علي مسعاد حفل التوقيع، الذي احتضنه مسرح محمد الخامس، بالرباط، في الأيام القليلة الماضية، للكاتب والمؤلف محمد قاوتي، صاحب الأعمال المسرحية " سيدنا قدر"، "الرينك"، "نومانس لاند"، "القفة"، "العادة"، "القرامطة يتمرنون"، "الحلاج يصلب مرتين"، "اندحار الأوثان"، "حب وتبن"، أعاد بذاكرتي إلى سنوات خلت، حيث كان للمسرح دوره الطلائعي و التنويري، قبل أن يلتف حوله المهرولون وراء الدعم الوزاري، و الدخلاء والطفيليون، على الميدان، فيختلط الحابل والنابل ويسحب التلفزيون والسينما، أغلب رواده، ليغير الجمهور المسرحي وجهته إلى الشاشة الصغيرة فالكبيرة بأبعادها الثلاثة. الظاهرة التي تبدو جلية للعيان، بالمركب الثقافي حسن الصقلي، حيث بالكاد تجد جمهورا متتبعا للعروض المسرحية، التي تعرض بين الفينة والأخرى، أما دور الشباب فهي خاوية على عروشها، يبكي روادها على الماضي الذي لن يعود، كل هذا يحدث في حي سيدي البرنوصي، حيث كانت جمعية "السلام البرنوصي" من الجمعيات الرائدة في مسرح الهواة في المغرب، فما بالك بأحياء لم تعرف جمعياتها التألق الذي عرفته جمعية "السلام" باعتراف الجميع سواء من خلال الملتقيات والمهرجانات التي كانت تقام، بين الحين والآخر أو من خلال الصحافة التي كانت تتابع مسار هذه الجمعية، التي فرقت الأيام أعضائها، بين المغرب وخارجه. حي سيدي البرنوصي، الذي عرف تألقا مسرحيا في الزمن الماضي، يعيش فقرا على مستوى الإبداع، إن على مستوى الأنشطة الإشعاعية الكبرى كالمهرجانات أو الملتقيات الإبداعية والفنية، في الوقت الذي أصبحت لنا أكثر من دار شباب على مستوى مقاطعات سيدي البرنوصي و لدينا مركب ثقافي مجهز بأحدث التقنيات السمعية البصرية ولدينا العديد من الجمعيات التي استفادت من أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و المجلس الجماعي و مجلس المدينة، لكن الفراغ هو سيد الموقف. فعلى الرغم من وجود لجنة للثقافة بالمجلس الجماعي بسيدي البرنوصي و كل هذه الإمكانيات الهائلة، نجد الساحة الفنية والثقافية بتراب العمالة، تفتقر إلى أنشطة ذات قيمة، تعيد لحي البرنوصي، تألقه تماما كما كان في الماضي. و إلا ما معنى كل هذا الكم الهائل من الجمعيات و المراكز التكوينية و البناية الضخمة للمركب الثقافي حسن الصقلي، وكل هذه الأموال التي تذهب إلى جيوب رؤساء الجمعيات، إذا كان شباب الحي يعاني من الفراغ وقلة الأنشطة وغياب حركية إبداعية فنية، ليجد نفسه فريسة الشارع و القرقوبي والمخدرات ومقاهي الشيشة، لتحتضنه وتملأ جل أوقاته. وضحية الوعود الكاذبة لمنتخبين كل همهم هو الحصول على أصوات تقربهم من الوصول إلى قبة البرلمان أو على كرسي بمجلس المقاطعة أو الجهة أو المدينة أو الغرفة. فإلى متى ستظل فعاليات المجتمع المدني بتراب عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، فريسة الهرولة وراء أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية متناسية الدور الذي من أجله وجدت، في تأطير وتكوين و تحسيس جيل الغد أم أن دورها يبدأ وينتهي عند الحصول على نصيبها من الكعكة؟ا