جلالة الملك يترأس جلسة عمل بشأن مراجعة مدونة الأسرة    المغرب يستعد لإطلاق خدمة الجيل الخامس من الانترنت    حملة اعتقال نشطاء "مانيش راضي" تؤكد رعب الكابرانات من التغيير    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    إسبانيا.. الإطاحة بشبكة متخصصة في تهريب الهواتف المسروقة إلى المغرب    بقيادة جلالة الملك.. تجديد المدونة لحماية الأسرة المغربية وتعزيز تماسك المجتمع    فرنسا تحتفظ بوزيري الخارجية والجيوش    العراق يجدد دعم مغربية الصحراء .. وبوريطة: "قمة بغداد" مرحلة مهمة    إدانة رئيس مجلس عمالة طنجة بالحبس    إرجاء محاكمة البرلماني السيمو ومن معه    "بوحمرون" يستنفر المدارس بتطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء            الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    أخبار الساحة    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حركة 20 فبراير؟ قراءة هادئة
نشر في شعب بريس يوم 10 - 10 - 2011


حركة 20 فبراير؟
قراءة هادئة

هشام عابد*
كيف تشكلت هذه الحركة؟ وما هي ظروف ظهورها على الساحة المغربية؟ ومن هم روادها الأوائل؟ وما هي الإكراهات التي لاقتها من طرف المخزن؟ وهل هي حركة منسجمة أم خليط غير متجانس؟ هل لها مطالب واضحة؟ وما الثغرات التي تعاني منها الحركة؟ ما الإضافة التي بصمتها الحركة داخل الحراك النضالي والاجتماعي الذي عرفه تاريخ المغرب المعاصر؟ وما طبيعة الشعارات، بل أهم الشعارات التي رفعتها الحركة؟ وهل يمثل شباب فبراير الشعب المغربي أم يمثلون شباب جيل 20 فبراير؟
العديد من هذه الأسئلة وغيرها تم تداوله وتحليله ومحاولة الإجابة عنه في العديد من المقالات والتغطيات والتقارير المواكبة لهذه الحركة منذ ظهورها منذ 20 من فبراير من السنة الجارية.
الأمر الذي سيجعلنا نركز على نقاط عامة مجملة تقرأ هذه الحركة في خطوطها العامة.

ظروف التنزيل؟
فبخصوص ظروف التنزيل وحيثيات الظهور على الساحة المغربية؛ فالحركة جاءت في سياق ظروف عرفها العالم العربي... فلم تكن ظاهرة مغربية خالصة مكتفية بذاتها بل كان لها حافز ومحرك خارجي، الأمر الذي تختلف فيه مع انتفاضات سابقة مثل انتفاضة صفرو وانتفاضة سيدي إيفني وغيرهما... الأمر الذي سيطرح على الحركة مستقبلا تحديا حقيقيا للبرهنة على أصالتها وتجدرها مع مطالب الشعب المغربي وهل ستستطيع مواصلة قوتها في الفضح والوقوف في وجه الحكومة والنظام وتحديه ومراقبته ومحاسبته والوقوف في وجه الفساد والمفسدين و تبني معارك الشعب مع النظام الفاسد...

