انتقل إلى جوار ربه مساء أمس الفنان الكبير محمد المزكلدي بعد صراع مرير مع المرض عن سن يناهز 86 سنة، وذلك بقسم الإنعاش التابع للمستشفى العسكري بالرباط. و أكدت زوجة الراحل أن هذا الأخير منذ عدة أشهر تدهورت حالته الصحية، ولم يعد يقوى على الكلام ولا الحركة، ليدخل إلى إحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء، قبل أن يحظى بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وينقل إلى المستشفى العسكري بالرباط بقسم الإنعاش، مضيفة أنه فقد القدرة على الكلام، ودخل في غيبوبة، متأثرا بانسداد شرايين القلب، واختناق حاد على مستوى الصدر.
وبدأ محمد المزكلدي مشواره الفني خلال فترة الخمسينات، و يعتبر من الجيل الأول الذي رسخ أسس الأغنية المغربية العصرية وأسس صرحها، وكان يتميز بعين ثاقبة في رؤية الأشياء، يختار الكلمات والألحان الجيدة، سميع ومتذوق لأعذب الجمل الموسيقية، له مؤهلات خارقة في حفظ الأشعار والنصوص الزجلية.ولد سنة 1932 بالعاصمة العلمية فاس، تربى وسط عائلة مولوعة حتى النخاع بالفن والموسيقى، وترعرع كالفراشة بين زهور المقامات الموسيقية.
وبما أنه عاش في مدينة اسمها فاس، تعرف على عدد كبير من الأعلام في ميدان الثقافة والموسيقى ، من نوع عبد الرحيم السقاط، أحمد الشجعي الذي كان وقتها يتحمل مسؤولية رئاسة جوق"الشعاع". وبعد فترة الإنخراط داخل هذا الجوق الموسيقي، التحق بالجوق العصري التابع للإذاعة الوطنية، بعد تأسيسه من طرف الراحل أحمد البيضاوي، ويصير مطربا به إلى جانب الفنان المعطي بنقاسم.
وعاش محمد المزكلدي فترة بالقاهرة رفقة عبد الرحيم السقاط واسماعيل أحمد، وهناك بمصر استطاع الإنصهار بسرعة داخل الساحة الفنية، حيث التقى مع كبار المطربين هناك وشارك في العديد من السهرات الموسيقية.
وكان أهمها برنامج "أضواء المدينة" الذي كان يذاع على أثير إذاعة مصر،رافق خلالها فرقة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، واستعان بأغاني مغربية من كلمات الطيب لعلج،الذي كان يمده بالنصوص الشعرية من المغرب، بالإضافة إلى عبد السلام البقالي وخالد مشبال اللذين كانا متواجدين بالقاهرة حينها.
ومن مصر انتقل محمد المزكلدي إلى سوريا، لبنان، وسجل العديد من الأغاني ،ثم عاد إلى المغرب سنة 1960 بلقب سفير الأغنية المغربية بالمشرق العربي.