اسمحوا لي في بداية هذا العمود أن أستعير من الكاتب نبيل التومي هذه المقدمة كمدخل في محاولة متواضعة لمعرفة ما تزخر به الساحة السياسية في بلدنا الحبيب ومنه في مدننا وقرانا وجماعاتنا الحضرية والقروية من "كائنات السياسة" أفاقت من نومها فوجدت نفسها منتخبة في مجالس مختلفة، فهل يمكن إذن اعتبار هؤلاء سياسيون أم مراهقون سياسيون أم...، إن بعض الناس يكبر، دون أن يمر في فترة المراهقة بسبب ظروف نشأته الخاصة التي قد تكون مادية أو سياسية أو اجتماعية أو...، جعلتهُ يتجاوز مرحلة مهمة من حياته؛ دون الحصول على بعض الخبرة والتجربة التي تخص تلك الفترة من فترات النمو أو التطور البشري الطبيعي. فتلغى مرحلة على حساب أخرى، أو قد يختزلها ليدخل مباشرة سّن النضوج (وليس كل من يحرق المراحل ناجحاً في بناء شخصيته) إلا في حالات خاصة جداً، بعبارة أخرى فإنه من الضروري المرور والعيش في مختلف تلاوين وأشواط الحياة المتتابعة من أجل التطور الإنساني الطبيعي، كالطفولة والمراهقة والشباب ثم الرجولة. ويبقى البعض يراوح في طور المراهقة حتى وإن تجاوز السنوات بل العقود من عمره وهذا للأسف، ولسوء طالع الشعب المغربي، ما يصاحب أغلب الأحزاب السياسية وقادتها والمنتسبين إليها والمنتخبين خصوصا بالجماعات القروية والحضرية والتي بقيت في طور المراهقة ولم تخرج منهُ بعدُ. إن الوقت الراهن يحتاج الى رجال بالغين وناضجين حكماء أكفاء سياسيا تجاوزوا سنوات المراهقة السياسية والطفولة، ولهم من الخبرة والباع الطويل في الحياة المستقرة والهادئة وقد قرأوا التأريخ بشكل عقلاني يستخلصون منه العبر في ميزاته الحسِنة وينشئون عليه ما هو مشترك ونافع للجميع في التطبيق العملي، وهذا ما يجعلهم يظهرون بمظهر الأكفاء من ذوي المقدرة في اتحاذ القرارات السياسية الحاسمة التي تدخل التاريخ من بابه الواسع، وليس كما يحدث الآن في تطبيقات كثير من الأوامر التي تصدر من بعض مراهقي السياسة وأصحاب النفوذ، والتي لا تخدم سوى المصالح الضيقة الأفق، الحزبية والشخصية. فعندما تستمع لحديث بين "سياسيين" يدور حول ابحث عن كيفية الانتقام من مواطن لأنه شارك في حملة انتخابية مع حزب آخر، وعندما يتم استحضار اللون الحزبي للمواطن لتوقيع وثائقه بالجماعة القروية، وعندما تغيب الرؤية الشمولية للتنمية المحلية، وعندما يستحضر المستشار الجماعي المصلحة الخاصة له ولعائلته على حساب المصلحة العامة، وعندما لا يستحضر المستشار الجماعي الانتماء لهذا الوطن لوضع لبنات التنمية المحلية، وعندما يكون هم الحزب عدد المقاعد المحصل عليها ضدا على قوانينه الأساسية وآراء قياداته، وعندما يستفيد المستشار الجماعي من بطائق الدعم الاجتماعي منافسا عمال جمع القمامة، وعندما...وعندما.... فإننا بدون شك أمام زلزال أوشك أن يجرف الحاضر والغائب، ولن يقدم هذا البلد شبرا إلى الأمام بل يؤخره سنين إلى الوراء. فتلك لعمري هي المراهقة السياسية بعينه. عبد العالي زينون - طالب بالمعهد العالي للإعلام والإتصال