كتلة غير متجانسة؟
وهي كتلة غير منسجمة؛ بدليل انعدام القيادة والناطق الرسمي لحد الآن، والانشقاقات المدوية بين الفينة والأخرى، والاتهامات المتواصلة بين الأطراف. وكان اختفاء المدون "بن جبلي" تطرح أكثر من سؤال عميق على الحركة والتي نريدها أن تجيب عن هذا السؤال البنيوي والأساسي. وقبله انسحاب المدعو "رشيد سبيريت زاطا" الذي كنا أصبحنا نراه انتقل إلى خطابات من فنادق خمس نجوم ضد الحركة. الأمر الذي يجعلنا نطرح سؤالا من قبيل؛ هل الحركة مخترقة من طرف قوى النظام؟
والحركة في جوهرها التكويني هي خليط من كل الأطياف حيث تجمع بين الجناح الديني المتطرف (العدل والإحسان) وأقصى اليسار (النهج الديمقراطي)، وعناصر من الشعب المغربي الساخط على ظروف معيشته المزرية.
ويظهر هذا الأمر في تقاطعهم في الكثير من المطالب والبرامج والتوجهات النضالية، وحتى في عدم ضبط الشعارات وتركيزها في مختلف المدن على عناصر وأهداف موحدة مشتركة بل ترك الأمر للاجتهادات المحلية والإيديولوجية والفكرية...
كما يظهر عدم التجانس أيضا من خلال الصراعات الداخلية التي عرفتها الحركة منذ تأسيسها. والمشاكل التي واكبتها والمتمثلة في ركوب بعض الهيئات والجمعيات عليها حيث وجدت في الحركة فرصة لخروجها إلى الشارع(حركة "باركا" نموذجا)، نعم الحركة تعاني من اختلالات رافقتها منذ بدايتها باستقالة البعض منهم، ولم تستطع كما أوضحت أن تضمن للشعب المغربي استقلاليتها الحقيقية، ويظهر ذلك جليا من خلال محاولة ركوب شباب مسيّس ومحزّب على الحركة وعدم الاكتفاء بالتأطير والهيكلة والتوجيه.. وهذا ما يدلل على أنه بالمغرب مازالت العقلية متخلفة ومحدودة وانتهازية أكثر منها وطنية ومنفتحة ومتقدمة، وركوب طرفين من أقصى اليسار وأقصى فصيل الإسلاميين عليها من أجل أجندات قديمة. ورغم ذلك ففئات عريضة تخرج مع الحركة تنتمي إلى حزب المهمشين والمظلومين والمسحوقين، لا تهمها المشاكل الإيديولوجية أو السياسية بقدر إرادتها ورغبتها في الصراخ والتظلم من الفساد واغتنام فرصة حقيقية للبوح والانعتاق والتحرر...
احتواء الحركة لهذه المتناقضات؛ هو ما أثار حفيظة المواطن البسيط الذي يكره بطبعه الواضح والأصيل أن يدخل تحت إطار أي إيديولوجيات بعيدة عن الكرامة والعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية بدل الخليط الذي لا يمكن استيعابه ويولد الشك أكثر من أي شيء أخر.
فهل استطاعت الحركة لحد اليوم أن تنتج خطابا واضحا وأن تلتحم مكوناتها ويصبح لها التجربة الكافية لتذويب الخلافات الإيديولوجية وتوحيد الشعار-الهدف؟

الحركة والشعب؟
درجة تمثيلية الحركة للشعب؟ كل ما ذكرناه في أمر التجانس أثر سلبا في التجييش للشعب لاحتضان الحركة وتموينها بالموجات الشعبية الكفيلة بشد عضد الحركة وتقويتها، خصوصا وإنها لم تستطع إقناع شريحة كبيرة من الشباب باستقلاليتها، فالملاحظ أن العدد الكبير من المشاركين في مسيراتها ينتمون إلى تنظيمات لا تتمتع بإجماع أغلب الشباب المغربي رغم محاولة أعضاء الحركة توحيد الشعارات وتذويب الخلافات الفكرية إلا أن ذلك لم يمنع من تراجع عدد المتظاهرين...

التواصل والخطاب؟
التواصل فرض ضرورة وحتمية وليس فرض حرية واختيار... وهو خطأ مشترك لدى جل الحركات النضالية بالمغرب. لا تلتفت لأهم شيء وهو توضيح الأمور للرأي العام المحلي والدولي بشكل كامل الوضوح لإنجاح عملية الوصول إلى الأهداف وإحراج أكبر لدولة المخزن.
أما الأهداف فهي مشوشة ومن تم ينتج "سوء الفهم الكبير" لمعالمها وأهدافها من طرف مجتمع مغربي أزيد من نصفه أمي، وأزيد من نصف قرن من التدجين والغسل الجماعي للعقل الجمعي المغربي...

