."