أكد رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن الحكومة منفتحة على دراسة المطالب النقابية الواقعية، التي تراعي التوازن المالي للدولة وتنافسية المقاولات والاقتصاد الوطني، والتي تروم النهوض بظروف عيش الفئات الهشة من المجتمع. وقال ابن كيران في كلمة خلال استئناف جولة جديدة من الحوار الاجتماعي بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، إن الحكومة "منفتحة على دراسة المطالب الواقعية والتي تراعي التوازن المالي للدولة وتنافسية المقاولات والاقتصاد الوطني، وخاصة تلك التي تهم الفئات الهشة من المجتمع، مع التركيز أكثر على الفئات المهمشة من المواطنين، إنصافا لها ومراعاة لمصلحة الوطن ومستقبل المغرب واستحضارا لمبادئ الإنصاف والعدالة وتكافؤ الفرص".
وأبرز عزم الحكومة على إنجاح هذه الجولة من الحوار، وتمسكها به كآلية لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، بما يضمن استقرار الأوضاع الاجتماعية للأجراء والمقاولات، ويسهم في تحسين المناخ الاقتصادي والاجتماعي، ويعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني.
واعتبر ابن كيران اختلاف المواقف والتصورات بين الأطراف أمرا "طبيعيا ومنطقيا"، مشددا على الحاجة الملحة إلى تضافر جهود الجميع، فرقاء اجتماعيين واقتصاديين وحكومة، من أجل توفير الظروف المناسبة لتسريع وتيرة النمو وإرساء الآليات اللازمة من أجل تحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية وضمان سبل العيش الكريم لكل المواطنين والفئات.
ونوه رئيس الحكومة بجهود اللجنة التقنية للتحضير لجلسة الحوار الاجتماعي، مبرزا أنها اقترحت على أنظار الجلسة تكليف لجنة واحدة مشتركة تشتغل وفق جدولة زمنية محددة في أفق إعداد مشروع اتفاق سيتم عرضه في أجل أقصاه نهاية أبريل 2016.
وأعرب رئيس الحكومة عن أمله في أن يشكل هذا اللقاء "بداية جديدة لحوار اجتماعي منتظم وبناء"، وأن يستمر التواصل بين جميع أطراف الحوار من أجل معالجة الإشكاليات المطروحة، بما يضمن استقرار البلاد وأمنها الاجتماعي، والحفاظ في نفس الوقت على مكتسباتها الاقتصادية والمالية.
كما استحضر يران الظرفية الاقتصادية والمالية التي مرت بها المملكة في بداية الولاية الحالية، مبرزا "المجهودات الجبارة" التي بذلتها الحكومة من أجل الوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتقها واتخذت إجراءات إضافية ذات حمولة اجتماعية كبيرة.
وفي هذا الصدد، ذكر بإنجازات الحكومة على الصعيد الاجتماعي، ومنها على الخصوص تخصيص 13,2 مليار درهم سنويا لتنفيذ اتفاق 26 أبريل فيما يتعلق بالزيادة في الأجور والرفع من الحد الأدنى للمعاش والحوارات القطاعية، واتخاذ مجموعة من التدابير لتحسين وضعية الشغل والحماية الاجتماعية، من قبيل الرفع من الحد الأدنى للمعاش لفائدة 12 ألف و500 مستخدم بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، والرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص ب 10 في المائة، ورفع الحد الأدنى للأجور بالوظيفة العمومية إلى 3000 درهم صافية شهريا، لفائدة 53 ألف مستفيد.
كما أبرز جهود الحكومة من أجل تصحيح اختلال التوازنات الاقتصادية الكبرى، والتي مكنت من تحسين عجز الميزانية من 7,3 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2012 إلى 4,3 في المائة سنة 2015، مؤكدا أنه بالرغم من ذلك، فإن "الإكراهات المالية لاتزال قائمة، مما يحتم مواصلة مجهود ضبط النفقات العمومية، وتحسين التوازنات المالية والتنافسية، مع إيلاء عناية خاصة بالفئات الضعيفة والمهمشة من عموم المواطنين".
وعلى صعيد آخر، سلط ابن كيران الضوء على مجهودات الحكومة من أجل تسهيل حياة المقاولة عبر مجموعة من التدابير، من بينها بالأساس معالجة دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم منذ سنوات، وتسريع إرجاعات الضريبة على القيمة المضافة، وتسريع أداء المتأخرات المتراكمة على الإدارات والمؤسسات العمومية، وتقليص آجال التسديد المتعلقة بالصفقات العمومية، والتطبيق الفعلي للأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية في احترام للالتزامات الدولية للمغرب، وتفعيل استفادة المقاولات الصغرى والمتوسطة من حصة 20 في المائة من الصفقات العمومية، وتفعيل المقتضيات المتعلقة بتقديم التسبيقات للمقاولات.
وخلص ابن كيران إلى اعتبار ما تحقق من مكتسبات اجتماعية في ظل ظرفية اقتصادية هشة على المستوى الاقليمي، وخاصة لدى شركاء المغرب الاقتصاديين، "إنجازا حقيقيا وتعبيرا عن حرص الحكومة على ضمان شروط التوازن الاجتماعي"، مؤكدا أن هذه المكتسبات حظيت بتقدير مختلف المؤسسات الدولية، وعززت ثقة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين في صحة الاقتصاد الوطني.
وانطلقت، اليوم الثلاثاء بالرباط، جولة جديدة من الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
ويشارك في هذه الجولة، التي يترأسها رئيس الحكومة، اعبد الإله ابن كيران، ممثلو مركزيات الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فضلا عن رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
كما يتميز هذا اللقاء بحضور محمد حصاد، وزير الداخلية، والشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، ومحمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، وعبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، ومصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، ومحمد نبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، ومحمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، ومحمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة.
ومن المرتقب أن ينكب أطراف الحوار الثلاثة على مناقشة مجموعة من المواضيع، منها على الخصوص، إصلاح أنظمة التقاعد، وتحسين الدخل، والحريات النقابية.