الشعب يريد..؟
الشعب يريد.. ماذا يريد الشعب المغربي صراحة؟ وهل وصل لدرجة الوعي الكافية للمطالبة بالحرية والعدل والديمقراطية والكرامة؟ أم كان ترديد تلك الشعارات من باب التقليد ومسايرة الموضة لا غير؟
هل شعب أزيد من نصفه أمي ومدجن ومشحون بخوف وقمع تراكم لأزيد من نصف قرن، يستطيع اليوم تقديم ثورته على الظلم بنظرة واعية ورصينة وثابتة ومتماسكة كالشعوب العربية التي ثارت. أم أن الأمر يتطلب ثورته على نفسه والقطع مع أنانيته وانتهازيته والقضاء على خوفه والتفكير بصوت جماعي تحت لواء أهداف واحدة ومشتركة أولا، ليستطيع تحصيل حقوقه من الحكومة الفاسدة والنظام القمعي ثانيا...
على الشعب أن يقول: الشعب يريد أن يقرأ ويتعلم ويتغير... إذ لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم... فالكثير ممن يسير في التظاهرات يتسم بالجهل بالأمور والثقافة الضحلة؛ رغم أني متأكد بأن الكثيرين منهم حتى من المتحدثين منهم باسم الحركة لا يفهم معنى الملكية الدستورية أو البرلمانية.. ونحن بهذا لا نريد الانتقاء في أن يكون شرط المشاركة في التظاهرات الشعبية المعرفة بدواليب الحكم والمعرفة التامة بالأمور، لكن النضال بالمعرفة والاجتهاد من أجل التنوير حول ما يجري ويدور يؤهل الحركات النضالية والشعبية لأن تكون أكثر فعالية وقوة، وأكثر قدرة على الصمود والاستمرارية...
ولما الشعب يريد.. لماذا لا يخرج كله أو على الأقل نصفه عن بكرة أبيه ليطالب بصوت مدو وواحد الشعب يريد..؟
لازال بيننا وبين الإرادة الموحدة المزلزلة مسافة نضال طويل مرير مع الجهل والخوف ونحو الإرادة الصادقة ونكران الذات...

مسألة المبادئ والصدق في تمثيل الشعب؟
مسألة المبادئ والمصالح الشخصية؛ إذ سيوضح لنا القادم من الأيام مدى صدقية الحركة وأفرادها القياديين، ومدى تشبثهم بمطالب الشعب المغربي أو بالكراسي والمصالح الشخصية. فكاميرات وجرائد وروبورتاجات اليوم تسجل شرفاء أو خونة الغد... حذار..! فالشعب المغربي لن يرحمكم ولن يرحم حركتكم فالتاريخ يسجل ولا ينسى... أين "بنجبلي"، وأين "رشيد سيريت زاطا" وأين "أسامة الخليفي" الذي بدأ رويدا رويدا يظهر في برامج الإعلام التلفزي المخزني ويخفف من لهجته النقدية والمعارضة التي ظهر بها في البداية... فلا تجعلوا هوة اللاثقة التي بين الشعب وبين من يدعي التعبير عنه وعن مطالبه تزداد، فالهوة أصلا كارثية...

ماذا حققت حركة 20 فبراير حتى الآن؟
مسيرات أبت السلطات القمعية في المغرب إلا أن تجعل منها مرة أخرى مجزرة للحرية ومذبحة للكرامة الإنسانية، وتدليلا على أن لا حقوق للإنسان بالمغرب.
فرغم كل ما قلناه فمسيرات 20 من فبراير على الأقل، حركت مياها راكدة لأزيد من نصف قرن، وتقدمت بالمغرب سنوات إلى الأمام على مستويات عدة:

- على المستوى التكتيكي والمرونة والتمرس؛ فالحركة راكمت مجموعة من المكاسب في ميادين مختلفة بدون شك، لعل أكبر هذه الانجازات نجاحها في إفشال رهانات المخزن المختلفة وأسقطتها وفضحتها وهي التي كانت مهيمنة لمدة عقود من الزمن. و هذا ما نعتبره مكسبا سيظل حافزا حقيقيا للحصول على مكاسب أخرى أكثر وترسيخها كأعراف نضالية لا تراجع عنها في مستقبل المغرب المعاصر.
- استطاعت الحركة رغم كل أساليب القمع الممارسة عليها الحفاظ على سلمية الاحتجاج، والتمرس على الصراخ والمطالبة بالحقوق وكسر حاجز الخوف التاريخي للشعب من آلة المخزن.
- أظهرت الحركة قدرة مميزة على الاستمرار في تحريك الشارع المغربي وصمودها رغم التحديات الكبيرة، فالحركة حركة فتية ولا تملك تجربة المخزن في المناورة ولا حجم وسائله الشيطانية.
- التمسك بالوحدة كخيار استراتيجي رغم محاولات الاختراق المتكررة.
- مقاومة الانشقاقات؛ حيث راهن النظام المخزني على التناقضات الإيديولوجية بين مكونات حركة 20 فبراير من أجل إحداث شروخ قوية وانشقاقات لخلخلة تماسكها.
- نجاح الحركة في تطوير أساليب الاحتجاج وشن حملات تواصل ناجحة ولو نسبيا لتوضيح المواقف، والتخلص من أي شبهة من شبه الارتباط الخارجي، مع التحلي باليقظة التامة والتصدي لمحاولات الاختراق الأمني والمالي.
- التشكيك في دوافع الحركة؛ بحيث شن المخزن حملة شخصية على مناضلي الحركة وقذفهم عبر الأقلام المحسوبة عليه بشتى الصفات والنعوت فمنهم الشواذ و"وكالين رمضان" وأنصار البوليساريو ومرتبطين بجهات خارجية... لكن الأيام أثبتت عكس المقولات الرائجة.
- قصر النفس؛ حيث راهن النظام المغربي على الزمان كعادته للتخفيف من الزخم الشعبي من خلال جرجرة مواعيد التعديلات والإصلاحات، وراهن على إدخال الحركة في دوامة الروتين والتآكل الذاتي (نفس الأشكال النضالية، نفس الوقفات، نفس المطالب). لكنه تفاجأ بأشكال الإبداع الشبابي والواجهات غير المتوقعة التي نجحت الحركة في فتحها.
- القمع والإرهاب؛ من خلال التدخل العنيف والاعتقالات والتضييق والمحاكمات والمتابعات وتوظيف أصحاب السوابق... كلها وسائل انتهجها المخزن ضد الحركة وجربها في جل المدن المغربية، ورغم ما خلفه القمع المخزني من خسائر فأرباح الحركة السياسية والإعلامية كانت أكبر لأنها نجحت في إسقاط وتعرية مقولة "الاستثناء المغربي".
- عزل الحركة عن روافدها النقابية والاجتماعية؛ فالنظام بقراره المفاجئ الزيادة في الأجور وتوظيفه لمجموعات من المعطلين والاستجابة لبعض المطالب القطاعية في التعليم والسكك الحديدية والفوسفاط حاول فصل الحركة عن روافد الاحتجاج التي يمكن ان تدعمها وتقويها وتنضم إليها...
- محاولة الاختراق الأمني والمالي من لوبيات وشخصيات محسوبة على "البنية المخزنية" وإفساد الحركة ماليا من خلال التمويلات المشبوهة والدعم اللوجيستيكي المقدم.(يكفي تصفح بسيط في الفايسبوك وفي اليوتوب لمعرفة عدد الصفحات المضادة للحركة، وعدد الفيديوهات المنتجة من طرف النظام لضرب الحركة وتشويه نقاءها وأصالتها ونبل أهدافها)...
- خلط الأوراق؛ حيث حاول النظام من خلال حادثة أركانة، أو اعتقال الصحافي رشيد نيني تشتيت الرأي العام، وإحداث حالة من البلبلة والتشويش على حركات الاحتجاج الشعبي، وتصويرها كمثيرة للفوضى والشغب والفتنة...
- الدعم الخارجي؛ حيث دشن المخزن حملة دبلوماسية روج من خلالها لروزنامة إصلاحاته وتمكن من الحصول على الدعم الفرنسي والدولي، كما حاز شهادات حسن السيرة والسلوك والإشادة الأمريكية. لكن هل تصمد حملة العلاقات العامة هذه أمام ارتفاع وثيرة الحراك الاجتماعي والشعبي بعد تكشير المخزن عن أنيابه التي يحاول إخفاءها؟ وهل تصمد أمام الفضائح الإعلامية المتوالية للمخزن، وأمام مشاهد القمع التي تسربها حركة 20 فبراير على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الفضائيات الدولية، وفي تقارير المنظمات الحقوقية الدولية؟
- كما عملت على كشف أساليب المخزن؛ بصدد القمع الموجه ضد حركتها المطلبية العادلة، والذي يحاول الخطاب الرسمي تقديمه كدفاع مشروع عن مصالح مشروعة، فخصوم الحركة حسب هذا الخطاب هم "تجار" تضررت تجارتهم، و"سكان أحياء شعبية" يرفضون المس بالطمأنينة في أحيائهم، و"مستقلون" غيورون على الديمقراطية داخل الحركة، و"مؤيدون للدستور".. لكن الجزء الحقيقي والأكبر من الصورة والذي يتم تغييبه في أحايين كثيرة هو أن هؤلاء لم يكونوا محتاجين إلى حافلات و"هوندات" وهراوات من الحجم الكبير، وسكاكين وشواقير، ومنصات تقام في مواعيد وأمكنة المظاهرات، للتعبير عن مواقفهم أمام بل وبمباركة الأمن "الوطني"!

وبعد؛
مهما كانت انتقاداتنا ومؤاخذاتنا عن الحركة، فمن دون أدنى شك أن حركة 20 فبراير حركت بركة المغرب الآسنة على جميع المستويات، وأنقذت بظهورها وبروزها على سطح المشهد السياسي والنضالي بالمغرب ماء وجه الشعب المغربي كشعب حي وناهض وواع، وإلا فإننا كنا سنصنف في قائمة أجبن وأخنع الشعوب العربية والمسلمة، وهي وصمة عار لا يريد أي شعب، بل وأي نظام! أن يتصف بها...
لقد ساهم الحراك الشعبي العربي في إكساب المغاربة لعدة منجزات حقوقية وسياسية لعل أهمها إسقاط القدسية عن بعض الشخصيات والرموز والطابوهات كالفصل 19، وإمارة المومنين، والملكية المطلقة، والمربع المحيط بالقصر وحاشيته كمساعدي الملك وأصدقاؤه.
كما استطاعت الحركة تجييش مئات الآلاف من المواطنين كل شهر، وفي أغلب المدن المغربية الكبرى، حيث تراوحت نقط نزول الحركة إلى الشارع ما بين 40 إلى 100 نقطة جغرافية، وشهدت الحركة توافد فئات جديدة. ومجرد استمرار حركة ووُجهت بأشكال قاسية للاضطهاد هو في حد ذاته معجزة ببلاد تنعت ببلاد "المخزن". كما أنها حررت طبقات الشعب من الخوف، وجعلت من الاحتجاج والمطالبة بالحقوق سلوك يومي عادي لدى كافة طبقات الشعب. كما أكدت الحركة أن المغرب لا يشكل استثناءا كما يزعم البعض وخصوصا منهم المفسدون وحماة الفساد.
ورغم ذلك كله لم تستطع الحركة خلق هوية وبصمة خاصة بها لحد الآن؛ إلى حد بدت معه هذه الأخيرة وكأنها مجرد واجهة لتصريف الخطابات السياسية والإيديولوجية لبعض الأطراف الوافدة على الحركة. وذلك ما سجلته تقارير المتتبعين للمسيرات التي نظمت مؤخرا في بعض المدن. الأمر الذي سيفرض عليها معالجة هذه الثغرة بأسرع وقت ممكن.
كما لا نعرف هل توقع الحماسة والإسراع من وثيرة الوقفات والمسيرات الحركة في أزمة مع ذاتها ومع الدولة ويفرغ نضالها من محتواه العميق! أم أن الأمر يسير باتجاه التظاهر اليومي، إلى حدود الاعتصام الدائم؟ إذ على الحركة الانتباه والتحكم في سرعة سير ومسار الحركة بالشكل الذي يتماشى مع طاقتها الحقيقية والظروف الموضوعية.
ثم ما هي خيارات المستقبل المطروحة على الحركة والتي عليها التعامل معها بجدية وحكمة؛ فإما الشروع في خلق حزب يكون امتدادا للحركة، أو الإبقاء على الحركة في حالتها الطبيعية أي كحركة تمثل الشعب وتسهر على الوقوف إلى جانب مطالبه وحقوقه... ونحن مع الخيار الثاني، لكن مع الحيطة أن تصير الحركة مجرد حركة افتراضية مبهمة وملغومة.
فهل نحن بصدد مشروع نهضة مغربية حقيقية؟
برأيي الشخصي المتواضع أرى أن الشعب المغربي لم يثر بعد ثورته الشخصية الحقيقية والأصيلة. لكن لا يمنعنا هذا من القول أن من ما وقع ويقع من ال 20 من فبراير إلى حدود اليوم، هو بمثابة تمرين جماعي وحقيقي للشعب المغربي على ممارسة الديموقراطية كما يراها وليس كما تفصل له من طرف المفسدين... وهي خطوة ستكون لبنة أساسية من لبنات بناء تاريخ المغرب المعاصر في الأمد القريب...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.